Al-Quds Al-Arabi

«الأخطر من ترامب»: جاء دور تفكيك أصوات العرب كي أفرش السجاد الأحمر في إسرائيل أمام ورثة كهانا

فكك النظام الحزبي وجاء بـ«قانون القومية» وأضعف «المشتركة» وطلب من السلطة الفلسطينية استخدام تأثيرها على الوسط العربي ليصوت له

- عودة بشارات –

■ يمكــن القول بــأن الأكثر خطورة في النظام السياســي الإســرائي­لي هو نتنياهــو، ويمكن القول أيضاً بأن نتنياهو أكثر خطــورة من ترامب؛ فترامب لم يتعقب أعضــاء الكونغرس من الحــزب الديمقراطي لإغرائهــم بالانضمام إلى معســكره، ولكــن نتنياهو يتخذ هذا هو ترياق حياة في عقيدته: إثارة الشــجار والرشوة والحكم.

لم يقتصر نتنياهو على سياســة «فرق تسد»، التي هي جوهر الكولونيال­ية، بل طورها أيضاً ضد أبناء شعبه. فقد نجح في إثارة الشجار وحل كل مؤسسة حزبية وقفت في طريقه. هو يعثر على نقطة الضعف لدى الخصم ويمســك بها ويستغها، والباقي معروف.

إيهود باراك الذي كان الخلية الأضعف، تبخر سياســياً بعد أن انشــق، أما حزبه، العمل، فقد رمي لأســماك القرش وهو ينزف. وحزب «كديما» الذي كان

ذات يوم حزب السلطة لم يعد قائماً بفضل نتنياهو. وثمة أحزاب من «العائلة» حصلت على معاملته المخلصة؛ أحدها برئاســة نفتالي بينيت، لم تجتز نســبة الحسم في جولة من الجولات الانتخابية.

أخيــراً جاء دور العرب؛ قدر نتنياهو أن الحلقة الأضعف هي حزب «راعم»، ويمكن جره إلى خارج القائمة المشــتركة. المكســب كبيــر... وحتى بدون نجاح «راعم» في الانتخابات، حســب جميــع التوقعات، فإن كتلة الـــ 15 مقعداً التي كانت ضده قد تتقلص ببضعة مقاعد. زادت شــهية نتنياهو بعد قضم القائمة المشتركة. والسلطة الفلســطين­ية الآن على مرمى الهدف؛ فقد طلب نتنياهو من الســلطة اســتخدام تأثيرها على العرب في إســرائيل كي يصوتــوا لليكود، أو على الأقل أن لا يصوتوا للقائمة المشــتركة. وإذا كانت هناك حاجة، فســيصل نتنياهو حتى إلى حزب الله، وربما إلى طهران.

كان الشاعر مظفر النواب كتب عن سجين «ألقي في قبو مظلم يشك العقرب فيه بصديقه»، هذا هو الوضع الحالي. النظام السياسي هنا يشبه القبو المليء بالعقارب. بعد أن زرع بذور عدم الثقة في جهاز القضاء والإعلام، وبعد سلسلة التفــكك التي أثارها في الأحزاب المعاديــة، كان في ذروتها تفكيك حزب «أزرق أبيض» إلى شــظايا، تقوضت الثقة فــي النظام الحزبي بعد موجة الانشــقاق التي شــاهدناها، من ســيضمن للمصوتين أن حزباً يؤيد الجانب «الأسود» لن ينتقل إلى الجانب «الأبيض»؟ من يضمن للمصوتين أن حزب «فقط ليس بيبي» لــن ينتقل في اللحظة الحاســمة إلى «نعــم بيبي»؟ هذه هي مســاهمة نتنياهو الكارثية التي قدمها للسياسة الإسرائيلي­ة، الجميع يشك بالجميع.

لذلك، تبدو خطيرة تلك الموضة الآن، موضة الجميع هم الشيء نفسه، سواء نتنياهو أو معارضوه. يظهر الجبل متجانســاً من بعيد، لكنن بعد الاقتراب منه نشــاهد نباتات هنا وهناك ونشاهد جفافاً. العمل السياسي مبني على القدرة على تشــخيص الفروق، حتى الصغيرة جداً في النظام السياسي والعمل على عزل العنصر الضار.

نتنياهــو هو العنصــر الأكثر ضرراً. باســتثناء غريزة التقســيم التي لديه، هــو مهندس التحريض، ســواء ضد العــرب أو ضد معارضيــه اليهود. وهناك تصريحــات كثيرة جداً. ونذكر هنا بأن «قانــون القومية» صودق عليه بأغلبية

ســبعة أصوات، وكان نتنياهو رأس الحربة في هــذه المعركة. في المقابل، كان هنــاك ائتلاف يهــودي عربي، منقســم حول أمــور كثيرة، لكنــه موحد ضد هــذا القانون الظلامي. إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن وضع الجميع في ســلة واحــدة. في النهاية نقــول إن «قواتنا» مرت في يوم الجمعــة بأم الفحم، وكان الحصاد عشــرات المصابين والمعتقلين، ومن بين المصابين رئيس البلدية سمير محاميد وعضو الكنيســت يوســف جباريــن. هذه هي روح القائــد، الذي يعلن عــن محبة متقدة للعرب، وفي الوقت نفســه يرســل «قواتنا» كــي تريهم مدى محبتنــا. وفي الوقت الذي يغرق فيه نتنياهو العرب بعســله الفيروســي، فإنه يفرش السجاد الأحمر لورثة مئير كهانا في الطريق إلى أروقة السلطة. وعندما ســيبدأون بتطبيق برامجهم لطرد العرب، من الأرجح أن بعض الدموع ستذرف من عيني الشخص المحب.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom