Al-Quds Al-Arabi

بعنوان «يفتح المطار للأصولي فقط»: كورونا الإسرائيلي... بين نجاح التطعيمات والسلالة الجديدة وترتيبات نتنياهو الانتخابية

- عاموس هرئيل

■ ثمة علاقة بين التمييز الذي كشف عنه حديثاً في مطار بن غوريون واحتفالات عيد المســاخر الجماعية التي جرت هذه الأيام في مراكز المدن، مع تجاهل اســتعراضي لتوســل يائس لرؤساء جهاز الصحة. شــباب علمانيون يشاهدون بعجز فظيــع الطريقة التي تدير بها الحكومــة أزمة كورونا )باســتثناء نجاح عملية التطعيم(، ويشــاهدون أيضاً عدم تطبيــق القانون كاملاً علــى الجمهــور الأصولي والخوف منه، ويشــاهدون البلاغــة الفارغة والمتملقــ­ة التي يتوجه فيها رئيــس الحكومة نتنياهــو والــوزراء للجمهور. كان يمكن الافتراض بأن يأســهم وغضبهم ســينفجران في وقت ما. الاحتفالات بعيد المســاخر في الذكرى السنوية لوصول المريض الأول لكورونا إلى إسرائيل تحولت إلى تحد، وشبع انتفاضة مدنية ضد توجهات الحكومة.

لا يملك الشــباب العلمانيون مبــررات أفضل على خرق التعليمات مما لدى نظرائهم في أوســاط الجمهور الأصولي. إذا كان تجمع الجمهور في الفضــاء المفتوح خطيراً، بدرجة معينة على الأقل في جنازة في «بني براك»، فهو خطير أيضاً في احتفال في تل أبيب. وعلينا قــول الآتي دفاعاً عنهم: في المدن العلمانية كان هناك عدد أقل من الخروقات المكشــوفة للتعليمات في الســنة الماضيــة، لكنها خروقــات ووجهت بإنفاذ زائد ومميز من قبل الشــرطة؛ وفي هذه المدن عدد أقل من الإصابات مقارنة بالقرى العربيــة والبلدات الأصولية؛ والسياسيون العلمانيون لم ينشغلوا بشكل كبير في شرعنة الخروقات ومنع العقاب ضد ناخبيهم مثلما فعل الأصوليون.

إن الســلوك الذي جرى في مطار بن غوريون، الذي أبلغ عنه أوري مســغاف في «هآرتس» والذي تم في أعقابه نشر تقرير مدو في «أخبار 12» يوم الجمعة، يعزز الشعور الشديد بالتمييز. وبسبب الخوف من دخول سلالات جديدة قد تكون أكثر عدوى، انتقلت إســرائيل إلى وضــع الإغلاق. قد يكون هذا رداً مشــروعاً لو ترجم إلى نظام مرتب ومتشــدد ويلزم بالحجر وإجراء فحص كورونا للخارجين والقادمين.

ولكن ما تم الكشــف عنه هو العكــس؛ يبدو أن هذا الأمر لم يعد يفاجئ أحداً، فالدولة تضع صعوبات أمام الخارجين، أما بالنســبة للقادمين فقد تحولت لجنة الاســتثنا­ءات إلى مســار لتبييض عبور المواطنين الأصوليين ومقربين آخرين من الســلطة. المواطنون العاديون لا يســتطيعون الدخول. والأخطر من ذلك هو تعزيز شــك بأن سياسة التمييز ترتبط بشــكل غير مباشــر أيضاً بالانتخابا­ت. ومثلما في أي جولة انتخابية، يدخل البــاد هذه المــرة آلاف الأصوليين الذين

لديهم جنسية مزدوجة، غير أن المواطنين يبقون في الخارج وقد لا ينجحون أبداً في التصويت. ولأن المشرف على كل هذا الخير هي وزيرة المواصلات ميري ريغف، الشخصية التي لا تثير ثقة الجمهور الكاسحة حول طهارة اعتباراتها، فهو أمر يزيد الغضب الذي تثيره هذه القصة.

من الصعب اتهام رؤساء وزارة الصحة بكل ذلك، الذين يواجهون تعباً جماهيرياً متزايداً بعد ســنة من الوباء. رتب نتنياهو لنفسه تقسيماً مريحاً: كلما اقترب موعد الانتخابات

يكون هو المســؤول عن الأنبــاء الجيدة حــول التطعيمات ووعود الخلاص الاقتصادي الوشــيك. أما المســتوى المهني فيبقى مع التحذيرات والتخويف.

قــد يرتبط جزء من المشــكلة بأن الشــباب الذين تلقوا التطعيم في هذه الأثناء، لا يشــعرون بأنهم يحصلون على تسهيلات حقيقية. فترتيبات البطاقة الخضراء لم تطبق بعد بشــكل منظم، وما زالت أجزاء بارزة من الاقتصاد في حالة شلل، والخبراء ما زالوا يشرحون للجمهور أهمية التضحية المطلوبة. ولكن رئيســة خدمات الصحــة العامة، الدكتورة شارون برايس، أصبحت تثير في أوساط الكثيرين الاشتياق إلى فرح الحياة والتفاؤل.

مــا زال هناك ما يمكن قولــه للجمهور في بند البشــرى الإيجابية، رغــم العناوين التي تتحدث عــن ارتفاع معامل العــدوى «آر». ارتفــاع يعكس تغييــراً في عــدد المصابين المؤكدين، بعد فتح عدد من مؤسسات التعليم. ولكنه يرتبط أيضــاً بإجراء عدد أكبــر من الفحوصات فــي اليوم. وزارة الصحــة لا تذكر أن معــدل الفحوصــات الإيجابية في حالة انخفاض مؤخراً، والآن لم يسجل أي ارتفاع في عدد المرضى في حالة صعبة أو الذين يتم علاجهم. طالما لم يتم تشخيص ســالة كورونا يتبين أنها محصنة ضــد التطعيمات، فإنه لا يمكن لارتفاع عدد الإصابات شطب ما تحققه عملية التطعيم. تم اجتياز نسبة مهمة في نهاية الأسبوع، فأكثر من 4.7 مليون إسرائيلي، وأكثر من نصف السكان، تلقوا الحقنة الأولى من تطعيــم فايزر، وأكثر مــن 3.3 مليون منهــم، 36 في المئة من إجمالي عدد السكان، تلقوا تطعيم الحقنة الثانية.

علامــة الاســتفها­م الأساســية تتعلــق بوتيــرة أخذ التطعيمات. في الأســبوع الماضي انخفض من 80 ألف حقنة أولــى في اليوم إلى حوالــي 50 ألفاً، لكن حتــى إذا بقي في المســتوى المنخفض، نأمل الاقتراب من حوالــي 5.7 مليون إسرائيلي مطعم بالحقنتين حتى منتصف نيسان.

هذه ليست نهاية المطاف. ففي إسرائيل حتى الآن 730 ألف شخص تعافوا من كورونا. وحسب كل التقديرات، فإن عدد المتعافين الحقيقي أكبر بكثيــر، لأن الكثيرين منهم كانوا من المصابين الذين لم تظهر عليهم أعراض والذين لم يشخصوا في الوقت الحقيقي. هذا العدد مهم بالنســبة للأطفال، الذين ترتفع نســبة المصابين فيهم دون أن تظهــر عليهم أعراض. بكلمات أخرى، بحســاب أولي، عدد الإســرائي­ليين الذين تم تطعيمهم ضد كورونا أو تعافوا منه يمكن أن يكون خلال شهر ونصف أكثر مــن 6.5 مليون. حوالي 70 في المئة من ســكان البلاد، وضمن ذلــك، كل المجموعة المعرضة للخطر، التي هي فوق جيل 60 سنة، ستكون محمية من كورونا.

كما قلنا، لهذا العدد صلة طالما لا توجد طفرة محصنة من اللقاح. سيكون هذا العدد «كاسراً حقيقياً للتوازن». ينقسم الخبراء حول مســتوى مناعة القطيع التي يجب حســابها بخصوص كورونــا. لا توجد دولة حتى الآن وصلت إلى هذا المستوى. الدكتور أنطوني باوتشي، ملك كورونا الأمريكي، اعتــرف في كانــون الثاني الماضــي بأنه رفع العــدد المقدر إلى حوالي 80 في المئة بســبب تفشــي الطفــرة البريطانية الأكثر عدوى. ولكن مع 70 في المئــة مطعمين ومتعافين، فإن الفيروس سيقابل في طريقه عدداً أقل من القابلين للإصابة، الأمر الذي سيساعد على كبح تفشيه.

يبدو أن الدولة ستحسن صنعاً إذا استمرت في استخدام وســائل إقناع للمواطنين الذين لا يزالون مترددين بشــأن تلقي التطعيم. إضافة إلى ذلك، ستكون حاجة إلى استغلال كل تطعيم ممكن، لذلك فإن عمليــة توزيع التطعيمات لدول صديقة مقابل أمور بسيطة، مثل نقل سفارة غينيا الاستوائية إلى القدس، تبدو أموراً سخيفة ومبذرة.

الحاجة الأكثر إلحاحاً تتعلق بأمر آخر يحدث في الضفة الغربية. ففي أراضي الســلطة الفلسطينية هناك الآن ارتفاع حــاد ومقلق في عــدد الإصابــات بكورونا. إســرائيل، كما شهد على ذلك نتنياهو في الأســبوع الماضي، ليست جزيرة بسبب عدم الانفصال عن الفلســطين­يين. لهذا السبب عليها الاهتمام بوصول أكبر عدد ممكن من التطعيمات وفي أســرع وقت. الأولوية الأولى ستكون تطعيم العمال الذين يمكثون بصورة غير قانونية ويعملــون داخل الخط الأخضر. ولكن بدون احتواء كبيــر لكورونا في الضفة لن تكون هناك راحة لإسرائيل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom