Al-Quds Al-Arabi

البنك الدولي يتوقع انكماش الاقتصاد الفلسطيني 8% هذا العام

-

■ رام الله - الأناضول: توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنســبة 8 في المئة خــال 2020، تحت تأثير أزمتي جائحــة كورونا، وتعطل تحويل عائدات المقاصة من إســرائيل، وتباطؤ اقتصــادي بدأ في 2019، في الوقت الذي استمر تراجع مساعدات الدول المانحة.

وقــال في أحدث تقاريره «بعد ثلاث ســنوات متتالية مــن نمو اقتصادي يقــل عن 2 في المئة، أثبت عام 2020 أنه صعــب للغاية حيث يواجه الاقتصاد الفلسطيني أزمات ثلاث تشد كل منها الأخرى».

والأزمات الثلاث، حسب البنك الدولي، تتمثل في «تفشي جائحة كورونا، وتباطؤ اقتصادي حاد، ومواجهة سياســية أخرى بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلي­ة، عطّل تحويل إيرادات المقاصة».

ووفقا للتقرير، فقد انكمش الاقتصاد الفلســطين­ي في الربع الثاني 4.9 في المئة على أســاس فصلي )مقارنة مع الربع السابق( و3.9 في المئة على أساس سنوي.

وتوقع عودة الاقتصاد المحلــي للنمو لكن بوتيرة بطيئة لا تتجاوز 2.3 في المئــة في 2021، و2.4 في المئة في 2022، مع اســتمرار أثــر الصعوبات المالية والاقتصادي­ة خلال الأمدين القصير والمتوسط.

وأضاف «على الرغم من أن الإغلاق لم يؤثر إلا على شــهر واحد في الربع الأول مــن 2020، فإن انخفاض النشــاط الاقتصادي كان ســريعاً وواســع النطاق». وتابع «انخفضت جميع مكوِّنــات إجمالي الناتج المحلي مع تراجع الاستهلاك، والاستثمار­ات الرأســمال­ية، والصادرات، وازداد الضغط المالي على الســلطة بســبب تفشــي كورونا، وقرار وقف التنســيق مع الحكومة الإسرائيلي­ة الذي أدى إلى تعليق جديد في إيرادات المقاصة».

وتمكنت الحكومة الفلســطين­ية من خفض نفقاتهــا الإجمالية في النصف الأول من العــام الجاري، رغم زيــادة الإنفاق الطبــي والاجتماعي لمواجهة تفشــي الجائحة. وكان نمو أسعار المســتهلك­ين متواضعاً قبل تفشي المرض، حيث كانت الأســعار تتحرك عموماً في نطاق يتراوح بــن واحد واثنين في المئة. لكن منذ أبريل/نيســان الماضي تحول النمو في الأسعار إلى الانكماش، بسبب تراجع الطلب الاستهلاكي.

وبشــأن الوظائف، التقرير ذكر أن 121 ألف شــخص فقدوا وظائفهم في الربع الثاني فقط، مع تفشي الجائحة، 96 ألفا منهم في الاقتصاد الفلسطيني نفســه، خصوصا في قطاعي الســياحة والبناء، و25 ألفا كانوا يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي.

يذكر أن دعم كبار المانحين العرب والأجانب لخزينة الســلطة الفلسطينية قد تراجع بشدة خلال العام الجاري. فمن متوسط نحو 1.1 مليار دولار سنوياً حتى عام2013، تراجع الدعم تدريجيا حتى اســتقر عنــد 500 مليون دولار فــي 2019. وحتى عام 2016، كانت الولايات المتحدة إلى جانب الســعودية، تصنفان كأكبر مانحين فرديين للميزانية، حسب ما تظهره البيانات التاريخية لوزارة المالية الفلسطينية.

وقد توقف الدعم الأمريكي اعتباراً من 2017. ســبق التوقف تخفيف المنح الموجهــة للميزانية، إذ بلغ الدعم الأمريكي فــي 2013 نحو 350 مليون دولار، وبدأ بالتراجع مع توجه الســلطة الفلسطينية للانضمام إلى منظمات دولية، بعد حصولها على عضوية بصفة مراقب بالأمم المتحدة.

في 2016، وهو آخر عام دعمت فيه الولايات المتحدة الميزانية الفلسطينية، بلغ إجمالي مســاعداته­ا 76 مليون دولار أمريكي، بينما تم تحويل 65 مليون دولار مطلع 2017، قبيل تولي الرئيس دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة.

اعتبــارا مــن مــارس/آذار 2017 حتى اليوم لــم تتلق حكومة الســلطة الفلسطينية دولاراً واحداً من الإدارة الأمريكية لدعم الميزانية، وسط ضغوط مــن البيت الأبيض على الفلســطين­يين للعــودة إلى طاولــة المفاوضات مع إسرائيل.

ومن متوســط 20 مليون دولار شــهرياً، تراجع متوسط الدعم السعودي للميزانية الفلســطين­ية خلال آخر ثلاثة أعوام إلى متوســط ‪-12 10‬مليون دولار شهرياً. وتراجع الدعم السعودي الموجّه للميزانية الفلسطينية بنسبة 77.2 في المئة على أساس سنوي، خلال أول ثمانية شهور من 2020، إلى 30.8 مليون دولار، نزولا من 130 مليون دولار في الفترة المناظرة من 2019.

ولم تكن الســعودية الدولة العربية الوحيدة التي تراجعت مســاعداته­ا مؤخرا، إذ تظهر بيانات الســلطة الفلســطين­ية أن المنح والمســاعد­ات المالية العربية للميزانية الفلســطين­ية تراجعت بنســبة 81.6 في المئة على أساس سنوي، خلال أول ثمانية شهور من العام الجاري.

وتظهر بيانات الميزانية أن 132.3 مليون شــيكل )38.1 مليون دولار( كان إجمالي الدعم العربي للميزانية منذ مطلع 2020 حتى أغســطس/آب الماضي، نزولا من 716 مليون شيكل )198.33 مليون دولار( الفترة المقابلة من 2019.

وفي الشــهر الماضي، قال الرئيس ترامب على هامش حضوره حفل توقيع اتفاقية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين في البيت الأبيض،

إنه طلب «من الدول الثرية أن لا يدفعوا للفلسطينيي­ن».

وكان وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، قد أعلن في مؤتمر صحافي في يوليو/تموز الماضي أن «دولاً شقيقة علقت المنح والمساعدات الموجهة لدعم الميزانية» دون تقديم مبررات لذلك.

وفــي الوقت الحالي، يبقى الاتحــاد الأوروبي والبنــك الدولي ا المانحين اللذيــن يقدمان قرابــة 86 في المئة مــن إجمالي المنح الخارجيــة للميزانية الفلسطينية.

وتظهر أرقــام وزارة المالية أن إجمالــي المنح الموجهــة للميزانية العامة الفلسطينية بلغت حتى نهاية أغســطس/آب الماضي 280 مليون دولار، منها 241 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي ومانحين عبر البنك الدولي.

وفي الإجمال شكلت المنح الخارجية ما نسبته 15 في المئة فقط من إجمالي الإيرادات المالية لميزانية العام الماضي.

خلال وقت سابق من الشــهر الجاري، نشــر موقع «والا» الإسرائيلي أن الاتحاد الأوروبي هدد الفلســطين­يين بتعليق الدعم طالما لم يستأنفوا أموال المقاصة، ولم يعــودوا للمفاوضات، قبل أن ينفي مســؤول الإعلام في مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي شــادي عثمــان، ما ورد من تصريحــات في الإعلام العبري.

إلا أن مؤسسات أهلية أفادت أن التمويلات الأوروبية لبرامجها في المجتمع الفلســطين­ي )تمويلات خارج دعم الميزانية( أصبحت خاضعة لدفتر شروط جديد، يضع قيودا إضافية على تلك المؤسســات، كشرط رئيس للإفراج عن الدعم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom