Al-Quds Al-Arabi

موريتانيا: مقابلة الغزواني لأبرز مناصري الرئيس السابق تثير ضجة كبرى

- نواكشوط ـ «القدس العربي» من عبد الله مولود:

ما تزال كوابيــس الرئيس الموريتاني الســابق محمد ولد عبد العزيز تزعج خصومــه الذين يتابعون تفاعلات مســاءلته من طرف شــرطة الجرائم المالية ويترصدون مآلات ملفه، كما تقلق أنصــاره الذين يبحثون عن مخرج لزعميهــم الذين طوقتــه التحقيقــا­ت البرلمانية وضيقت الخناق عليه، تدقيقات أجهزة مراقبة الفساد.

ويرى الكثيرون أن مقاومة الرئيس السابق للتحقيقات ورفضه الخروج من الحلبة، يهــدد موريتانيا التي يطمح أهلها للدخول في عهد الاستقرار والرفاه بعد سنوات حكم الرئيس السابق التي يسميها خصومه «عشرية اللهب.»

ووقع اســتقبال خص به الرئيس محمد ولد الغزواني، الثلاثاء، وزير الخارجية الســابق، إسلكو ولد أحمد إزيد بيه، وهو أبرز مناصري الرئيس الســابق كالقنبلة، حيث أثار ضجة كبرى بين السياســيي­ن والمدونــن، فبينما هلل لهذه المقابلة المفاجئة أنصار الرئيس الســابق واعتبروها نصراً لقضيــة زعيمهم، أصيب خصوم الرئيس الســابق وبخاصة مــن يســاندون الرئيس الحالي على أســاس معاقبتــه لســلفه، بخيبة أمل عبــر عنها كبــار المدونين وانشغل لها عموم المواطنين.

ومما أيــد الطابــع التصالحي للمقابلــة توقف الوزير إســلكو منذ فترة عن التدوين، حيث إنه كان نشــطاً على شبكة التواصل.

وكان الوزير السابق ولد إزيد بيه قد استقال من منصبه ســفيراً لموريتانيا في روما، احتجاجاً على ما اعتبره زجا باسمه من طرف لجنة التحقيق البرلمانية في قضية جزيرة «تيدره» بالمحيط الأطلســي التي ذكــر التحقيق البرلماني أنه كان واسطة في بعض حلقات «بيعها أو هبتها بمقابل» لطرف خارجي.

وبُعيد الاستقالة ظهر ولد إزيد بيه في مقدمة مناصري ولد عبد العزيز، ووقع بيانات مناصرة ولد عبد العزيز بعد استدعائه من طرف محققي شرطة الجرائم.

ونقلت وكالة «الأخبار» الموريتاني­ة المستقلة عن مقربين من الرئيس الســابق تأكيدهم بأن اللقــاء بين الغزواني وإزيد بيه، تم بالتنســيق مع الأخيــر»، مؤكدين «أن لقاء جمع ولد عبــد العزيز فــي منزله ليلة البارحــة بالوزير السابق ولد إزيد بيه، كان تحضيراً للقاء القصر».

ووفــق أنصار ولد عبد العزيز «فــإن اللقاء يأتي ضمن مفاوضات لطي ملف تقرير لجنة التحقيق البرلمانية والذي تم بموجبه اســتدعاء ولد عبد العزيز عدة مرات للتحقيق من طرف شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية».

وكتب المدون محمد الأمين الفاضــل رئيس حراك «معاً ضد الفســاد»، في تعليق له على المقابلة المثيرة «لم أبحث أصلاً عــن معلومات حول هــذه المقابلة لأنــي لا أرى لها أي أهميــة في تغييــر وجهة نظري حــول اللقاء لأن لدي بعــض الاســتنتا­جات التحليلية التــي أرى بأنها تقترب من المعلومات، وســأعتبره­ا معلومات، إلى أن أتوصل إلى معلومات تفندها».

وأضاف: «أول استنتاج تحليلي يمكن أن أقدمه في هذا المجال هو أن فرضية تســوية هذا الملف في مثل هذا الوقت تبقى شبه مســتحيلة، ولا أظن أن تســوية الملف في مثل هــذا الوقت ممكنة، بل إني أعتقد أنــه أصبح خارج دائرة التســويات، وحتى ولو افترضنا جدلاً بأن هناك تسوية تطبــخ على نار هادئــة، فمن المؤكد بــأن وزير الخارجية الســابق الذي اتخــذ موقفاً حاداً لن يكــون هو رجل تلك التســوية؛ فهل تعتقدون بأن الرئيس غزواني إذا فكر في تسوية ما لهذا الملف ســيلجأ إلى الشخص الذي كان أكثر حدة، والأكثر تموقعاً مع «خصمه؟».

وتابــع الفاضل: «الرئيس غزواني منذ فتحه لهذا الملف اعتمد على اســتراتيج­ية واضحة قائمــة على أنه لا يريد أن يخســر أي أحد من رجال النظام الســابق، ولقد عمل

محمد ولد عبد العزيز على عزل الرئيس السابق عن أركان نظامه، ونجح بشكل كبير في ذلــك، وربما يكون اللقاء بالوزير إســلكو يدخل فــي إطار هذه الاســترات­يجية، ويبقى أن أقــول بأن هذه الاســترات­يجية كانت مهمة في الفترة الماضية، لكني أعتقد بأن صلاحيتها ستنتهي بعد وصول الملف إلى القضاء.»

وزاد الفاضل: «التســوية المحتملة حسب وجهة نظري ســتكون بعد وصول الملف إلى القضاء، وربما بعد صدور الأحكام، وأظنها ستكون تحت عنوان: النجاة من السجن مقابل إعادة الأموال المنهوبة.»

وقال: «الرئيس غزواني معروف بعدم التسرع والتأني من قبل اتخاذ القرارات، فهو لا يتخذ قراراً من قبل دراسته بشــكل جيد، وهذا النــوع من الرجال عندمــا يتخذ قراراً يصعب عليــه أن يتراجع عنه، وعندما قــرر أن يفتح هذا الملف أصبح من المســتبعد جداً جداً جداً أن يغلقه من قبل الوصول إلى النهاية، وفي المقابــل، يضيف الفاضل، فإن الرئيس الســابق محمد عبد العزيز يعرف بالســرعة في اتخاذ القرارات وبــروح المخاطرة، فهو إمــا أن يربح كل شيء أو يخسر كل شــيء.. أيضاً هذا النوع من الرجال لا يميل إلى المســاومة ولا إلى التسويات، وهو لا يتوقف في منتصف الطريق، بل لا يتوقف إلا بعد أن يربح كل شــيء أو يخسر كل شيء».

وتابع الفاضــل تحليليه قائلاً: «كثيرون يســتغربون من الرئيس السابق سيره في طريق سيجعله في النهاية يخسر كل شيء، ولكن ما فات أولئك بأن الرئيس السابق قد خاطر عدة مــرات وحقق أرباحاً من تلــك المخاطرات، الشــيء الذي جعله يخاطر هذه المرة، دون أن يدري بأن المخاطرة هذه المرة قد تكون مكلفة، بل مكلفة جداً».

وفي ســياق متصل، بادر شنوف ما لكيف المدير الناشر لموقع «الطوارئ» الإخباري المســتقل، وهو من مســاندي الرئيس الغزواني، ليقول في تدوينة له أمس: «معلوماتي أن اللقــاء جرى بطلب من الوزير الســابق، وقد ســبقته تحركات في اتجاه انســجام الدكتور إزيد بيه في صفوف الأغلبية الداعمــة للرئيس، ولم يتطــرق اللقاء للقضايا المحالة إلــى القضاء ذلك أن رئيــس الجمهورية مهتم جداً بفصل السلطات، كما لم يتطرق اللقاء لأي وساطة ولا أي تدخل بين رئيس الجمهورية والرئيس السابق».

أما موقع «إنسياتيف انيوز» الفرانكفون­ي فقد جزم بأن «الرئيس السابق يبحث عن حل خارج القضاء، يضمن له عدم المحاكمة مقابل إعادته للأموال المنهوبة والابتعاد عن السياسة»مضيفاً «أن الاتجاه لحل خارج القضاء قد يكون في صالح الرئيــس الغزواني، حيث إن ســجن الرئيس السابق وأعوانه سيفتح له جبهة غير مفيدة».

وخلص الموقع إلى أن الهدف من تدخل الوزير الســابق إســلكو إزيد بيه فــي هذه القضيــة ومقابلتــه للرئيس الغزواني، قد يكون الســعي لقطــع النبتة من تحت أقدام «السيدة العدالة».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom