Al-Quds Al-Arabi

«دبلوماسية اللقاحات» تثير جدلاً في تونس: الرئاسة تؤكد تلقّيها هبة إماراتية... والحكومة والبرلمان ينفيان الاستفادة منها

نواب يطالبون سعيّد بالاعتذار بعد «إخفاء الأمر»... ويدعون البرلمان إلى مساءلة وزارة الدفاع

- تونس – «القدس العربي»

خبــر صغيــر في إحــدى الإذاعــات المحلية حــول تلقي مســؤولين تونســيين للقاح مجاني من دولة عربية، كان كافيــاً ليثير عاصفة من الجدل في البلاد، حيث أكدت الرئاســة تلقيها لهبــة إماراتية تتضمن 500 جرعــة مــن لقــاح كورونا، منــذ نحو شــهر، لكنها نفــت حصول الرئيس أو عائلته أو مستشاريه على اللقاح، فيما نفت رئاسة البرلمان تلقيها للقاح، كما نفت رئاســة الحكومة علمها بوصول اللقاح وأكدت فتح تحقيق في هذا الأمر، فيما دعا عدد من النواب الرئاســة للاعتذار بعد إخفاء الأمر عن التونسيين، فضلاً عن مساءلة الجهات التي قامت باستخدام اللقاح.

اللقاحات لم تمر عبر الجمارك

وكانــت إذاعة «ماد» نقلت عــن مصادر دبلوماســي­ة تأكيدها تلقي الطبقة السياسية في البلاد لتلقيح فيروس كورونا المستجد من دولة عربيــة خليجيــة )لم تحددها( مشــيرة إلــى أن هذه اللقاحــات لم تمر عبر الجمارك التونســية. كما نقلت الإذاعة عن النائب مبروك كرشــيد تأكيــده لهذا الأمــر. وبعد ســاعات أكد بــدر الدين القمّــودي، رئيس لجنة مكافحة الفســاد فــي البرلمان، وصول اللقــاح إلى تونس، حيث دون على صفحته في موقع فيســبوك: «لقــاح كورونا وصل منذ مدة مــن دولة خليجية. المعلومة شــبه مؤكــدة. تم توزيع اللقــاح على كبار المسؤولين والسياسيين وقيادات أمنية. وللشعب رب يحميه».

وكتــب النائب ياســن العياري: «ســفير الإمارات فــي تونس أعلم دبلوماسيين تونســيين أن بلاده قدمت هدية لرئاسة الجمهورية 100 جرعــة من تلقيح الكوفيد. علمت بالأمر عن طريقهم منذ أيام. لا أرى أن الأمر في حد ذاته فضيحة أو فيه إشــكال: رئيــس الجمهورية، رئيس الحكومــة، وزراء الســيادة، أعضاء المجلس الأعلى للجيوش، ليســوا «مواطنين عاديــن» ليس لذواتهــم ولكن لصفاتهم المرتبطــة ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي للبلاد التونسية».

وأضاف: «هبــة من دولة أجنبية؟ الأمر ليــس جديداً! تتلقى تونس وغيرها من الدول هبات كل يوم. المؤســف هو غياب الشفافية! نسمع بالأمر عن طريق تســريبات، عن طريق إذاعــة أو رئيس لجنة مكافحة الفســاد فــي البرلمــان، أو عبر مــا يحكيه ســفير الإمــارات في تونس لدبلوماســ­يين. من أخذ الجرعات وعلى أي أســاس؟ لمــاذا التكتم من قبل رئاسة الجمهورية».

فيمــا أكدت ريم قاســم المكلفــة بالإعلام في الرئاســة التونســية، حصول الرئاســة على 1000 جرعة من لقاح كورونا من دولة الإمارات في بداية شــباط/فبراير، لكنها نفت اســتفادة الرئيس قيس ســعيد وأفراد عائلته ومستشــاري­ه من لقاح كورونا، مشــيرة إلى أن ســعيد «وضع الجرعات على ذمة الصحة العسكرية والعاملين في الصفوف الأولى لمجابهة كوفيد 19».

إلا أن الرئاســة التونســية أصــدرت لاحقاً بلاغاً رســمياً أكدت فيه تلقي «500 تلقيح مضــاد لفيروس كورونا، بمبادرة من دولة الإمارات العربيــة المتحــدة. وقــد تم، بأمر من رئيــس الجمهورية قيس ســعيد، تسليم هذه الجرعات إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية».

كمــا أكــدت الرئاســة أنه «لــم يقــع تطعيــم أيّ كان لا من رئاســة الجمهوريــ­ة ولا من غيرها من الإدارات بهــذا التلقيح، وذلك في انتظار مزيد التثبت من نجاعته، وترتيب أولويات الاستفادة منه».

فيمــا نفت رئاســة البرلمان ما راج من إشــاعات حــول تلقي رئيس مجلس نواب الشعب لتلقيح مضاد لفيروس كورونا، مؤكدة التزامها بسياســة الدولة في إطــار الإســترات­يجية الوطنيــة والأولويات التي وضعتها لمنح اللقاحات.

الرئاسة تنفي

كمــا نفــت رئاســة الحكومة علمهــا «بوصــول هــذه اللقاحات ولا بمصدرهــا ولا بمــدى توفّرهــا علــى الشــروط الصحيــة والقانونية الضروريــة، ولا بمآلها. كمــا تعلم أنّ رئيس الحكومة الســيّد هشــام مشيشــي، أذن بفتــح تحقيــق فــوري حــول ملابســات دخــول هذه التلاقيــح وكيفية التصــرّف فيها وتوزيعها» مشــيرة إلــى أن «إدارة عمليــة التلقيــح تبقى من مســؤولية اللجنة الوطنيــة لمجابهة فيروس كورونــا، في إطار الإســترات­يجية الوطنية التي تمّ إرســاؤها للغرض، والتي حدّدت الفئات المعنية بالتلقيح بصفة أولوية».

كمــا نفى رئيــس لجنــة التلقيح وعضــو اللجنــة العلميــة لمكافحة فيــروس كورونا، الهاشــمي الوزيــر، علمه بتلقي رئاســة الجمهورية لأي لقاحات، مشــيراً إلى أنه من المتوقع وصــول التلاقيح إلى تونس منتصف آذار/مارس الحالي.

فيما اعتبر رئيــس لجنة الصحة في البرلمان، العياشــي الزمال، أن وصــول اللقاحــات إلى تونــس من قبل ســفارات أجنبيــة ودون علم الشــعب «فضيحة دولــة بامتياز وســقطة أخلاقية» مطالبــاً الرئيس قيس سعيد بالاعتذار، كما دعا إلى فتح تحقيق في هذا الأمر.

وفــي تعليقــه علــى تســليم اللقاحــات لإدارة الصحة العســكرية، دعــا النائب ياســن العياري البرلمان إلى مســاءلة وزيــر الدفاع حول الجرعــات التي تســلمتها الرئاســة التونســية من الإمــارات ونوعها وتاريخ تسليمها، والأشخاص الذين حصلوا عليها.

وكان عثمــان الجرندي، وزيــر الخارجية التونســي، أكد في وقت ســابق أن الجزائر وافقت على تقاسم حصتها من اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا مع بلاده.

 ??  ?? الرئيس قيس سعيد
الرئيس قيس سعيد

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom