Al-Quds Al-Arabi

ألن يدعها والدها تعيش في سلام؟

-

تحت هــذا العنوان كتبت الكثير من المجــات العالمية تتحدث عن معاناة ميغان ماركل )دوقة ساســكس( وزوجة الأمير هاري حفيد ملكة بريطانيا مع والدها، فوالد ميغان لم يحضر عرســها لكنه يوضب لها فيما يبدو )جنازة( لســمعتها، مع بعض الأرباح لحسابه المصرفي!! فقد أعلن عن قرب إصداره لكتاب عنها!

لقد ميغان ضحية أم انتهازية؟

الذي جعل الصحف العالمية تتحدث مؤخراً عن ميغان ماركل، أن والدهــا هذا أعلن عن إصداره لكتاب عن )حقيقة( ابنته )التي وجــد أنها )بقرة حلوب( للمال؟( وكتابه عنها لا ينســى زواجها الأول )قبل زواجها من الأمير هاري( وطلاقها. ومحاولتها لفرض نفسها في هوليوود كنجمة وفشلها في ذلك كما فشلت في زواجها الأول.

وباختصــار، يبــدو أن الكتاب، كما وصفه بعض الناشــرين المطلعين عليه قبل صدوره، يســيء إلى ابنــة المؤلف، ويحاول كالكثيرين رســم صورتهــا كانتهازية.. وكثير مــن الصحافيين يجدونهــا لا انتهازية بــل ضحية. فالأب عادة هــو الدعم الأول لأولاده كيفما كانوا! فعــام يريد والدها تومــاس ماركل تدمير صورة ابنته المتزوجة من أمير، والأم لطفل صغير، والحامل بطفل آخر كما كتبت الصحف مؤخراً؟

إنه المال... الشيطان الأكبر

كثيــر من الصحافيين يجدون في كتــاب والد ميغان رغبة في الحصول على المال لا أكثر، المــال الأحب إلى قلبه حتى من ابنته، إذ ان الكتاب ســيباع بمئات آلاف النســخ لعشــاق )التلصص( على حياة النجوم والمشــاهي­ر مثل ميغــان، والأقرب هو الأدرى بالمضرة! وهكذا بدلاً من أن يتســتر توماس ماركل على علل ابنته منذ صغرهــا، وكلنا بشــر ولا تنقصنا العيوب، هــا هو والدها يحاول اســتغلال ما يعرفه، وهو بالتأكيد كثيــر )أو ما يزعمه( للحصول على الكثير من المال، لا مباليــًا بالضرر الذي قد يلحقه كتاب كهذا بابنته.

أختها غير الشقيقة أيضاً بين الغيرة والمال

لميغان نصف أخت، وهي المثال لزواج الحســد مع شهوة المال، فقد أعلنــت هي أيضاً عن قــرب إصدارها لكتاب عــن أختها قال المطلعون إنه يســيء إلى ميغان زوجة الأمير هاري.. وبالطبع، ستباع آلاف النسخ منه وتحصل الشقيقة على المال كتعويض لها عن غيرتها من نصف أختها!

وفي العديد مــن البرامــج التلفزيوني­ة العالمية نســتمع إلى شــهادات تجعل من ميغان انتهازية نجحت فــي الحصول على شــهرة عالمية بفضل إيقاعهــا بأمير في شــباكها )الأمير هاري( وزواجها منه، لكن الكثير مــن الناس تعاطفوا معها حيث أعلنوا على )الإيميل( عن ذلك ضد والدها ونصف أختها.

دوريا... سوداء البشرة نقية القلب

يوم زواج الأمير هاري من ميغان، جاء إلى الكنيســة مشــياً يرافقه شــقيقه وليم ولــي العهد )بعد والده الأمير شــارلز( أما )المســكينة( ميغان فجاءت بمفردها لأن والدهــا اعتذر عن عدم الحضور بذريعة المرض )ولكنه لا يبدو مريضاً، وهو يؤلف كتاباً عنها لعله ضدها(! كان عرساً رائعاً في نظري، إذ جمع بين العرق الأبيض والأسود، فوالدة ميغان «دوريا السوداء البشرة» لعلها من نسل الذين كانوا عبيداً للإمبراطور­ية البريطانية قبل قرون، وكان حضورها رائعاً، كما الكاهن أســود البشرة الذي زوجهما بحضور ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، وأحببت كثيراً في ذلك الزواج البعد عن العنصرية ضد سود البشرة.

«اخترنا الحرية»: حرب الكتب!

صدر العديد من الكتــب ضد ميغان بالذات بعــد زواجها من الأمير هاري باســتثناء الكتــاب الأخير: «اخترنــا الحرية» عن مغادرة الأمير هــاري وزوجته وطفلهما لندن إلى كندا فالولايات المتحدة.. وجاء الكتاب رداً على العديد من الكتب التي )شيطنت( ميغان.. وتظل والدتها دوريا، سوداء البشرة نقية القلب، أجمل ما في أســرة ميغان، وذلك لم يمنع الصحافة من الســخرية من الأمير هاري الذي سيصير مضطراً للحياة مع )حماته( السوداء دوريا! كما كتب البعض بلؤم، فيا لقسوة الأبجدية المسمومة!

أسودان تبنيا طفلاً أبيض!

شــاهدت على شاشــة التلفزيون الفرنســي فيلماً قد يكون عادي التمثيل )من إخراج جان باتيســت( لكن فكرته غير عادية وجديــدة وجذابــة، وتطرح أســئلة عميقة حول أهل البشــرة البيضاء والسوداء. واسم الفيلم : «له عيناك .»

فقد اعتدنا على مشاهدة )البيض( يتبنون طفلاً أسود، وبينهم بعض نجوم السينما والمشاهير، ولكن لم يحدث من قبل أن قامت أسرة سوداء البشرة بتبني طفل أبيض البشرة سيجد حين يكبر أن أمه ووالده )بالتبني( من سود البشرة!

تم التبني بالطرق القانونية الفرنسية، ويبدو الطفل الرضيع عاشقاً لوالديه )الأسودين( لأنه لما يتم بعد غرس العنصرية في نفسه.

مكتب التبني يبدو حائراً، إذ لم يســبق من قبل أن حدث شيء كهذا، لكن القانون الفرنســي لا يمنع ذلك )ربمــا لم يخطر ببال المشــرع أن يواجه وضعاً كهذا( ويحــاول )أولاد الحلال( رفض تبني )أســرة ســوداء( لطفل أبيض، ولكن الطفل تعلق بوالديه بالتبني وكذلك جدته )الزنجية( التي رفضت الأمر في البداية ثم أغرمت بالطفل الأبيــض وصار حفيداً لها. أما الجيران )البيض( فرفضوا الأمر في البداية لأنه غير مألوف!

خاتمة الفيلم نبوءة بالمستقبل؟

بعد الحرب الباردة بين أن يتبنى أسودان طفلاً أبيض ورفض العديد حتــى من الأهل والجيران لذلك، نجد للفيلم خاتمة جميلة قــد يجدها البعض مصطنعــة، حيث يتم الاحتفــال بين الجميع بالتبني وتبادل القبلات بين البيض والسود.

وحتى إذا لم نجد الفيلم ناجحاً إبداعياً، لكننا ســنجد فكرته جديدة محببة، وبالذات لدى أمثالي من غير العنصريين والذين يجدون أن الأطفال يولــدون أبرياء بلا مشــاعر عنصرية، وأن لون البشرة لا يعني لهم شــيئاً، بل أسلوب معاملتهم.. وما نقوم بتعليمهم أياه. والعنصرية درس متــوارث وليس حقيقة تفوّق الأبيض على الأسود! ولا العكس.. والبشرة قشرة لا أكثر وليست جوهر الإنسان.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom