Al-Quds Al-Arabi

النظام السوري يرحّل عائلات موالية لـ «حزب الله» من درعا إلى دمشق

- دمشق – «القدس العربي» من هبة محمد:

أدى إخفاق النظام الســوري وحلفائه في درعا جنوب ســوريا في تحقيــق الأهــداف التي كانت موضوعة للمنطقة، والقائمة على فرض الاستقرار العســكري والأمنــي، بعد مــرور قرابــة العامين ونصف عام منذ توقيع اتفاق التســوية في يوليو /تموز 2018، إلى تغير مؤقت في السياسة المتبعة، ومحاولة إعــادة بناء الثقة مع الأهالــي، إذ يبدو أنّ النظام الســوري مجبر على الذهاب في اتجاه التهدئة في محافظات الجنوب الســوري ولاسيما درعا والســويدا­ء، بهدف فرض نوع من الاستقرار قبيل الانتخابات الرئاســية المقبلــة صيف العام الجاري.

ولأول مرة، نفذت قوات النظام السوري أمس، اتفاقاً كانت قد عقدته مع وجهاء ريف درعا، يقضي بترحيل عائلات ميليشــيات مواليــة لحزب الله اللبناني من ريف درعا إلى ريف العاصمة السورية دمشق.

جواد العبد الله صحافي يعيــش في درعا قال لـ «القدس العربي » إن هذه المليشيات هي مليشيات محلية وليست من حزب الله ولكنها موالية للحزب وأغلبهم من الطائفة الشــيعية من أبناء بلدة قرفا. وأوضح المتحدث أن نقل هــذه العائلات جاء بناء على طلب روســي والهدف من هذه الخطوة تهدئة المنطقــة قبيــل الانتخابات لأن الطــرف الآخر في القرية من عناصر تسويات كانوا في الجيش الحر ســابقاً وعادوا إلى البلدة مع ســاحهم الخفيف بضمانة روسية.

هذه المبادرة تأتــي وفق المصــدر المطلع ضمن مخطط روسي لتقليص الدور الإيراني في المنطقة، ودعم أطــراف أخرى معادية لإيــران، وأغلبها من عناصــر الجيش الحر ســابقاً، إضافة إلى ســعي روسيا لبقاء الأسد ونجاحه وتهدئة الجنوب قبيل الاستحقاقا­ت المقبلة.

ومنذ مطلع عــام 2020، عمد النظام الســوري وحلفــاؤه إلى رفع مســتوى التصعيــد في درعا، لاحتــواء مظاهــر الفوضى فــي جنــوب البلاد، خصوصاً أن العديد مــن المناطق في محافظة درعا بقيت عبارة عن مربّعات أمنية لفصائل التســوية، مع غياب أي مؤشــر لإعادة بناء الثقة بين الطرفين على أســاس الولاء للســلطة من جديد، بســبب ممارســات النظام الســوري وإيران وعدم التزام روسيا بتعهداتها.

مدير شبكة أخبار حوران أبو محمود الحوراني قال إن نظام الأســد بدأ الأربعــاء، بأولى عمليات ترحيــل عائلات الميليشــي­ا مــن بلــدة «قرفا» في ريف درعا الأوســط ونقلهم إلى بلــدة «صحنايا» جنوب دمشــق، بعدما ثبت عليهــم ارتكاب الكثير من الانتهــاك­ات بحق أهالي البلدة، ومســاهمته­م بعمليات الاعتقال والاغتيال بحق أبنائها.

وأوضح المتحدث لـ «القدس العربي » أن عمليات الترحيــل نفذت بعــد تهديد جــدي وجهه وجهاء البلدة لقــوات النظــام، تعهدوا خلاله بتشــكيل مجلس عشــائري وقــوة تنفيذية لإلقــاء القبض على المتورطين بقتل أبناء البلدة وإخفائهم قسرياً وأيضاً المتورطين بتفجير المنازل فيها، وهو ما أجبر قوات الأسد على تنفيذ اتفاقه مع وجهاء بلدة قرفا والذي أفضى إلى طرد عائــات موالية لحزب الله من البلدة، بشــكل إجباري عقب اندلاع اشتباكات قبل أيــام، بينهم وبين عناصر من اللواء الثامن من أبناء المنطقة المقرب من الجيش الروسي.

وشــمل الترحيل عائــات كل من «إســماعيل الكايد، أحمــد الكايد، إبراهيم الكايد، مدين الكايد، وابن قائد اللجان ســابقاً معن إســماعيل الكايد» وذلك وفق ما ذكر ذات المصدر.

ونــص الاتفاق المبــرم بين وجهــاء ريف درعا والنظام الســوري إلى جانب ترحيل الميليشــي­ات على «ســحب الســاح الذي ظهر مع اللجان أثناء الاشــتباك­ات، وإعادة فتح ملف المغيّبين قسرياً من قبل لجان رستم الغزالي، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين .»

في غضون ذلك، طالــب أبناء المفقودين وجهاء البلــدة والمعنيين بملــف المفاوضات مــع النظام السوري، بالكشف عن مصير الأشخاص المفقودين من أبناء المنطقة، إذ يقدر عددهم بنحو 80 شخصاً بينهم أطفال ونســاء، خلال فتــرة زمنية قصيرة، وإلا سيستنفرون لملاحقة كل شخص ساهم بعملية خطف وإخفاء أبنائهم.

الباحث لدى المؤسســة الســورية للدراســات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني اعتبر الاتفاق الذي عقده النظام الســوري واحدة من الخطوات التي تدل علــى ارتباكه من جانــب، وعلى اتباعه سياســة «الخروج من الباب ليعود من الشــباك» من جانب آخر، وقــال المتحدث لـ «القدس العربي » «إن هذا الاخراج العلني لعائلات ميليشــيا حزب الله من ريف درعا ســبقه منذ أيام دخول ميليشيا «المنتقمون» التابعة للحرس الثوري الإيراني، من العراق إلى ســوريا والوجهة الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي وخطوط التماس معه.»

وقــال حورانــي إن عــدم قبول ســكان درعا بالنظــام بعد التســوية التــي أبرمت فــي العام 2018م، بالإضافــة إلى عجزه عــن تأمين خدمات البنى التحتية بسبب وضعه الاقتصادي المتردي، والتنافس بين القوى المتواجدة «روســيا وإيران» أوقع النظام في ارتباك شديد في تعامله مع المنطقة التي لم تهدأ أبداً.

فهذه الخطــوة التي أقدم عليهــا النظام، برأي المتحــدث هي «خطــوة لبنــاء الثقة مــع الأهالي وامتصاص غضبهم إذ طلب منهم تسليم أسلحتهم التــي ظهرت خلال الاشــتباك­ات «خدعــة الأهالي كعادتــه» ويســتغل النظــام ذلك لعــدم التدخل الروســي الجدي باعتباره ضامناً للاتفاقيات التي تجري، لأن روسيا تستخدم كافة الأطراف «القوى» بشــكل مؤقت وتعمل على إضعافها في الصراعات التي تدور فــي المنطقة، أما النظــام فهو يهدف من وراء سياســاته في المنطقة بشكل خاص لإضعافها إلــى أبعد حد بشــكل عــام، وترويضهــا لضمان استقرار مؤقت بينما يمرر انتخاباته الهزلية.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom