Al-Quds Al-Arabi

السجال يحتدم مجددا في إسرائيل حول سؤال: من هو اليهودي؟

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

أثار قرار المحكمة الإسرائيلي­ة العليا بالاعتراف بمعتنقــي الديانــة اليهوديــة عبر محاكــم دينية غير متزمتة نقاشــا واســعا بين مؤيد ومعارض، خاصــة أن المؤسســة الحاخاماتي­ــة رفضت هذا الاعتــراف وحــذرت منــه بدعــوى المحافظة على طهــارة اليهودية، محــذرة من أنه ســيفتح الباب أمام إغــراق إســرائيل بمهاجرين غيــر يهود في جوهرهم وحقيقتهم.

وبعد ســجال قانوني اســتمر 15 عاماً، قررت المحكمــة الإســرائي­لية العليــا الاعتــراف بكل من اعتنــق الديانــة اليهودية عبر محاكــم الحركتين الإصلاحيــ­ة والمحافظة بغرض الهجرة إلى البلاد فــي إطار "قانــون العــودة"، وبالتالــي أقرت أنه يحق لهم الحصول على الجنسية الإسرائيلي­ة.

يشــار الى أن إسرائيل تشــهد هذا الجدل منذ أن قامت، ويعتبر هذا السؤال أحد أسباب فقدان الدستور فيها على خلفية الرؤية المتشددة لليهود الحريــديم الذيــن يبتــزون الحكومــات المتتالية ويفرضون عليها مواقفهم مقابل مشــاركتهم في الائتلاف الحاكم مع هذا المعســكر ضد المعســكر المنافس.

وجــاء هــذا القــرار القضائــي المذكــور الــذي يضــع حداً لاحتــكار تيارات اليهــود الأرثوذكس المتشــددي­ن ) الحريــديم( الطويــل لإجــراءات التحوّل إلــى اليهودية والمعترف بها رســمياً في إســرائيل، بمثابــة تتويج لطلبــات التماس بدأت منــذ أكثــر مــن 15 ســنة تقدم بهــا12 شــخصاً اعتنقوا اليهودية من خــال طوائف غير حريدية أرثوذكسية.

وأشــارت رئيســة المحكمــة العليــا القاضيــة إســتير حيوت إلى أنه تم تقديم طلبات الالتماس ســنة 2005 وامتنعت المحكمة من إصدار أي حكم حتى الآن كي تتيح للدولة إمكانية معالجة الأمر، لكــن هذه فشــلت في ذلــك لاعتبارات سياســية تتعلــق بالأحــزاب الدينية المتزمتة ومشــاركته­ا في الائتلافات الحاكمــة. وقالت حيوت "امتنعنا عــن إصــدار حكم بغية الســماح للدولــة بالمضي قدماً في ســنّ قانون في هذا الشــأن، لكن بما أن الحديث يدور حول حقوق الناس ولم يتم تحقيق تقدّم لسنّ مثل هذا القانون قررت المحكمة إصدار حكمهــا". وتم اتخــاذ القــرار بأغلبيــة 8 قضــاة

ومعارضــة القاضــي نوعام ســولبرغ الــذي أكد أنه ينبغي للحكومة منــح مزيد من الوقت لتمرير قانون بشأن هذه المسألة.

وكمــا كان متوقعا نــدد سياســيون متدينون من اليمين بهذا القرار، وفــي الوقت عينه تعهدوا بالدفــع قدمــاً بقانون فــي الكنيســت المقبل من أجــل إلغائــه كما نــدد بــه الحاخامــا­ن الأكبران فــي إســرائيل. وقال الحاخــام الشــرقي الأكبر يتســحاق يوســف فــي بيــان إن مــا يســميه الإصلاحيــ­ون والمحافظون التحول إلــى الديانة اليهودية ليس ســوى تزوير لهــذه الديانة، ودعا أعضاء الكنيســت إلى العمل مــن أجل إيجاد حل تشريعي سريع.

وأكــد الحاخــام الغربــي الأكبر ديفيــد لاو أن الذيــن اعتنقــوا اليهوديــة مــن خــال الحركتين الإصلاحيــ­ة أو المحافظــة ليســوا يهــوداً، وأن أي قــرار للمحكمــة العليا لن يغيّر هــذه الحقيقة. وقــال "صادقــت المحكمــة بهــذا القــرار علــى إغراق إســرائيل بالمهاجرين الذيــن لا علاقة لهم باليهودية". وتســاءل كيف تكون إســرائيل هي الدولــة اليهودية إذا كان بإمــكان كل مَن هو غير يهودي أن يصبح مواطناً فيها؟

وقــال وزير الداخلية الإســرائي­لي أرييه درعي رئيــس حزب "شــاس" التابــع لليهــود المتزمتين )الحريديم( إن قرار المحكمة العليا يشــكل ضربة قاتلة للطابــع اليهودي للدولة ويــؤدي إلى هدم كامل للوضــع القائم )ســتاتيكو( في الشــؤون الدينيــة في إســرائيل والمعمول به منــذ أكثر من 70 ســنة. وأضاف درعي أن القرار يؤكد انفصال المحكمة العليا عن أغلبية الشعب الإسرائيلي التي تريد الحفاظ على الدولة اليهودية والحفاظ على اليهوديــة وفق تقاليد تعود إلى آلاف الســنوات. وتعهد ببــدء العمل على ســن قانــون يلغي قرار المحكمــة، ودعم قانون يمنع المحكمــة من التدخل في مثل هذه الأمور في المستقبل. وأكد أن شاس لــن ينضــم إلــى أي ائتــاف مســتقبلي لا يلتزم بإلغــاء القرار أو ســن قانون لإلغائــه. كذلك ندّد رئيســا حزب يهــدوت هتوراه )حــزب المتزمتين الغربيــن- الحريــديم( وزيــر الإســكان يعقوب ليتسمان وعضو الكنيست موشيه غفني بالقرار واعتبــراه كارثيــاً بالنســبة إلــى مصطلــح دولة يهوديــة. وقالا إنهما ســيطالبان بــأن يتم العمل على ســنّ ما تســمى "فقرة التغلب" ضمن قانون

أســاس- الكنيســت، والتي تســمح للكنيســت بإلغــاء قرارات المحكمة العليا، وســيكون طلبهما هذا شــرطاً للانضمــام إلى أي ائتــاف حكومي بعد الانتخابات العامة القريبة التي ستجرى يوم 23 آذار /مارس الحالي.

قرار مخز وكارثي

ورفض ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهــو التعليــق على القــرار لا ســيما أن القرار القضائــي يثير حفيظــة حلفائه الحريــديم، لكن رئيــس كتل الائتلاف الحكومي عضو الكنيســت ميكي زوهر مــن الليكود أكد في تغريدة نشــرها في حســابه الخاص على موقع "تويتر"، أن قرار المحكمة العليا مُخزٍ وينطوي على كارثة بالنســبة إلى الدولــة اليهودية. وانتقد حزب "يمينا"، الذي يتزعمه عضو الكنيست المستوطن المتدين نفتالي بينــت، المحكمــة العليــا واتهمهــا بالتدخــل فــي قرارات الحكومة ونســيان دورها. وقال "يمينا" في بيــان صادر عنــه، إن موقف دولة إســرائيل من التحول إلى اليهودية سيحدده ممثلو الشعب المنتَخبون ديمقراطياً وليس رجال القانون.

اليسار الصهيوني يؤيد القرار

فــي المقابل أشــاد سياســيون مــن المعارضة بقــرار المحكمة العليا، وقال رئيــس حزب "يوجد مســتقبل" وزعيــم المعارضة يائيــر لبيد صاحب التوجهات العلمانية، إن إسرائيل يجب أن تتمتع بالمســاوا­ة الكاملة في الحقوق لجميــع التيارات اليهوديــة والإصلاحيـ­ـة والمحافظــ­ة. وأضاف:" أن أي حكومــة عاقلــة يجــب أن تضع حــداً لهذا الوضــع المضحك الــذي تكون فيه إســرائيل هي الديمقراطي­ــة الوحيدة فــي العالم التــي لا تتمتع بحريــة الديــن لليهودي". ووصــف رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان القــرار بأنــه تاريخي. وقال إن حزبه ســيواصل محاربة الإكراه الديني والحفاظ على طابع دولة إســرائيل كدولة يهودية وصهيونيــة وليبرالية. يشــار ان ليبرمــان يقــود حمــات مثابــرة ضد الإكــراه الديني، ويعتبر خصما لــدودا للحريديم الذيــن يتهمونــه وكثيــرا مــن اتباعــه المهاجرين الروس بالأغيار وبغير اليهود.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom