Al-Quds Al-Arabi

بدخوله إلى الشرق الأوسط... إلى بايدن: الأخلاق ليست سياسة خارجية... والسعودية لم تخطئ بقتلها «معارض النظام»!

- البروفيسور ايال زيسر – –

■ حسمت واشنطن الأمر. بعد شهر من دخوله إلى البيت الأبيض، قررت إدارة الرئيس بايدن هجر موقف المشاهدة من الجانب في الشرق الأوسط والانتقال إلى الهجوم بشدة وقوة.

بعد كل شــيء، يبدو الشــرق الأوســط كالمرجل. الإيرانيون يشحذون السيوف. وفي محاولة واضحة لفحص الإدارة الأمريكية، بادروا إلى هجمات إرهابية ضــد جنود الولايــات المتحــدة في العــراق. ومع أن الهجوم على ســفينة نقل بملكية إســرائيلي­ة في مياه الخليج الفارســي كفيل بأن يشــهد على ارتفاع درجة الجســارة، وبالأســاس في تصميم الإيرانيين. ولكن لا تقلقوا... يتبــن أن ليس إيران هــي التي في بؤرة الاستهداف الأمريكية بل الســعودية تحديداً، صديقة واشــنطن. بالفعل، في الأسابيع الأخيرة، توجه إدارة بايدن الضربة تلو الضربة إلى رأس الســعوديي­ن، كل واحدة منها أكثر إيلاماً وأهمية من سابقتها.

بداية، شــطب الأمريكيــ­ون الثــوار الحوثيين في اليمن مــن قائمة منظمــات الإرهاب أولئــك الذين يديرون حرب اســتنزاف ناجحة، بمساعدة إيرانية، ضد السعودية. وعملياً، أصبحوا «حزب الله» اليمني، المســلح من أخمص القدم حتى الرأس بوسائل قتالية إيرانية، قد يســتخدمون­ها ضد إسرائيل أيضاً. غير أن الأمريكيين يأملون شــراء قلوبهم وقطعهم عن إيران، وفي وقت لاحق جفف الأمريكيون ملك الســعودية إلى أن نال المكالمة الهاتفية المنشودة من بايدن.

ولكن ها هــي الضربة الأكثر إيلاماً جاءت نشــر التقرير الاستخباري الأمريكي، يفترض بموجبه معرفة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وإقراره بقتل الصحافي جمال خاشــقجي فــي تركيا قبل نحو سنتين. وأعلن الأمريكيون بأنهم سيفرضون عقوبات على مســؤولين كبار في أجهزة الأمن والاستخبار­ات السعودية ممن يحيطون بولي العهد.

في الشــرق الأوســط تفســر الخطوات الأمريكية كتنكــر للعائلة المالكــة، بل وحتى إباحــة دمها. وكما يذكر، فــإن الأمريكيون تبنوا حيال شــاه إيران أيضاً

سياسة نقدية وساهموا في ســقوطه وفي صعود آية الله. ينبغي الأمل بأن تتمكن العائلة المالكة السعودية من مواجهة التحدي وألا تكرر خطأ الشاه الذي اعتمد على الولايات المتحدة أن تساعده وقت الضائقة.

تتصرف الإدارة الأمريكية وكأنها «عصبة شبيبة من الكشــافة» ولكن عليها أن تفهم بأن المواقف الأخلاقية والتطهرية لا يمكنها أن تحل محل السياسة الخارجية، أو مصالح الدول. ووهم إصلاح العالم في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط فشل فشــًا ذريعاً قبل عقد، فالربيع العربي الذي علق عليه الأمريكيون الآمال، انتهى نهاية بشعة. كما أن عليهم التفكير بالبدائل التي أمامهم؛ أي إذا كان ينبغــي تفضيل الســعودية، الحليفة القديمة ومحاولة إصلاح سلوكها من خلال حوار سري وثاقب، أم اختيار إيران، العدو اللدود لكل ما تمثله أمريكا.

لقد صفت السعودية على ما يبدو صحافياً معارضاً للنظام، وهــو أمر فعلته أنظمة كثيرة فــي العالم، من أصدقاء واشــنطن ومن معارضيها. وبالمناســ­بة، لقد ســاهم الأمريكيون أيضــاً في أمور كهــذه في الماضي غير البعيــد. خطأهم الوحيد أن أردوغان أمســك بهم متلبســن وهو محب كبير للديمقراطي­ة بحد ذاتها. من يريد صداقة الولايات المتحدة عليه أن يفهم حساسية الإدارة الأمريكية المنصتة للرأي العام والإعلام. ولكن عندما تخرج هــذه الإدارة «لإصلاح العالم» وفي واقع الأمر «لتدمير العالم القديم» فعليهــا أن تأخذ النتائج بالحسبان.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom