Al-Quds Al-Arabi

«ميدل إيست آي»: شبكات الألياف البصرية تعزز من مهام التنصت وجمع البيانات من الشرق الأوسط

- لندن «القدسالعرب­ي» إبراهيم درويش:

نشــر موقع «ميدل إيســت آي» تقريراً أعده بول كوكرين قال فيه إن التوســع في استخدام شــبكات الألياف البصرة «فايبر أوبتك» تحت المياه والتي تمتد من البحر الأبيض المتوســط إلى الخليــج العربي ســهلت علــى بريطانيا والولايــا­ت المتحــدة عمليات جمــع البيانات والتجسس على المنطقة.

وقــال الصحافي الاســتقصا­ئي المتخصص بالرقابــة ومنذ 1975 دانكن كامبل «لا شــك أنه وبالحس العام فالمنطقة بين بورسعيد إلى عمان هي أعظــم مناطق حركة الاتصــالا­ت وبالتالي التجســس. وكل شــيء عن الشــرق الأوسط يمر منها باســتثناء رابطة وحيدة عبر تركيا». وتتجســس مجموعة «العيون الخمس» وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأســترالي­ا ونيوزيلندا على الشــرق الأوســط منذ إنشاء الشبكة أثناء الحرب العالمية الثانية.

لاعبون رئيسيون

واللاعبون الرئيسيون في هذه العملية هي وكالة الأمن القومي الأمريكية ومقرات الاتصال الحكوميــة البريطانية «جي ســي أتش كيو» والتي اســتخدمت الأساليب المعروفة والسرية لجمع المعلومات. ويعتبر الشرق الأوسط منطقة مهمة للتجســس لأســباب واضحــة: لأهميته الإستراتيج­ية السياسية - الاقتصادية، النزاع العربي - الإسرائيلي والانقساما­ت السياسية بين حلفاء مجموعة العيــون الخمس وأعدائها من الجماعات المتشددة إلى سوريا وإيران.

وتمارس كل أشــكال الرقابة مــن الجو إلى التنصــت علــى الهواتف إلا أن أهميــة المنطقة كرصيد اســتراتيج­ي للرقابة نابعة من شبكات الألياف البصرية الحالية. ويقول آلان مولدين، مدير البحث في شــركة ال اتصالات بواشنطن «تيليجيوغرا­في» إن «أهمية الشبكات لا يعرفها الشــخص العــادي، ويعتقــدون أن الهواتف الذكية لا ســلكية وتمــر عبر الهــواء ولكنهم لا يعرفــون أن شــبكاتها تمر عبــر الكابلات/ الأســاك». وتعتمــد وكالات التجســس على شــبكات الأليــاف البصرية للتنصــت وجمع بيانات ضخمة من المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكتروني­ــة والدخول على مواقــع الإنترنت والبيانــا­ت الوصفيــة، كمــا وتمــر البيانات العسكرية والمالية الحكومية عبر هذه الكابلات.

ويتــم تحليل وغربلــة البيانات هــذه على يد المحللين بناء على 40.000 مدخل بحث تعتمدها كل من وكالة الأمن القومي الأمريكية وجي سي أتش كيو البريطانية - مثل موضوعات، أرقام هواتف وعناوين إلكترونيــ­ة حيث يتم النظر فيها عن قرب.

وينضم نظام شــبكات الألياف البصرية إلى الدول الكبرى في العالم والتي تحمل نسبة 95 مــن المكالمات الدولية وحركــة البيانات. ورغم أهمية الكابلات تحت المياه إلا أنها ليست محمية بدرجة كافية بناء على القانون الدولي » حسبما تقول أثينــا كاراتز وجيانــي، الأكاديمية التي تبحث في أهمية الكابــات تحت المياه. وقالت «ربما كانت المثال الأكثر تطرفاً حول خصخصة الدول البنــى التحتية والفشــل في توســيع الحماية لها». وما بــن البحر الأحمر وإيران لا توجد شــبكة ألياف بصرية أرضية تقطع شبه الجزيرة العربية. وكل حركــة الإنترنت الآتية من أوروبا إلى آسيا تمر إما عبر القوقاز وإيران مســتخدمة بوابة أوروبا فارس الســريعة أو الخطوط المزدحمة عبر مصــر والبحر الأحمر. وتعتبر مصر منطقة اختناق رئيسية تتعامل مع حركة ال اتصالات القادمة من أوروبا إلى آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا والعكس.

وتتعامــل الكابــات التي تعبــر إلى مصر بين البحر والمتوســط والبحــر الأحمر ما بين 30-17 مــن حركــة الإنترنت العالميــة أو ما بــن 1.3- 2-.3 مليــار مســتخدم. وقال غاي زيبي، مؤسس شــركة ابحاث الجنوب أفريقية «خلام أنالتيكس» إن الجغرافيــ­ا أدت إلى هذا الوضع «لا يمكنــك بناء رابطة بين ســوريا أو إيران بسبب النزاع والوضع السياسي. كما أن الحرب في اليمن تستبعد رابطة أرضية أخرى، ولهذا تسير الكابلات في طريق مختلف.»

لا حرية

وأضاف «هناك مناطق قليلة اســتراتيج­ية والبحــر الأحمــر واحد منهــا وفي الســياق الأفريقي جيبوتي». وشبكات الكابل التي تسير تحت الماء ثم تقوم بالعبــور عبر البر في مصر هي الإستثناء لا القاعدة. فالكابلات تحت المياه تعتبــر الخيار الأفضل لأنها أكثــر أمنا، وتكون عرضــة للمخاطــر عندما تكون فــوق الأرض. ويقول زيبي «من الصعب الغطس تحت البحر وتدمير الكابلات».

وتتعرض الكابلات التي تمــر عبر مصر من خلال قناة السويس لمخاطر التخريب إما بسبب المياه الضحلــة أو التدخل الإنســاني. وتقول كاراتز وجياني «في 2013 قام ثلاثة غطاســن وبمعاول يدويــة بقطع الكابل الذي يربط مصر مع أوروبا ممــا خفض من قــدرة الإنترنت في مصر بنسبة 60 .»

ولا يعطي مرور الكابــات من مصر الحرية للدولة المصرية للتجســس نيابة عن مجموعة العيون الخمســة. رغم ما يضعه الرئيس عبد الفتاح السيســي وابنه محمود السيسي مدير المخابرات العامــة على عملية الرقابة الجماعية للمصريين».

ويــرى كامبل أن «المصريــن في وضع جيد )للحصول على بيانات مــن الكابلات( ولكن لا يمكن الثقة بهم ولا يعتبرون شــريكاً مستقراً. وليســت المكان الذي تريد أن تضع جهاز رقابة متقدماً». ورغم أهمية مصر إلا أنها ليســت من شبكة العيون الخمس الواسعة. فهذه تتحالف في مجال التشارك بالمعلومات مع بعض الدول الأوروبيــ­ة واليابان وكوريــا الجنوبية وذلك للتنصت على البيانات من الصين وروسيا.

ولدى وكالة الأمن القومي الأمريكية علاقات

مع الســويد لأنها نقطة هبــوط كل الاتصالات القادمة من منطقة البلطيق الروسية. وبالمقارنة لــدى الولايــات المتحدة علاقات رســمية وإن بشكل متدن مع دول شــرق أوسطية مثل مصر والأردن والسعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

ويقــول هيــو مايلــز، مؤســس «أراب دايجســت» «لــدى المصريين علاقات تشــارك اســتخبارا­تي مــع الولايات المتحــدة، ولكنها ضعيفــة لأن الهــدف منها مالي )من مشــغلي الكابلات( وبعض التشــارك في الاستخبارا­ت والتي تأتي في المعظم مــن الجانب الأمريكي.» وتســتطيع العيون الخمس مراقبــة الكابلات في مصــر أو مياهها الإقليمية لكن الوثائق التي سربها إدوارد ســنودين في 2013 أشارت إلى قاعدة وكالة الأمن القومي الأمريكية الســرية

في الشــرق الأوســط المعروفة بـ «دانســينغ أوايسسس».

وقال كامبل «وهي سرية جداً، وتم إنشاؤها دون معرفة الدولــة المضيفة لها وتحمل مخاطر حقيقية لأمريكا». و «أين تقع أمر محله التخمين، والــدول المرشــحة هــي الأردن، الســعودية ومصـر.

مشروع بلو- رامان

ومن الناحيــة الجغرافية فيمكــن أن تكون عمــان والبحرين فــي الخليج». ويمــر الكابل الذي يربط أوروبا بأفريقيا وآســيا عبر مصر ومرور بالبحــر الأحمر حتى بــاب المندب بين اليمن وجيبوتي. والخط المتجه نحو الشــرق يميل نحو عمان. ويوجد لجي أســي أتش كيو البريطانيـ­ـة قاعــدة تنصت في الســيب غرب مسقط واســمها «ســيركيت» وهي قريبة من الكابــات التي تمر تحت المــاء وكلها تصل إلى سيب ومسقط حسب كامبل. وأضاف أن أفضل طريقة لمراقبة حركة الإنترنت بين عمان وأوروبا هي من خلال نقاط تنصت في البحر. وكشــفت تسريبات ســنودين أن عمليات التنصت تحت البحــر تقوم بها فقــط غواصة جيمــي كارتر. وقال كامبل «هناك قدر عال من الشك حول قيام الأمريكيين أو دول أخرى باستخدام الغواصات من أجل التنصت على الكابلات». ويقول كامبل إن إســرائيل لديها قدرات تكنولوجية ويمكنها التنصت على الكابلات تحت الماء ولكنها ليست مرتبطة حالياً بشــبكات الشــرق الأوسط. ولا يوجد كوابل أبعد مــن الكابلات التي تصل إلى تل أبيــب وحيفا والمرتبطــ­ة بأوروبا وقبرص. وقد يتغيــر هذا لــو حققت غوغل مشــروعها «بلو- رامان» الذي يبدأ مــن أوروبا إلى الهند عبر الأردن وعمان وإسرائيل والسعودية.

وتم تقسيم الخط إلى قســمين، الأول «بلو» يبــدأ من إيطاليا إلــى ميناء العقبــة الأردني. والثاني، رامــان يبدأ من المينــاء الأردني إلى مومباي. وقال كامبــل «ولأن الخط هو لغوغل فهم يعرفون كيفية تأمــن الكابلات من البداية للنهايــة. وعليهم أخذ نقاط على اليابســة في خطتهم أو قرب تل أبيب وسيأخذون بالحسبان قيــام إســرائيل بنســخ البيانات فــي نقاط الوصول وعليهم تشفير البيانات ضد هذا. ولا يعني ألا يحول الإســرائي­ليون مسار البيانات ويحاولون الحصول على ما يستطيعون منها». ولا يعرف متى ســيتم مشــروع بلــو- رامان نظــرا لاعتماده علــى التطبيع بين إســرائيل والسعودية.

• كل حركة الإنترنت الآتية من أوروبا إلى آسيا تمر إما عبر القوقاز وإيران مستخدمة بوابة أوروبا فارس السريعة أو الخطوط المزدحمة عبر مصر والبحر الأحمر • تتعامل الكابلات التي تعبر إلى مصر بين البحر والمتوسط والبحر الأحمر ما بين ‪30- 17‬% من حركة الإنترنت العالمية أو ما بين 1.3- 3-.2 مليار مستخدم

 ??  ?? منظر لمضيق تيران من شرم الشيخ المطل على البحر الأحمرحيث يعتبر طريقا مهما للكابلات البحرية
منظر لمضيق تيران من شرم الشيخ المطل على البحر الأحمرحيث يعتبر طريقا مهما للكابلات البحرية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom