Al-Quds Al-Arabi

برنارد ستيجلر حول كورونا: ما نعيشه الآن تحذير رهيب للإنسانية

- ترجمة: عبد الله الحيمر:

في عام 1983 التقى برنارد ستيجلر )1952 ــ 2020( بالفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، الذي كان على وشــك قيادة الكلية الدولية الجديدة للفلســفة. نظم ندوة تقنية نصف شهرية هناك عام 1984 مكنتــه من التميــز وبالتالي تعيينه كباحث فــي وزارة البحث. وفي عــام 1988عرضت عليه جامعة كومبيين للتكنولوجي­ا درجة الأســتاذي­ة. من عام 1996 حتــى 1999 أصبح نائب المدير العام للمعهد الوطني السمعي البصري، قبل أن يتولى إدارة معهد بحوث الصوت/الموسيقى والتنسيق في عام 2002. وظــل هناك حتى فــي عام 2006 عندما تم تعيينــه مدير التنمية الثقافية فــي مركز بومبيدو. كان ضمن هذه المؤسســة أنه أســس في نفــس العام معهد البحــث والابتكار ) المســؤول عن «توقع ودعم وتحليل التغييرات في الأنشطة الثقافية والعلمية والاقتصادي­ة التي تسببها التقنيات الرقمية .»

رحل الرجل في آب/أغســطس 2020 عن عمر يناهز 68 ســنة. قبل وفاته وفي هذه الأوقات التي تشــهد أزمة صحية واقتصادية عالمية، ألقى برنارد ســتيجلر، الفيلســوف وعضو المجلس العلمي لمرصد الذكريــات ، الضوء على تأثير هذه الأزمة على الذكريــات الفردية والجماعية وظروف المرونة، وعن هذه العودة إلى التوازن اللاحق للصدمات.

■ مــا هي الآثار التي ســيتركها هــذا الوباء في ذاكرتنا الفردية والجماعية؟

□ إن ذكرى الأوبئة الكبرى ليســت موجودة في النهاية فــي تمثلاتنا الفرديــة والجماعية. يميل البشر للأسف إلى نســيان الكوارث على الرغــم من مطالبتهم بجعل كل شــيء آمنًا. إذا تذكرنــا الإنفلونزا الإســباني­ة عــام ‪50( 1918‬ مليون قتيل!( فمن يتذكــر وباء إنفلونزا هونغ كونغ في عام 1969؟ ذكرياتنا تنســى دائما مع مرور الوقت.

وعندما يتعلق الأمــر بأزمة فيروس كورونا، هناك قدر كثير من الأمور مذهلة. وسنتحدث بلا أدني شــك عن هذا الوباء العالمي المرتبط بحالة الاحتواء. وقد تــؤدي تجربة الجائحة هذه إلى تجارب تذكيرية ممتعة للغايــة، حتى لو كانت عكس ذلــك أيضًا، اعتمادًا علــى الظروف التي تحيط بنا.

■ ما هي خصائص هذه الأزمة؟ □ ما يميز هذه الأزمة الفيروسية عن إنفلونزا هونغ كونغ أو الأنفلونزا الإسبانية هو السرعة التي تتطور بهــا، وكذلك التكــرارا­ت المتزايدة الأقرب لمثل هــذه الأزمات، الاقــل خطورة الى حد كبير، لأقل من عشرين عامًا، في سياق عدم الاســتثما­ر في الصحة العامة الــذي ينظر اليه باعتباره مــن الارجح ان يدمر الاقتصاد العالمي لفترة طويلة. إلى جانــب حقيقة أن الفيروس ينتشــر بســرعة كبيرة وعلى نطاق واسع في جميع أنحــاء العالــم. فانه شــديد العدوى، وبالتالي يمكن أن يؤدي هذا الوضع؛ إلى إثارة الذعر في عالم «ما بعــد الحقيقة» حيث لم يعد هناك أحد يثق بأحد.

■ هذه الأزمة هــي صدمة كبيرة لمجتمعنا. ومع ذلك، هل الطريق مفتوح نحو المرونة؟

□ يرتكز نموذجنا الاقتصــاد­ي الحالي على التواصل الجســدي والرمزي المفرط بين جميع الأماكن في العالم تقريبًا، مما يزيد الخطر بشكل كبير. هــذا النموذج، وهو أيضًا نموذج اقتصاد البيانات، خطير جدًا لأنه يلغــي التنوع، وهو شــرط المرونة. ومن خلال رغبتنا في تحســن كل شــيء من خلال الخوارزميـ­ـات، نعمل على الحد من المرونة مع الحياة على أســاس الوقت المناســب، وهو ما نشــاهده من أوجه تأثيرات النقص المختلفة. لقد أصبح المجتمع البشــري؛ عرضــة للخطر في مجمله ولــم يصل الى نقطة لا يمكــن بلوغها ابــدا؛ ولابــد أن تتوقف هذه اللامسؤولي­ة.

■ هل يمكــن للاحتــواء أن يعيد تنشــيط ذاكرة أنماط الحياة السابقة؟

□ أنا أعمل حاليًا على مشروع تجريبي مع فرق من مقدمي الرعاية الصحية، حول الســؤال التالي: «ما هو العيش في حالة الحجــر الصحي فــي الوقــت الحالي؟». وفي الحظر الاجتماعــ­ي، هناك الكثير من المواقف المحتملة، لكن علــى أي حال، فإن الأمر الواضح هو أن عددًا من الأشياء يتم مقاطعتها، ويمكن أن تكــون هذه اللحظة وقتًا لخلق التفكير والتأمل، سوى المستوى الفرديً او الجماعي. مع القليل من المرافقة. يمكن أن يؤدي هذا إلى العودة إلى الذاكرة ومعاني الأشياء التي كنا نمارسها من قبل، والتي غالبًا ما فقدنا ممارساتها العائلية، والتــي هي أيضًا ممارســات تعليمية. من خلال هذه الأســئلة، يمكن للمرء أن يفكر فيما يعنيه القيام بشيء ما معًا، والمخاطر التــي تمثلهــا الهواتــف الذكية فــي هذا الصدد، للصغار والكبار على حد سواء. يمكننا أيضًا أن نتساءل فرديًا وجماعيًا عن سبب عدم عودتنا إلى طرق الحياة هــذه، دون أن نعيش مجددًا كما في القرن العشرين. وبالتالي يؤدي الاحتواء أحيانا الى التفكير في أنماط حياتنا.

■ كيــف تنظرون إلى إدارة الأزمة، لا ســيما من خــال اســتخدام الذكريــات الرقميــة الخارجية، وتقنيات المعلومات والاتصالات؟

□ يعتمــد الاقتصاد الحالي علــى المعلومات التي تحل محل المعرفة والتي هي نفســها قابلة للحساب بشكل كامل، مما يجعلنا كائنات رقمية مستنسخة ومتحكمة عن بعد. يجب علينا إعادة التفكير في تكنولوجيا المعلومات، والتوقف عن تكليــف الخوارزميا­ت عن تكليف بكل شــيء، ووضــع آليــات للتــداول بين الأطبــاء، وبين المصرفيين، بين ســكان المناطــق وتعزيز تنوع المناطق، إلــخ. يعتمد النظــام الحالي بالكامل على النســب الآلية التي تميل إلى نسب تلقائية تميــل الى القضاء على القيمة المحســوبة. وفي مواجهة هذه الأنظمــة التي لا تُحصى، يمكن أن تدخل الأنظمة آنذاك في أزمة. وبســبب النقص الحالي الأقنعة بالنسبة للقضية الحالية لنقص الأقنعــة، تم التقليل من المخاطــر بأدنى تقدير. لقد نسينا أن المخاطر لا تدخل أبدا في حسابات الوسائل.

■ مــا المعنى الــذي يمكن أن تحمله هــذه الأزمة على المستويين الفردي والمجتمعي؟

 ??  ?? برنارد ستيجلر
برنارد ستيجلر

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom