Al-Quds Al-Arabi

النجم المغربي محمد خيي لـ«القدس العربي»: دور الفنان لا يقتصر على الترفيه والإضحاك بل يتجاوزه إلى التوعية بقضايا المجتمع

- الرباط ـ «القدس العربي» من عبد العزيز بنعبو:

يعكف النجــم المغربي محمــد خيي حاليا علــى تصوير الجزء الثاني من المسلســل الناجح «سلمات أبو البنات» كما ســيمر بعد ذلك إلى الجزء الثالث الذي سيعرض على شاشة التلفزيون المغربي خلال رمضان المقبل.

ويعتبر الفنان خيي، الذي ينتمي إلى جيل محمد بسطاوي ومحمد الشــوبي ورشــيد الوالي ولطيفة أحــرار ومجيدة بنكيران وغيرهم، من الوجوه البارزة على الســاحة الفنية المغربيــة بأدائه المتقن والمتميز في أغلب الأدوار التي تســند إليــه. ولعل أقــرب الألقاب التــي التصقت بهــذا الفنان هو «القايد» وذلك بعد تشخيصه لهذا الدور في عدد من الأعمال، وخاصة عندما جســد شخصية «القايد عيسى بن عمر» الذي ارتبط اسمه بفنانة العيطة «خربوشة». و»القائد» كان بمثابة حاكم محلي، يمثل السلطة المركزية في الأقاليم المغربية.

في هذا الحــوار مع «القدس العربي» ينتقل بنا محمد خيي من آرائه حول المشــهد الفني إلى أفكاره حول الرسائل التي على الفنان أن يحلمها في مجتمعه، إضافة إلى عدة مواضيع تهم الفنان ومجال عيشه وتفكيره ومساره المهني.

■في غالب الأحيان، يوجه المشــاهد المغربي كل اللوم إلى الممثل بسبب قبوله بدور لا يرقى إلى مستوى تطلعاته ولا إلى مســتوى ذلك الفنان، ويبقى الســؤال هو من يجب محاسبته على الرداءة في مثل هذه الحالات؟

□المشــخص أو الممثل في المغرب لا يجب أن يحاسب مثلما يحاسب مشخصين آخرين في بلدان رائدة في السينما، لأنه في بعض الأحيان يعرض عليه عمل واحد يتيم ويجد نفســه

مضطر إلــى أن يقبل العرض أو أن يبقــى من دون عمل طيلة السنة.

الحالــة التي يجب أن يؤاخذ فيها المشــخصون والممثلون المغاربة، هي عندما نتوفر على صناعة فنية/سينمائية، حيث يجد الفنان نفســه أمام أكثر من عرض سينمائي وتلفزيوني، لكن بالمقابل من ذلك، أعرف مشــخصين فــي المغرب لهم حب وغيرة علــى الميدان، يفضلون أن يظلــوا من دون عمل طيلة الســنة حتى يأتيهم العرض الذي يرغبــون فيه، بالرغم من الإكراهات المادية التي تواجههــم والتي هي أمر واقع، فنحن نعيل أنفسنا وعائلاتنا من الفن.

ويكمن جوهر المشكل حسب اعتقادي، في كون العمل الفني الذي يعرض على الفنان أو المشخص، يتضمن إمكانيات لأن يكون العمل قابلا للنجاح بعد قراءة سيناريو العمل ومعرفة المخرج وكونــه متمكنا من عمله وقادرا علــى أن يعطي دفعة قوية للمشخص، فهو العين التي تبصر كل كبيرة وصغيرة من أجل أن يبدع المشخص أو الممثل أكثر، فالمخرج هو «مايسترو» العمــل الذي تناط له مهمة التنســيق بــن مختلف الأطراف المشاركة في العمل، من مشخصين وتقنيين ومصورين بهدف أن يرقى العمل الفني في النهاية، إلى أن يحظى بالنجاح لدى الجمهور.

وفــي مقابل ذلــك، يوجد مخرجــون يفتقــدون لكل هذه التفاصيــل، ولا يجيــدون كيفيــة التواصل مع المشــخص بخصوص المطلــوب منه وغير متفقين بخصوص ســيناريو العمــل الفني، الذي يكــون أرضية مشــتركة تجمع مختلف أطراف العمل الفني.

ونجاح أي عمل فني كيفما كان، رهين بأن يكون المشخّص صادقا فــي الأدوار التي توكل له، فهو يكذب بصدق بشــكل يجعل الجمهور يصدق كذبه، على عكس الممثل يكذب من دون

أن يصدقه المشاهد.

■ بــن الممثــل والمشــخص مســافة معينــة مــن الجديــة والجودة والكفاءة، ببساطة هل لنا أن نعرف الفارق الإبداعي بينهما؟ وهل نتوفر في المغرب على مشخصين حقيقيين كثر؟

□ لدينــا مجموعة قليلة من المشــخصين التي تشــخص حالات إنســانية بكل صدق وتذوب فــي أدوارها، مقابل فئة كبيرة من الممثلين التي تكتفي فقــط بتمثيل أدوارها من دون صدق ومــن دون أن تتمكن من إقناع المشــاهد بحقيقة لعبها

للدور الذي اختارته.

■ إذنْ، لمــاذا يغيب الأداء الجيد عن معظم أعمالنا الدرامية والســينما­ئية؟ على من تقع المســؤولي­ة في الــزج بالعديد من الأســماء والوجوه العادية والمتراميـ­ـة على التمثيل في أعمال باهتة؟

□ يعود الأمــر بالدرجة الأولــى، لطبيعــة الأعمال التي يشجعها المنتجون والقنوات التلفزيوني­ة والمركز السينمائي المغربــي، الذين لا يفرضــون على منفــذي الإنتاج مخرجين

جيدين، يشرفون على اختيار مشخصين وتقنيين في مستوى العمل الفني، لأن هناك تسيب في الميدان حيث يتم الاستعانة بمن هم ليســوا حتــى ضمن الميــدان في أعمــال تلفزيونية وســينمائي­ة أو من هم في بداية مشوارهم الفني، بداعي فتح المجال أمام الشــباب بأجور زهيدة، مقارنة مع مشخصين لهم تجربة وغيرة على الميدان يتم تهميشــهم، حتى أصبحنا نقرأ ونشاهد في بعض وســائل الإعلام ممثلين لهم عمل تلفزي أو سينمائي واحد يوصفون بالنجوم، وهذا الأمر في اعتقادي، يقضي على مسار هذا الفنان أو الممثل الشاب الذي سرعان ما يختفي نهائيا من مختلف الأعمــال الفنية ومن الميدان الفني بصفة عامة، في حــن أن يتم التغاضي عــن فنانين يجرون وراءهم إرث فني كبير.

■ نصل إلى مربط الفرس، الجمهور المغربي مســتاء نوعا ما من تغييب قضايــاه واهتماماته بل حتى يومياته من أغلب الأعمال المغربية درامية أو سينمائية أو حتى مسرحية. أليس دور الفنان هو الالتحام بقضايا المواطن اليومية، والمســاهم­ة في التوعية وتحصين المجتمع بنبل رسالته؟

□ دور الفنان ليــس فقط الترفيه والإضحــاك، بل أيضا توعوي وتوجيهــي من خــال تناوله لمواضيع من شــأنها معالجة قضايا مرتبطة بمشاكل مجتمعنا، فالسينما والدراما يجــب أن تظل ملتصقــة بالمجتمــع وتعكــس القضايا التي تشــغله. شــخصيا، أتمنى لو يتم على ســبيل المثال، أن يتم تناول في أعمالنــا الفنية مواضيع من تاريخ المغرب بهدف أن يضطلع عليها المغاربة ليزيــدوا افتخارا بتقاليدهم وأعرافهم التي ســنقوم بتســويقها أيضا للعالم، عوض هذا الانسلاخ الهوياتي الذي يعاني منه شــبابنا. علاوة علــى ذلك، فإننا سنترك تاريخنا موثقا في أفلام سينمائية وأعمال تلفزيونية للأجيال القادمة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom