تونس: المشّيشي يتعهد بإعادة مشروع قانون الإعلام للبرلمان ... وهيئة الاتصالات تحذر من المس بالأمن القومي

الطبّوبي يحذّر من تحكّم لوبيات المال والسياسة في الخط التحريري لوسائل الإعلام

حســم رئيس الحكومة التونســية، هشــام المشيشــي، الجــدل المتواصل حول ســحب الحكومة لمشروع قانون تنظيــم الإعــام، حيــث تعهــد بإعادة المشروع للبرلمان بعد تعديله، في وقت حــذّرت فيه هيئــة الاتصال الســمعية والبصريــة مــن محاولة ضــرب حرية التعبيــر والمس بالأمــن القومي للبلاد، في حين نبــه اتحاد الشــغل من تحكّم لوبيــات المــال والسياســة بالخــط التحريري لوسائل الإعلام.

وكانــت المعارضــة ونقابــة الصحافيــن واتحــاد الشــغل اتهموا الحكومــة بإبــرام صفقــة سياســية لضــرب قطاع الإعــام، بعدمــا لجأت رئاســة الحكومة إلى ســحب مشروع قانون يهدف إلى تعديل المرســوم 116 المتعلق بتنظيم المشهد الإعلامي، حيث جاء ذلك بالتوازي مع مناقشة البرلمان لمشروع مشابه تقدمت به كتلة ائتلاف الكرامة، وأثار جدلاً سياســياً واســعاً في البلاد.

وأكّدت ســماح مفتاح، المستشــارة الإعلاميــة لرئيــس الحكومــة، فــي تصريحــات صحافيــة الأربعــاء، أنّ

رئاســة الحكومــة ســحبت مشــروع القانــون مــن مكتــب مجلــس نــواب الشــعب "لمراجعتــه بما يضمــن حرية التعبيــر والإعلام ودســتورية القانون وعــدم المســاس بمصلحــة القطــاع" مشيرة إلى أنه "ســيتم إرجاع مشروع القانون للبرلمان في أقرب الآجال وذلك بعــد استشــارة المتدخلين فــي القطاع والاتفاق على محتواه وتوجهاته التي تلــزم الحكومــة وتســتجيب لتطلعات أهل القطاع".

كمــا كشــفت عــن لقــاء لرئيــس الحكومة هشام المشيشــي مع ممثلين عن نقابة الصحافيين وجامعة الإعلام )تابعــة لاتحــاد الشــغل(، لمناقشــة المقترحــات المتعلقة بمشــروع القانون المذكور.

من جانب آخر، وجّهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري )الهايكا( رســالة مفتوحــة إلى رئيس الحكومــة حــول ســحب الحكومــة لمشــروع قانون تنظيم الإعــام، أكدت فيها أن المشروع المذكور تمت صياغته "بشــكل تشــاركي على مدى ســنوات وكان محــل توافــق من قبــل مختلف المؤسســات والــوزارات والهيــاكل والخبــراء والمنظمــات التونســية والدوليــة المعنيــة بالقطــاع الســمعي البصري. وتعتبر الهيئة أن سحب هذه المبــادرة )المشــروع( يعــد تراجعاً عن التزامــات الحكومات الســابقة ونيلاً مــن المكاســب التــي تحققــت إلى حد الآن فــي مجال حريــة التعبير والرأي والإعــام وضربــاً لمبــدأ اســتمرارية الدولة وعــدم اعتبار للمجهودات التي بذلت من أجل صياغة مشروع قانون توافقــي يهــدف إلــى تطويــر القطاع وضمــان المعايير الضروريــة لحريته واستقلاليته".

كمــا حــذرت الهيئــة من المشــروع المقدم من قبل ائتلاف الكرامة، والذي اعتبرته "محاولة صريحة لوضع اليد على الهيئة التعديلية واختراق الإعلام

وتوظيفــه خدمــة لمصالــح حزبيــة ضيقة"، محملة الحكومة "المســؤولية كاملة فــي أي محاولة لضــرب حرية التعبيــر والإعلام أو المس من ســيادة الدولــة وأمنهــا القومي وســامة كل مؤسســات القطاع والعاملــن بها أو تقويض مســار الانتقــال الديمقراطي

في تونس".

وأضــاف البيــان: "إن تنقيــح المرســوم فــي نقطتــن اثنتــن بتعلة تحرير قطــاع الإعلام )وفق مشــروع ائتــاف الكرامــة( يهــدف بصفــة واضحــة لتحقيــق المحاصصــة الحزبية فــي تركيبة الهيئــة بما يحد مــن اســتقلاليتها وصلاحياتهــا ووضــع اليــد علــى الإعلام مــن قبل أحــزاب متنفذة بما يخــدم مصالحها على المســتويين الوطنــي والإقليمي، إضافــة إلى أن قطــاع الإعلام لا يمكن أن يدخــل في منطق اقتصاد الســوق باعتبــاره مرفقــاً عامــاً له مســؤولية مجتمعيــة وباعتبــار التــرددات التي تستغلها القنوات هي ملك عام للدولة التونســية لا يمكن التفريط فيها دون التزامــات ودون شــروط مســبقة تضمــن اســتغلالها لفائــدة المصلحة العامة".

فيمــا قامــت الكتلــة الديمقراطيــة بتبنــي المشــروع الــذي ســحبته الحكومة، حيث قمت بإيداع مشــروع القانــون المذكور مجدداً فــي البرلمان، تمهيــداً لمناقشــته والمصادقــة عليه، مشيرة إلى أن المشروع المذكور "حظي بتوافــق واســع مــن أغلــب المهنيّــن والمتداخلــن فــي القطــاع الإعلامــي الســمعي البصــري والــذي نأمل أن

يؤســس لإعــام مهنــي وموضوعي يســتجيب للمعايير الدولية ويساهم فــي الارتقــاء بالوعــي العــام"، وفق مــا دوّن النائــب عــن الكتلة، هشــام العجبوني.

في حــن أكد الأمين العــام لاتحاد الشــغل، نور الديــن الطبّوبي، رفض الاتحاد لمبــادرة تنقيح المرســوم 116 التي اقترحها ائتلاف الكرامة، مشيراً إلى أن مشــكلة قطاع الإعلام ليســت فــي كثــرة وســائل الإعــام، وإنمــا فــي معالجة المشــاكل التي يعيشــها العاملــون في هــذا القطــاع، فـ"هناك عدد كبير مــن الصحافيين يتقاضون أجــراً أقــل من الحــد الأدنــى، ودون تغطية اجتماعية".

كمــا كشــف الطبوبي عن ســيطرة "لوبيــات المــال الفاســد علــى الخط التحريــري فــي عــدد مــن الوســائل الإعلاميــة، بالإضافــة لســيطرة وضغوطــات بعــض اللوبيــات السياســية"، مشــيراً إلى أن ســحب رئاســة الحكومــة لـ"المشــروع الذي شــاركت فيــه كل مكونــات المجتمــع المدني والهيــاكل النقابيــة الإعلامية والمكونات السياسية المكونة لحكومة إليــاس الفخفــاخ ليلة تقــديم المبادرة )الخاصــة بائتــاف الكرامــة( يثيــر عدداً من الشكوك والتأويلات".

نور الدين الطبوبي