Al-Quds Al-Arabi

من هنا دخل الشيطان

-

لكن ها هو الرئيس يصف ابن أمين بســيوني بأنه المعنــي باللقب، ولعل هذا ما ذكر القوم وهم يجتمعون برئاســة وزير الإعلام في الاعداد لبرنامج «البيت بيتك» والذي وإن كان قد اســتعان بمقدمي برامج من خــارج المبنى، فلا بد أن تكون حصة لمن هم داخل المبنى، ولو من خارج القناة الأولى التي ســتعرض البرنامج، فلماذا لم يتم اختيار «علاء» واختــاروا الابن الأصغر وهو «تامر»؟ لأن الإطار العام للبرنامج كان قريباً من السياسة، فالأقرب له مذيع النيل للأخبار، فضلا في أن علاء كان يظهر في صورة «الشــيخ علاء » الذي يحاور علماء الأزهــر، في برامجه الدينية. وعموما فالوريث الذي يتم تجهيز المســرح له، هو جمال مبارك الابــن الأصغر وليس علاء الابن الأكبر!

وكان هذه هو باب الاســتثنا­ء الذي دخل منه الشــيطان، فليس كل قارئ نشرة يصلح مقــدم برامج، وإن كانت صيغة «البيت بيتك» تلزم بالالتزام بالنص المكتوب، وكان صحافيون معروفون هم من يعدون هذا النــص، لكن الأمر تطور الآن في ظل إشــراف الضباط على مجال الإعلام، فصرنا أمام «ظاهــرة المذيع الخطيب» التي قد يصلح لها «عمرو أديب» لكن لا يملك تامر أمين المهارات اللازمة لها.

وإذ تحدث السيســي في «تســريبات الجزيــرة» عندما كان وزيراً عن مشــقة صناعة الذراع الإعلامي، ففشــل في المهمة عندما انقلب وصار رئيساً، فأخذ بقاعدة قديمة ترى أن شــراء العبد أيســر من تربيته، فاعتمد الأذرع الإعلامية لعهد مبارك، مع أن ســوابقهم لا تدفع للاطمئنان لهم، فقد باعوا مبارك عندما استشــعروا نجاح الثورة، وأعلن تامر أمين بفخر أنه أول مــن أطلق على «انتفاضة يناير» لفظ الثورة في تلفزيون الدولة، على عكس خطابه الآن، فهي عنده ســبب في الخراب الذي حل بمصر!

ولأن هناك زفة يقودها قائد الأوركســت­را عن تنظيم النسل، فقد وقع تامر أمين في شــر أعماله، عندما تطاول على الصعيد وأهله، فهم ينجبــون أولاداً كثيرين بهدف الانفاق عليهم، ويشــحنون بناتهم للعمل خادمات في القاهرة، و»الشــحن» مفردة مرتبطة بنقــل البضائع من مكان إلى مكان بعيد، وثارت ثــورة أهل الصعيد، وأمام هذه الثورة اتخذت الســلطة إجراءات تكتيكية كثيرة، تستهدف حمايته، مع أن ما ارتكبه يوقعه تحت طائلة القانون، الذي يمنع التنمر والدعوات العنصرية.

فالمجلس الأعلى للإعلام يوقفه عن العمل لشــهرين، ويفرض غرامة مالية ضخمة على القناة، ونقابة الإعلاميين تســحب منه ترخيــص مزاولة المهنة، والقناة تحيله للتحقيق الداخلي وتتبرع براتب شــهر له لجمعية خيرية لــم تحددها، كل هذا لأن السلطة تعلم أنها متورطة، تورطها في قضية الراهب المشلوح في بداية هذه الألفية!

فإحدى الصحف الخاصة المحسوبة على الأجهزة الأمنية نشرت صوراً لراهب في أحضان نســوة، وكان لدى الكنيسة قناعة أن من ســرب هذه الصور هو جهاز أمني بعينه، وشهدت الكاتدرائي­ة مظاهرات عارمة، كان المراقب يستطيع أن يدرك بسهولة أن الأمــر يتجاوز الصحيفة إلى من يقف وراء النشــر، وتوالت اجراءات امتصاص الغضب، فتم حبس رئيس التحرير ومصادرة العدد، ثم إلغاء ترخيص الجريدة، ثم فصل رئيس التحرير ونجله من عضوية نقابة الصحافيين، وهكذا، فقد كان الاجراء الناجع هو التحقيق والتوصل لمصدر الصور، والســلطة لا تريد ذلك فأســرفت في التنكيل في الاتجاه الغلط، وكانت تســتهدف الناشر بإجراءات غير جادة، سقطت جميعها، وإن لم يمهل القدر رئيس التحرير ليحصل على عفو رئاســي بعد أن هدأت العاصفة.

كلها قرارات وقتية لامتصاص الغضب، والإجراء الطبيعي هو أن يتم التحقيق مع التلفزيون المصري الذي يوافق على إجازة كل هذه السنوات لتامر أمين تحت عنوان «رعاية أســرة» فهل يرعى فعلا أسرة أم يعمل في واحدة من القنوات المملوكة لنظام السيسي؟ وهو تحايل على اللوائح واهدار لحجيتها!

الإجراء الثاني هــو إحالته للتحقيق أمــام جهات القضاء، وقــد ارتكب الذراع الإعلامي للسيسي الحرام القانوني. لكن كلها إجراءات على قاعدة الحماية.

إن السلطة التي تحمي تامر أمين هي التي أهانت الصعيد وأهله.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom