Al-Quds Al-Arabi

«فنادق الطين» مقصد سياحي يستقطب الزوار في قرية عمانية

-

■ مسفاة العبريين )ســلطنة عمان( ـ أ ف ب: نجح سكان قرية مســفاة العبريين العمانيــة فــي جعلهــا مقصداً ســياحياً إثــر تحويل المنــازل القديمــة والتقليدية المصنوعة مــن الطين إلى فنــادق صغيرة اســتقطبت آلاف الزوار إلى منطقة تشتهر بمسارات المشي الجبلي وقصص الجن.

وقبل ست ســنوات، فتحت القرية التي يبلغ عدد سكانها 800 نسمة وتقع في منطقة ذات طبيعة أشــبه بأخدود غراند كانيون في الولايــات المتحدة، حاراتهــا الضيقة للأجانب والســكان المحليين الباحثين عن المغامرة في الصحارى والزوايا الخضراء في السلطنة الخليجية.

ويروي يعقوب العبري أنّ كل شيء بدأ في عام 2010 عندما اقترح عمه على العائلة العودة إلى اســتخدام المنازل الطينية بعد إهمالها لســنوات في المنطقــة القديمة من القرية، إنّما بغرض الضيافة.

وكان أصحاب هذه المنــازل التي يعود تاريــخ بنائها إلى قرون مضت قد هجروها خوفاً من انهيارها، وانتقلوا للعيش في الجانب الآخر من القرية حيث بنوا مساكن جديدة.

ويقر العبري أنّ فكــرة عمّه كانت الجمع «بين حياة طبيعية بســيطة لا يمســها الصخب، وهــي الحياة المأخوذة من حياة العماني القديم، لكن مع إضافة لمسة حضارية توفر الراحة والسلامة والحياة السهلة».

وبــدأت حينها بلــورة فكرة تحويل المنــازل ذات الجدران البنيــة المصنوعة من الطــن والطوب، إلى نزل بسيطة وأنيقة مفروشــة بالخشب والمنسوجات التقليدية.

وبعد خمس ســنوات، أنشــئ أول فندق «بوتيك» للعائلة وتشغيله، مما ألهم العديد من الجيران والقرى الأخرى في أجزاء مختلفة من الســلطنة، فساروا على النهج ذاته محولين منازلهم إلى أماكن ضيافة.

ويوضح العبري: «بدأنا بخمس غرف فقط )..( ثم زدنا عدد الغرف واشــترينا بيوتاً قديمة أخرى حتى وصلنا الآن إلى 15 غرفة، ولدينا مخطط للاستمرار في التوسع حتى الوصول إلى 50 غرفة.»

حتى قبــل عمليــة تحويل المنــازل، كانــت قرية مســفاة العبريين الواقعة على بعد نحو ثلاث ساعات بالســيارة من العاصمة مسقط، تمتلك عناصر الجذب السياحي.

فالقرية الممتــدة على قمة جبل بارتفــاع يزيد على ألف متر عن ســطح البحر، هي عبــارة عن مجموعة منازل تقليدية متناثرة في عشــرات الأزقة الصغيرة المطلة على الأراضي المزروعة بأشجار الليمون والموز والحمضيات والنخيل.

وهي جزء من منطقة تُلقــب «غراند كانيون عمان» وغالباً ما يزورها السياح للتنزه في جبالها الصخرية والوديان واستكشــاف طرق العيش القديمة للسكان المحليين.

لكن المنطقة تشــتهر أيضاً بقصص الجن المتوارثة منذ قرون، والتي لا تزال تُروى على نطاق واســع في القرى المشابهة في كل أنحاء البلاد.

ويقول العبــري مرتدياً دشداشــة بيضاء وعمامة تقليدية ملونــة، إن الإقامة في قريته «أشــبه برحلة إنســانية في عالم الطمأنينة والسلام النفسي وغسل الــروح من صخب وحيــاة المدنية المليئــة بالضجيج والزحام».

ويتابع: «حتى المأكــولا­ت التي توفر في هذه النزل تُجهز في بيوت عمانية من أهالي القرية».

ووفقاً لمالك الفندق، فقد نزل 5500 سائح من ألمانيا وفرنسا والخليج ومناطق أخرى من العالم في منزله فــي عام 2019 بمعدل إشــغال ســنوي بلغ 90 في المئــة، مقارنة بـ800 فقط خلال العام الأول في 2015.

وتتراوح أسعار الغرف، حسب الموسم والحجم، ما بين 90 و180 دولاراً.

وتحاول الدولة التي يبلغ عدد ســكانها خمســة ملايين نســمة تنويــع اقتصادها المعتمد على النفط منذ هبوط أسعار الخام قبل سبع سنوات.

ولطالما كانت الســياحة بمثابة شريان حيــاة بديل في الســلطنة الخليجية التي تتمتع بتراث غني وسواحل تمتد على آلاف الكيلومترا­ت وجغرافيــا جبلية فريدة من نوعها في المنطقة.

ويُنظر إلى جهود تنشــيط الســياحة أخيراً على أنّها طوق نجاة لاقتصاد ضُرب بشــدّة جرّاء انهيار أســعار الخــام العام الماضــي والإغلاقــ­ات المرتبطــة بفيروس كورونا في عمان والبلدان المجاورة. وزار حوالي 3,5 ملايين سائح عمان في عام 2019 لكن الســلطنة تخطط لجذب 11 مليونــاً بحلول عام .2040

في مســفاة العبريــن، أوجد تحويل ســتة منازل طينيــة إلى فنــادق فرص عمــل إضافيــة من خلال المشــاريع الهادفة للترفيــه عن الزوار، مثل إنشــاء مســارات جديدة للمشــي لمســافات طويلة ورحلات تسلق الجبال، وفقاً لعبد الله العبري الذي يمتلك أحد الفنادق.

وفي الوقــت الذي شــل فيه الفيروس الســياحة الدوليــة، كان أصحاب الفنادق في مســفاة العبريين وغيرهــا من المناطق يعتمدون بشــكل رئيســي على السياحة المحلية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom