Al-Quds Al-Arabi

«أوبك+» تواجه تحدي إيجاد توازن بين مطالب متعارضة حول الاقتطاعات المقبلة في إنتاجها النفطي وسط عدم التيقن

-

■ لنــدن - وكالات الأنبــاء: بــدأت الــدول الأعضاء فــي منظمــة البلدان المصــدرة للنفط وشريكاتها فيما يعرف بإسم مجموعة «أوبك+» أمس الخميس اجتماعاً من أجل اتخاذ قرار بشأن الاقتطاعات المقبلــة في إنتاجها النفطي، بينما ما زال تفاهم بين روســيا والسعودية حول تقليص الاقتطاعــ­ات من عدمه غير مؤكــد، وبينما يبقى تعافي الطلب هشاً ويصعب توقعه. وهذه القمة التي تضــم 23 بلدا في إطار المجموعة هي الثانية خلال هذا العام.

وتســارعت وتيرة الاجتماعات في الأشــهر الأخيــرة ما يــدل علــى مــدى تأثيــر جائحة كوفيد-19 على منتجي النفط.

وبــدأ الاجتماع الذي يتم عــن بُعد عبر تقنية «الفيديو كونفِرانس» اعتبارا من الساعة 13,00 بتوقيت غرينِتش.

وستعالج خلال القمة مسألة رئيسية هي كيف ستنسق الدولتان الكبريان روسيا والسعودية، الثانية والثالثة بين أكبر منتجيّ النفط في العالم بعد الولايات المتحدة، فــي مواجهة الطلب على النفط الذي يرجح أن يشــهد ارتفاعا مع انحسار وباء كوفيد-19 .

اختلافات كبيرة في الرأي

وأوضح بيارني شــيلدروب، المحلل لدى مركز الأبحاث «ســيب» أن «هناك اختلافــاً كبيراً في الــرأي داخل التحالف حول قدرة ســوق النفط على اســتيعاب كميات جديدة» من النفط الخام، موضحاً أن الرياض «تتوخى الحذر» فيما «تدافع موسكو عن زيادة العرض». وهذا الاختلاف في وجهــات النظر طرح جانباً قبــل حوالي عام في ظل تدني الأســعار، ما دفع الدولتين إلى اعتماد سياسة مشتركة لخفض الإنتاج أثبتت جدواها.

لكــن مع عــودة الأســعار إلى الارتفــاع إلى مستوى مشــابه لما قبل تفشي الوباء، أي حوالي 65 دولاراً للبرميــل للخامــن المرجعيين العالمي )برنت( والأمريكي )غرب تكساس الوسيط( عاد التوتر مجددا.

ويتبنى الأمــن العام لمنظمــة «أوبك» محمد باركيندو، حلاً وســطاً وصفه بأنه «متفائل لكن حذر» ويقول أنه رغم أن التوقعات الاقتصادية كانت أفضل، فإن سرعة انتعاش الطلب معرضة للعديد مــن العوامل بما في ذلــك نجاح حملات التحصين البطيئة في بعض الأماكن.

وفي تقريرها الشهري الصادر منتصف الشهر الماضــي، قالت «وكالة الطاقــة الدولية أن إعادة توازن ســوق النفط بقيت هشة في بداية العام، وحذرت من تأثيرات انتشــار النســخ المتحورة لفيــروس كورونا علــى النشــاط القتصادي، وبالتالي عى الطلب على النفط.

وكانــت «أوبــك+» قــد ســمحت لروســيا وكازاخســت­ان بزيادة إنتاجهما بشــكل طفيف خــال الفصــل الأول من الســنة، فيمــا أثارت الســعودية المفاجــأة بخفض إنتاجهــا بمقدار مليــون برميل إضافــي يومياً خلال الشــهرين الماضي والحالي.

وكانــت الدول الـــ23 اتفقت بعــد يومين من المفاوضات الشــاقة خــال قمتهــا الأولى للعام 2021 في مطلــع يناير/كانون الثاني، على زيادة الإنتاج بصــورة تدريجية حتى مــارس/آذار، مســتخدمة بمهارة الورقة الأساسية بيدها وهي ضبط الإنتــاج النفطي عند الحاجــة لافتعال ما يصفه ســتيفن إينيس من معهد أكســي بـ»أزمة مصطنعة» كفيلة بدعم الأسعار.

ووافقــت دول «أوبــك+» على الإبقــاء على خفض إنتاجها بمقدار 7.125 مليون برميل يومياً في قيبراير/شــباط، ثم 7.05 مليــون برميل في مارس/آذار.

ومن الُمرجَّح أن توافق المجموعة على مواصلة سياستها في زيادة الإنتاج تدريجياً )أي تقليص التخفيضــا­ت( وفق العديد من مراقبي الســوق الذين يعتقدون أن تلك الكمية ســتكون 500 ألف برميل في أمس، يعاد ضخها في أبريل/نيسان.

ويضاف إلــى ذلك مليون برميل جزئياً او كلياً يمكن الســعودية أن تضخها إذا قــررت التخلي عن خفــض إضافي فــي الإنتاج في الشــهرين الماضــي والحالــي اتخذتــه طواعية لتســهيل الاتفاق والســماح لروسيا وكازاخستان بزيادة إنتاجهما.

لكن التوصــل إلى إجماع ليــس مؤكدا داخل التحالف الذي كان شــهد خلال الفترة ذاتها من العام الماضي على خلفية بداية الجائحة، خلافات أدت إلى حرب أسعار قصيرة لكن مكثفة.

وما يزيد من حدة النقاشات النقاط الخلافية الكثيرة القائمــة داخل التحالــف، ومن أبرزها مسألة احترام الأعضاء لحصص الإنتاج المحددة، ما يشكل ضمانة لجدية الاتفاق وصدقيته، وهي مســألة تُطرح بانتظام في المناقشات، ومنافسة

أمين عام منظمة «أوبك» محمد باركيندو النفط الصخري الأمريكي.

كما أن احتمــال عودة الإنتــاج الإيراني إلى الســوق، في حال تخفيف العقوبــات الأمريكية المفروضة علــى طهران بعد وصــول جو بايدن إلى البيت الأبيــض، يلقي بظله علــى التوازن الهش بين العــرض والطلب الذي تراقبه «أوبك» وحلفاؤها.

ضبابية

وعشــية الاجتماع الوزاري، جرت مشاورات أمس الأول عبــر الفيديو بين أعضاء نادي الدول المنتجة، ضمن لجنــة متابعة تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج التــي باتت تجتمع شــهريا. لكن خلافا للاجتماع الســابق الذي عقد في بداية الشــهر الماضي، لم ينشر أي بيان صحافي عند انتهائه.

وأمس قال الوزير السعودي «الضبابية التي تكتنف وتيرة التعافي لم تنحسر... أعاود الحث علــى توخي الحــذر واليقظة.» واتفــق معه في الرأي نائب رئيس الوزراء الروســي ألكســندر نوفاك الذي قال إن سوق النفط لم تتعاف بشكل كامل، وأن إصابات فيروس كورونا مازالت تلقي بظلالها.

وكانت روســيا تصرعلى رفع الإنتاج لتفادي ارتفاع الأســعار من جديد بما يدعم إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة، وهي ليست عضوا في «أوبك+».

لكن موســكو أخفقت في فبراير/شباط في أن ترفع الإنتاج رغم حصولها على الضوء الأخضر لذلك من أوبك+، إذ أثر طقس شتوي قارس على إنتاج الحقول المتقادمة.

وذكر بنــك «جيه.بي مورغان» الاســتثما­ري الأمريكــي نقلا عــن دينيس دريوشــكين ممثل روسيا في اللجنة الفنية في «أوبك+» أن روسيا ترى مبرراً لرفع الإنتاج لأن ســوق النفط تشهد عجزا يبلغ 500 ألف برميل يومياً.

وقال مصدر مطلع على طريقة التفكير الروسية أن موسكو ترغب في زيادة إنتاجها 0.125 مليون برميل يومياً اعتباراً من أبريل/نيسان.

وخفضت «أوبــك+ «الإنتاج بمقدار قياســي العام الماضي بلــغ 9.7 مليون برميــل يومياً مع انهيار الطلب بســبب الجائحة. وحتى الشــهر الحالي ما زالت المجموعة تخفض الإنتاج بمقدار 7.125 مليون برميل يومياً بما يشكل نحو سبعة في المئة مــن الطلب العالمــي. وبإضافة الخفض الســعودي الطوعي، يصبــح إجمالي الخفض 8.125 مليون برميل يومياً.

وقال محللون من مصارف «آي.إن.جي» و»إم. يو.إف.جي» و»إس.إي.بي» أمس أن السوق قد تستوعب بســهولة زيادة في الإنتاج بين مليون ومليون ونصف برميل يومياً اعتبارا من الشــهر المقبل، حتى أنها قد تحتاج إلى المزيد في النصف الثاني من 2021 عندما يتعزز تعافي الاقتصاد من تبعات الجائحة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom