Al-Quds Al-Arabi

«دفاتر مايا» يحيي ذكريات جيل لبناني مرهق بالأزمات

-

■ برلــن - أ ف ب: انطلــق مهرجــان برلــن السينمائي أمس الاثنين بنسخة افتراضية بالكامل مع فيلم «دفاتر مايا» الذي اضطر مخرجاه الزوجان جوانا حاجي توما وخليل جريــج لمواجهة تبعات الانفجار المدمر في مرفأ بيــروت والجائحة لإنجاز أول عمل لبناني ينافس على جائزة «الدب الذهبي» منذ أربعة عقود.

هذا الفيلم الذي يحمل عنوان «ميموري بوكس» بالإنكليزي­ة هو من بين 15 عملا مشاركا في المنافسة على الجائزة الكبرى التي يمنحها الجمعة مهرجان برلــن، أول حدث ســينمائي أوروبــي بارز خلال العام.

وعلى غرار مهرجان «صاندانس» خلال الشتاء، اختار القائمون على الحدث الألماني إقامة نســخة افتراضية بالكامــل في ظل محاولة الجهات العاملة في القطــاع الإبقــاء على عجلــة الإنتــاج لتلبية متطلبــات الجماهير المتعطشــة للترفيه خصوصا خلال فترة الحجر المنزلي وإغلاق قاعات السينما.

وتعود آخر مشــاركة لفيلم لبناني في المســابقة الرســمية لمهرجان برلين إلى 39 عاما، مع «بيروت اللقاء» للمخرج برهان علوية.

ويســتند فيلم «دفاتر مايا» إلى قصة حقيقية عن اكتشاف مجموعة رسائل وأشــرطة كاسيت كانت حاجي توما أرســلتها إلى صديقة لها خلال سنوات المراهقة في ثمانينيات القرن العشرين إبان الحرب اللبنانية.

وفي الفيلــم، يصل الطــرد المشــحون برائحة الماضــي إلى مونتريال في منــزل مايا وهي لبنانية هاجرت إلى كنــدا تعيش مع ابنتها المراهقة أليكس. ويدفــع إحياء هــذه الذكريات القديمــة بمايا إلى البــوح عن أســرارها ومكنوناتها بشــأن تجاربها في فتــرة الحرب.وقالــت حاجي تومــا )51 عاما( عبــر «زوم» من باريس «أحيانــا أبناؤنا هم الذين

يدفعوننا إلى اســترجاع ذكريات لا نريد رؤيتها أو نرفض عيشها مجددا».

وأضافــت «نحن لا نشــارك تاريخــا موحدا في لبنان ولــم نُعد التواصــل بيننا كمجتمــع، ولهذا نحاول العمــل من خــال الفنون والأفــام طرح تساؤلات عن هذه المسألة».

وقد حصــدت أعمال حاجي تومــا وجريج ثناء عالميــا وعُرضت لهما أفــام في فعاليــات ومراكز كبرى بينهــا مهرجان كان ومتحف تايت مودرن في بريطانيا ومركز بومبيدو في باريس ومتحف موما في نيويورك.

ويتضمن فيلم «دفاتر مايا» مشــاهد اســتعادية تعود بالمشــاهد­ين إلى بيروت خــال الثمانينات، غير أن أجواء الحرب القاتمة لا تحجب تعطش أبناء الجيل الشاب للحب وتوقهم لإيجاد متنفس لهم في مدينة تُعرف بصخبها وحبها للحياة.

وأشــارت حاجي توما إلى أن «الأهم لم يكن فقط إظهار الحرب الأهلية والصدمــة، بل أردنا أن نبيّن جيلا أراد أن يعيش ويحب ويحلم».

وهــي كانت تعمل مــع زوجها علــى فيلمهما في بيــروت عندما عصــف انفجار مئــات الأطنان من نيترات الأمونيــو­م بمرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغســطس الفائت مــا أودى بحياة أكثــر من مئتي شــخص وجرح الآلاف مخلفا الدمار والفوضى في أنحاء واسعة من العاصمة اللبنانية.

ولفتت إلى أن شقتهما والاستوديو الفني وشركة الإنتاج التــي يملكانها قريبة من المرفــأ، وقد «أتى الانفجــار على المواقع الثلاثة التي كانت بيتا لنا في لبنان».

وأضافت «كنت في مقهى مجاور وكانت الصدمة قوية للغاية، لــذا احتجنا إلى وقت لنبدأ بالتعافي. لكننــا لا نريد أن نتعافــى هذه المــرة. لا نريد هذا الصمود، جميعنا، بل نريد المحاسبة».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom