Al-Quds Al-Arabi

المغرب: تطعيم أكثر من ثلاثة ملايين شخص وخبير يتوقع مناعة جماعية حزيران المقبل

- الرباط ـ «القدس العربي»:

مع تزايد عــدد المســتفيد­ين المغاربة مــن التطعيم ضد «كوفيــد 19» طفت على الســطح مخاوف حول الســالة الجديدة مــن الفيروس التي ظهرت منهــا لحد الآن حالات قليلــة في المغرب، وإن كانت الســلطات تؤكــد تحكّمها في الوضع الوبائي، واتخاذها عدداً من الإجراءات الاحترازية، من ضمنها إغلاق الحــدود الجوية مؤقتاً في وجه مجموعة من الدول التي تكاثرت فيها تلك السلالة.

وبلغ العدد الإجمالي للأشــخاص الذين حُقنوا باللقاح، إلى حدود مســاء أول أمس الخميس، ثلاثــة ملايين و160 ألفاً و479 فرداً بالنســبة للجرعة الأولى، بينما استفاد من الجرعة الثانية 43 ألفاً و626 شخصاً.

وأثار الرأي العام المحلي تســاؤلات في شأن مدى جدية الخطر المســتجد، ونجاعــة كل من لقاحي «أســترازني­كا» البريطاني و »ســينوفارم» الصينــي، المعتمدين في المغرب لاحتــواء الأزمــة الوبائية، خاصــة في ظــل تزامن هذه المستجدات مع حملة التطعيم التي انطلقت منذ أسابيع.

وأوردت صحيفة «أخبــار اليوم» المغربيــة، عن مصدر مــن وزارة الصحة، قولــه إن «المغرب إلى جانب ســعيه إلى إنجاح حملــة التطعيم، واســتمرار تحكمه في الوضع الوبائي وخفض عدد الإصابات اليومية، وكذا رفع نســبة التعافي من السلالة الأولى التي بلغت ما يفوق 97 في المئة، هو أيضاً تأهب من أجل حماية حدوده وسكانه من الإصابة بالسلالات الجديدة التي بثت الرعب في العالم منذ فترة.»

إجراءات جديدة

وأكد المتحدث نفســه أن قطاع الصحــة اتخذ إجراءات جديدة، مــن أجل الكشــف المبكر عن أي حالــة إصابة من الســالات الجديدة من الفيروس، خاصة بعدما تم تسجيل إصابات في صفوف الأطفال حول العالم، من قبيل توســيع الفحوص المخبرية، عبر أخذ عينات من الدم وسط المدارس التي تضم هذه الفئة، وتعليق الرحلات الجوية نحو بلدان أوروبية عديدة.

وحول ما إذا كانت السلطات الصحية قد سجلت إصابات من السلالة الجديدة في صفوف الأطفال المغاربة، أكد المصدر عينه أن 24 حالة المســجلة هي في صفوف البالغين وليس الأطفال، مشــدداً على ضرورة التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية المتعارف عليها.

في الســياق ذاته، أوضح البروفيسور الطيب حمضي، الباحــث في السياســات والنُّظم الصحيــة، أن الفيروس المتحور الوحيد الموجود في المغرب هو السلالة البريطانية، فيما ظهرت سلالات عديدة حول العالم.

وأضاف، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، قائلاً: «في الواقع، يعتبر لقاحا )ســينوفارم( و)أسترازنيكا( فعالين ضد هذه الســالة، وهذا يعني أن الأشــخاص الذين جرى تطعيمهم فــي المغرب محميون من الســالة الكلاســيك­ية وكذلك من السلالة البريطانية.»

وأوضح أن الطفرات في المتحور البريطاني على مستوى بروتين «ســبيك» لم تؤثر على المناعة، على عكس السلالات الجنوب إفريقية والبرازيلي­ة المتحورة التي تمثل مشــكلة للمناعة، وبالتالي، فإن اللقاحات المتاحة ليست فعالة ضد المتحور البرازيلــ­ي والجنوب إفريقي، بينما تظل فعالة ضد الأشكال الخفيفة للفيروس.

وجواباً على ســؤال حول مــا إذا كان بالإمكان تحقيق المناعة الجماعية في أيار/ مايو المقبل، كما تردد سابقاً، أجاب البروفيســ­ور حمضي إن المغرب في ضوء حملته الناجحة يســير على الطريق الصحيح لمكافحة انتشــار «كوفيد 19» بشــكل فعال؛ خاصة وأن الشــعب المغربي قد انخرط على النحو الأمثــل في هذه الحملــة المهمة. وتابــع قائلاً: «من المتوقع أن تســتمر حملــة التطعيم ما بين 3 و4 أشــهر. إذا

جرى الأمر كما هو متوقع، يمكننا الحديث عن تحقيق المناعة الجماعية مع حلول شهر حزيران/ يونيو المقبل. آنذاك فقط، ســنتمكن من رفع القيود المجالية واستئناف الحياة بشكل شــبه طبيعي». ولكنه أكــد أنه حتى في حــال تحقق هذه المناعة الجماعية، فمن الضــروري مراقبة التطور الوبائي للفيروس، خاصــة وأن المغرب تربطه علاقــات عديدة مع دول أخرى.

وعن ســؤال حول ما إذا كان الأشــخاص الذين تلقوا الجرعة الثانية في مأمن تماماً من إصابة محتملة بـ «كوفيد 19» أجــاب المتحدث المذكور: «عند تلقــي الجرعة الأولى، يكتسب الشخص بالفعل مناعة، من جانبها تضمن الحقنة الثانية مناعة فعالة، ثبتت خلال التجارب الســريرية. في المقابل، فإن معدلاً ضعيفاً لخطــر انتقال العدوى يظل أمراً ممكناً، نظراً لمعــدل فعالية كل لقاح، إذ حتى الأشــخاص الذين لم يكتســبوا مناعة بنســبة 100 في المئة، سيكون لديهم بعد التطعيم، وفي حالة إصابتهم بالعدوى، أعراض خفيفة لفيروس كوفيد 19.»

في حين، يرى الخبير جمال الدين البوزيدي، الأخصائي في الأمراض التنفســية والصدرية، أن قــرار العودة إلى الإغلاق الشــامل لمحاصرة انتشار النســخة المتحورة من فيــروس «كوفيــد 19» مرتبط برد فعل المجتمــع المغربي، موضحاً: «نعيش فترة حرجة جداً».

وبعدما شــدد على ضــرورة الالتــزام بالإجــراء­ات الاحترازيـ­ـة لتفادي الإصابــة بالوباء، أوضــح الطبيب المذكور لصحيفة «هســبريس» الإلكتروني­ة أن النســخة البريطانية من فيروس «كوفيد 19» التي جرى اكتشــافها في المغرب، تتميز بسرعة الانتشار بنسبة تتجاوز النسخة الأصلية بـ70 في المئة.

وأضاف أن مؤشــر العدوى ينتقل من 2.5 إلى ما يقارب 4 في هذه النســخة. أما فيمــا يهم الفتك «فليســت هناك دراســات بمرجعية علمية؛ بل مجــرد تخمينات من طرف عــدة خبراء على أنها ســتكون أكثر فتــكاً وإصابتها أكثر خطورة عند الشبان والأطفال» لأنه، حسب الدراسات، لن تتبقى في الأخير إلا هذه السلالات الجديدة.

وشــدد على أن اللقاحات المســتعمل­ة في المغرب خلال المرحلة الحالية هي فعالة ضد هذه النســخة المتحورة من الفيروس. وذكــر البوزيدي أنه كانت هناك طفرات جينية وســالات عديدة تجاوزت الأربعــة آلاف؛ لكن أهمها تلك التي ظهرت في المملكة المتحدة والبرازيل وجنوب إفريقيا.

في سياق متصل، أشادت مجلة «فلت» الألمانية بالتجربة المغربية على مستوى التطعيم ضد «كوفيد19» التي تفوقت على ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية وســبقتها بمسافات بعيدة، مســجلة أن المغــرب قد نجح فــي تدبير الجائحة أحسن من جيرانه الأوروبيين.

ونقل موقع «العمق» الإلكتروني­ة عــن المجلة قولها إنه يكفيك الضغــط على علبة الرســائل النصيــة كي تتلقى إشــعاراً يخبرك بموعد تلقيك التطعيــم والمركز الصحي المخصص لك.

الحياة اليومية في المغرب

وتضيف أنه في الوقت الذي ما تزال فيه عدد من الدول الأوروبية تعيــش تحت حالة الطوارئ، فإن المغرب يوجد فــي الطريق الصحيح للخروج مــن الأزمة الصحية حيث تبدو الحياة اليومية في المغرب عادية. وإذا كان المتوسط اليومي خلال أسبوع في عدد التطعيمات الخاصة بالجرعة الأولى والثانية في ألمانيا هو 126806 فإنه وصل في المغرب إلى 173920 خلال الأسبوع الماضي.

لقد تبنى المغرب، تقول المجلة، اســتراتيج­ية استباقية، حيث اتخذ قراراً بوقف الرحلات الجوية وإغلاق المدارس وإقرار عدد من الإجراءات الاحترازية عبر الحجر الصحي وفرض إجبارية حمــل الكمامة وتســريع الإنتاج المحلي لها وتزويد بنياته الصحيــة بتجهيزات من الجيل الجديد إضافة إلى إنشاء مستشــفيات ميدانية واقتناء قدر كاف من الأدوية.

كما ســجلت انخفاضُ حالات الإصابة وحالات الوفاة في المغرب، وهو ما تؤكــده المعطيات اليومية؛ فإلى حدود مســاء أول أمس الخميس، أعلن عن تســجيل 386 إصابة جديدة بفيــروس كورونا المســتجد و726 حالة شــفاء، و6 حــالات وفاة خلال 24 ســاعة. وبذلك رفعت الحصيلة الجديــدة العدد الإجمالــي لحالات الإصابــة المؤكدة في المغرب إلى 482 ألفاً و514 حالة، ومجموع حالات الشــفاء التام إلى 467 ألفاً و541 حالة، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 8598 حالة.

فيما يصل مجموع الحالات النشــطة التي تتلقى العلاج حالياً إلى 6375. وبلغ عــدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال 24 ســاعة 50 حالة، ليصل العــدد الإجمالي لهذه الحالات إلــى 453 حالة. أما معدل ملء أســرة الإنعــاش الخاصة بـ)كوفيد-19( فقد بلغ 14,3 في المئة.

 ??  ?? متسوقون مغاربة ملتزمون بالإجراءات الإحترازية إتقاء لكوفيد 19
متسوقون مغاربة ملتزمون بالإجراءات الإحترازية إتقاء لكوفيد 19

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom