Al-Quds Al-Arabi

واشنطن وطهران: مخاطر انسداد أوسع من الاتفاق النووي

-

■ تتزايــد حالــة الانســداد بين واشــنطن وطهران حول سُــبل إنقــاذ الاتفاق الــذي تم التوصــل إليه في ســنة 2015 حــول برنامج إيــران النــووي، وصادقت عليــه ســت قوى دوليــة كبرى هــي الولايــات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروســيا والصين وألمانيا. وحتى أيار/ مايو 2018 حين أعلن الرئيس الأمريكي الســابق دونالــد ترامب انســحاب بــاده أحادياً مــن الاتفاق وفرض عقوبات قاســية ومتعددة الميادين على إيران، كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشــهد بأن طهران أبــدت التزاماً عاليــاً ببنود الاتفــاق، واتفقت معها في هذا الاســتنتا­ج معلومات الدول الأخرى المشاركة في التوقيع.

ومن الطبيعي أن يدور الانسداد الراهن حول الجهة التــي يتوجب أن تتخذ الخطوة الأولى: واشــنطن التي تلوّح بمفاوضــات جديدة تكفل إعــادة تأهيل الاتفاق

والبحث في برنامج إيران الصاروخي أيضاً، وطهران التي تشــترط العــودة إلى الاتفــاق عن طريــق تراجع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن عن سياســة الضغوط القصوى التي اعتمدها سلفه ترامب وتعليق العقوبات. ومثلما يخضع بايدن لآراء متشــددة داخل إدارته وفي مجلس الأمن القومــي تحديداً ومن جانب الصقــور في الكونغــرس حــول أســلوب التعامل مع التأزم الراهــن، كذلك يخضع الرئيس الإيراني حســن روحانــي وفريقه المعنــي بالاتفاق إلــى ضغوط هائلة من المتشــددي­ن في مجلس الشورى تعكس أيضاً مزاج الاعتراض لدى المرشد الأعلى علي خامنئي.

في غضون هذا كله يتخذ الانسداد منحى تصعيدياً عســكرياً تمثــل مؤخراً فــي الهجمــة الصاروخية على معســكر للقوات الأمريكية في أربيــل ويُرجح أنها من تنفيذ ميليشــيا شــيعية عراقيــة موالية لإيــران، والرد العســكري الأمريكي في قصف ميليشيات مماثلة في ولائها تتمركز شمال ســوريا على الحدود مع العراق. ولا يخفى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تسعى للإبقاء على حالة الانسداد وتعميقها وتطويرها إلى مواجهات أكثر ســخونة بما يخدم مصالحها، خاصة وأن طهران ترى من واجبهــا الانتقام لمقتل العالم النووي الإيراني محســن فخري زاده أواخر تشــرين الثانــي/ نوفمبر الماضي وتتهم الاســتخبا­رات الإسرائيلي­ة بالمسؤولية عن الاغتيال.

ورغم نفي الناطق باسم الخارجية الإيرانية أيّ دور لبلاده في التفجيرات التي طالت مؤخراً سفينة الشحن التــي يملكها رجل أعمال إســرائيلي أثنــاء مرورها في بحر عمان، فإن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ســارع إلى توجيــه أصابع الاتهــام إلى إيــران، كما أن جيش الاحتــال لم يتأخر في توجيه ضربة صاروخية

جديــدة إلى أهــداف إيرانية قرب دمشــق. وأيــاً كانت الصــات بين هــذه الوقائــع وأمثالها فإنها فــي نهاية المطاف تصب المزيــد من الزيت على نــار مركزية أولى هــي الوضع العالق بصدد الاتفاق حــول برنامج إيران النووي والعقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

وبالأمــس كانــت هــذه القضيــة علــى رأس جدول أعمــال الاجتمــاع الخاص لمحافظــي الوكالــة الدولية للطاقة الذرية، وربمــا كان من الواجب أن تلاقيه إيران بمبادرات إيجابية تتيح للدول الاوروبية المشــاركة في الاتفــاق أن تمــارس بعض الضغوط علــى إدارة بايدن لتقــديم مبــادرات مماثلة، بحيــث يلتقــي الطرفان عند نقطة وســطى مشــتركة ومقبولــة. ذلــك لأن التوصل إلى تفكيك الانســداد يبقى في صالح الشعب الإيراني الذي عانى ويعاني الكثير جراء العقوبات الثقيلة، وآن الأوان لمنح الدبلوماسي­ة فرصة جديدة وفعلية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom