Al-Quds Al-Arabi

هل كانت وفق ترجيحات بوقوف طهران وراءها: «حادثة السفينة» ضمن سياسة «الرسائل الصامتة» بين إيران وإسرائيل؟

- تل ليف رام

■ بضــرب الســفينة ذات الملكيــة الإســرائي­لية لــم يبقِ الإيرانيون مكاناً صغيراً للغموض، بما في ذلك المنشــورا­ت التي جاءت بعد ذلك في وســائل الإعلام المتماهيــ­ة مع نظام آية الله. عملية خطط لها كعملية ضرب الوعي، التي يتضح أن إيران تقف خلفها، وأن هدف ضرب الســفينة كان استهداف إسرائيل بشكل مباشــر؛ لأن طهران قادرة على ضرب أهدافها بالبحر. مثل هذه الخطوة يخطط لها كعملية عســكرية بكل معنى الكلمة، ولكن ما يجعلها أكثر تعقيــداً الرغبة في تنفيذ العملية دون أن تؤدي إلى مصابين في أوساط رجال الطاقم أو إلى تدمير كامل.

اكتفى الإيرانيون في هذه المرحلة بضرب سفينة بملكية رجل أعمال إسرائيلي، حين يكون واضحاً بأن مسار الإبحار لا يرتبط بإســرائيل ولا يؤثر على مصالحها الاقتصادية في هذه المرحلة. ولا يزال هذا الحدث، في عوالم الرســائل الصامتة بين إسرائيل وإيران، ذا تداعيات لا يمكن الاستخفاف بها. للمسارات البحرية أهمية كبيرة في المعركة الســرية الجارية بين إسرائيل وإيران. يمكن الافتراض بأن قوات الأمن الإســرائي­لية عملت في الماضي غير البعيد في البحر لمنع وإحباط التهريبات إلى سوريا ولبنان وقطاع غــزة. بالمقابل، يدعي الإيرانيون بــأن الولايات المتحدة وإسرائيل والســعودي­ة يقفون خلف هجمات خفية على ناقلات نفط إيرانية، ولا سيما في العام 2019.

إن العملية الإيرانية في خليج عُمان ليست انتقاماً على تصفية العالم النووي محســن فخري زاده المنســوبة إلى إســرائيل،

وليســت رداً على هجمات ســاح الجــو ضد أهــداف إيرانية. فطهران معنية بانتقام قــاس أكثر بكثير على هذه العمليات، في شــكل يكون ضرب إسرائيل ملموســاً فيها. العملية التي نفذتها إيران في نهاية الأســبوع ليســت ســوى جزء من المعركة التي تخوضها في محاولة للضغط علــى الأمريكيين لرفع العقوبات. فالإيرانيو­ن يطلقون الإشارات بأنهم مستعدون للارتفاع مرحلة أخرى، والتسبب بعدم استقرار في مسارات الملاحة.

في إطار المواجهة، كانت الأهداف الإســرائي­لية خارج النطاق حتى الآن. أما في العملية الحالية فقد رفع الإيرانيون مســتوى رهانهم، فيمــا يفعلون ذلك في ظل فحص دقيق للهدف وشــكل العمل ليس صدفــة أن اختار الإيرانيون ســفينة تجارية، وهي وإن كانــت بملكية رجل أعمال إســرائيلي، فإنهــا لا تحمل علماً إسرائيلياً، ورجال طاقمها ليســوا إسرائيليين، ومسار ملاحتها لا يرتبط بإسرائيل. ومع ذلك، يعتقد جهاز الأمن عندنا بأن هذه المعطيات لا تجعل الحدث أقل خطــورة، ويحذر من انجراف من شأنه أن يضرب مصالح اقتصادية واستراتيجي­ة أكبر إذا لم يتم إيقافه الآن.

معضلة إسرائيل كبيرة في هذه اللحظة، خاصة أمام وجوب الرد على أســئلة مثل: كم ســيكون حجم الرد؟ وهل يبقى تحت مســتوى الغموض؟ صحيح أن إســرائيل غير معنية باستمرار التصعيد في المجال البحري، الذي يضرب مصالحها الاقتصادية والاســترا­تيجية، ولكن جهاز الأمن يميــل نحو رد واضح وكاف وذي مغزى، بحيث يرسم خطاً أحمر لإيران قبل أن تختار ضرب هدف إسرائيلي في الخليج.

معاريف 2021/3/1

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom