Al-Quds Al-Arabi

رحيل القانوني والمؤرخ المصري طارق البشري

-

■ إســطنبول ـ الأناضول: غيّــب الموت صباح أمس الجمعــة، المؤرخ والفقيــه القانوني المصري البارز المستشــار طارق البشري، عن عمر ناهز 88 عاما.

والبشــري مفكر ومؤرخ وأحد أبــرز القانونين المصريين المعاصرين، إذ شغل منصب النائب الأول لرئيس مجلــس الدولة، كما تــرأس لجنة تعديل الدستور عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وشــكلت فتــاواه القانونية مرجعــا للقضاة والباحثــن، في تبســيط النصوص واســتنباط الأحكام، وكتب مؤلفات بارزة في الفكر الإســامي أيضا.

ولد طــارق عبــد الفتاح ســليم البشــري في نوفمبر/ تشــرين الثاني 1933، فــي حي الحلمية محافظــة القاهــرة، لعائلة متمرســة في مجالات العلوم الإسلامية والقضاء والأدب، تعود أصولها لمحافظة البحيرة )دلتا النيل/ شمال(.

وتتلمذ على يد كبار فقهاء القانون والشــريعة، أبرزهم عبد الوهاب خلاّف، وعلي الخفيف، ومحمد أبو زهرة، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1953.

وعين البشري نائبا أول لمجلس الدولة، ورئيسا للجمعية العمومية للفتوى والتشريع، واستمر في هذا المنصب حتى تقاعده عام 1998 كما ترأس لجنة تعديل الدستور عقب ثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظــام الرئيس الراحل حســني مبــارك )1981 ـ .)2011

برزت اجتهادات البشــري في الفكر الإســامي عــام 1967، وكانت مقالتــه «رحلــة التجديد في التشــريع الإســامي» أول قطرة في نهــر عطائه الفكري ومؤلفاته ودراساته في هذا المجال.

كما أصدر العديد من الفتاوى والآراء القانونية، التي اعتبرها مراقبون مرجعــا للقضاة والعاملين في الحقل القانونــي المصري، إذ جمعت بين العمق والتحليل والتأصيل والتبسيط.

وللبشــري العديد من المؤلفات أبرزها «الحركة السياســية في مصر 1945 ـ 1952، و«الديمقراطي­ة ونظام 23 يوليو» و«المســلمون والأقباط في إطار الجماعــة الوطنيــة» و«بين الإســام والعروبة» و«منهــج النظر فــي النظم السياســية المعاصرة لبلدان العالم الإسلامي».

ومثلما كان الحضــور لافتا في مجالات القانون والفكــر والتاريــخ، كانت للبشــري أيضا مواقف سياسية اتسمت بالشــجاعة والهدوء والرصانة، ما جمــع شــتات الفرقاء مــن مختلف المشــارب السياسية.

واستشــرف البشــري اقتراب الثورة، وحجم السخط والغضب الكامن في نفوس المواطنين، في عهد مبارك، وعام 2006 أصدر كتابا بعنوان «مصر بين العصيان والتفــكك» ليجمع بين دفتيه مقالات اعتبر فيها أن «العصيان المدني فعل إيجابي يلتزم السلمية».

ومنذ انطلاق شــرارتها الأولى، ساند البشري تحركات الشــباب الغاضبة في ثورة يناير، والتي سعت إلى نزع غطاء الشــرعية عن النظام الحاكم آنذاك.

وكان واضحا في موقفه من الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، حيث أعلن رفضه القاطع له، وأدان الجرائم المترتبة عليه.

وعندمــا وقعــت مذبحــة رابعــة العدوية في أغســطس/ آب 2013 ســجل البشــري شــهادة للتاريخ، في مداخلة هاتفية على فضائية الجزيرة، قائلا: «ما يحدث الآن هــو تطور طبيعي للانقلاب العسكري الذي يحكم مصر الآن».

وأضاف مؤكدا: «الصراع القائم هو بين الانقلاب وقواه الاســتبدا­دية التي تحكم مصر بغير دستور وبغير إرادة شــعبية حقيقية، وبين القوى المدنية، وكل يتخذ أسلوبه في العمل».

ونعى مثقفون وسياســيون بارزون البشــري عبر منصات التواصــل، مؤكدين أن برحيله فقدت مصــر أحد أبــرز مؤرخيهــا ومفكريهــا المعروفين بالحكمة والرصانة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom