ضد إيران ولجم تركيا: هل حان وقت تشكيل حلف ناتو للشرق الأوسط؟
■ئيس الكونغرس اليهودي العالمي. والمقال ينشــر بالتوازي في صحيفة « Arab News »السعودية
أجريت في الأسابيع الأخيرة محادثات عديدة مع مصممي رأي وأصحاب قرار في الشــرق الأوســط. كلهم قلقون. فهــم يتابعون، بخــوف، الجهود الإيرانيــة المركزة لتطوير صواريخ بعيدة المــدى، وصواريخ جوالة موجهة الأهداف ودقيقة تهدد ضعضعة الاســتقرار في المنطقــة. كما يتابعون بقلق اســتفزازات إيران المتكررة تجاه الأســرة الدولية، وخروقاتها لالتزاماتها في الاتفاق النووي للعام 2015. يشــاهدون، بخوف، إيران تجدد تخصيب اليورانيوم )حتى 20 في المئة من اليورانيــوم النقي( في ظل خرق الاتفاق، وتقيــد وصول مراقبي الوكالة الدولة للطاقة الذرية إلى منشــآتها النووية. ينظرون بدهشــة إلــى عجز الغرب عــن وقف هــذه التطــورات القتالية والخطيــرة. لقد فقد الكثيــرون ثقتهم بالولايات المتحــدة وأوروبا. ثمة من يفكرون بالتوجه إلى روســيا والصين. والكل عالق في وضع مقلق ومضنٍ، معترفين بذلك بأنهم وصلوا إلى مفترق طرق مهم.
ولكني ســمعت في أثناء هذه المحادثات أصواتاً مشجعة، لم أسمع مثلها من قبل. فيــكاد كل العرب الذين تحدثت معهم يقولــون إن الحليف الوحيد ضد إيران والذي يثقون به بلا تحفظ هو إســرائيل. ويكاد الإســرائيليون الذين تحدثت معهــم يقولون إن الحليف الوحيد ضد إيــران والذي يثقون به بلا تحفظ هو العالم العربي. ها هو النزاع العربي الإسرائيلي ينتهي بعد مئة سنة؛ فالاتفاق بين مصر وإســرائيل بدأ المسيرة في 1979. وبعده اتفاق إســرائيل – الأردن في 1994. ولكن اتفاقات الســام التي وقعتها إسرائيل والإمــارات والبحرين والســودان والمغرب في 2020 أدت أخيــراً إلى ثورة إقليمية حقيقية. وثمة دول عربية معتدلــة أخرى لم تنضم بعد إلى اتفاقات إبراهيم، ولكنها تطور علاقاتها مع إســرائيل بهدوء. كلما تعاظمت المخاوف من إيران وتعمقت الشكوك تجاه الغرب، يقترب العرب والإسرائيليون أكثر من أي وقت مضى.
بعــد أن أنهيت جولة المحادثات الباعثة على الحماســة هــذه، طرأ على بالــي فكــرة: أفلم يحن الوقــت لمرحلة الكفــاح الموحد ضد إيــران مع هذه الشــراكة العربية-الإســرائيلية المتفتحة؟ أفلم يحن الوقت للقيام بخطوة
أخرى وجريئة تلي اتفاقات إبراهيم؟ وهــل يمكن لهذا أن يكون وقتاً للعرب والإسرائيليين للخروج إلى حلف استراتيجي؟
عملتُ في الثمانينيات في البنتاغون وكنت ســفيراً للولايات المتحدة في النمســا. رأيت هناك من مصدر أول أي دور حاسم لعبه الناتو في ضمان أمن واستقرار أوروبا ضد التهديد السوفياتي. والآن، في بداية العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، كفيل بأن يحين الوقت لإقامة ناتو عربي إسرائيلي لضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط ضد التهديد الإيراني.
الأعضاء المؤسســون لهذا الحلــف الجديد – منظمة الدفاع عن الشــرق الأوســط «MEDO» يمكن أن يكونوا دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي وقعت اتفاقات أو علاقات علنية مع إسرائيل: مصر، الأردن، والإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب. أنا متفائل لضم دول عربية أخرى لاتفاقات إبراهيــم قريباً. إضافة إلى ذلك، يمكن لمثل هذا الحلف أن يقيم علاقات وثيقة مع اليونان وقبرص وبضع دول إفريقية، بهدف حماية استقرارها وتشجيع التنمية الاقتصادية السريعة.
وهكــذا يمكن خلــق بطارية دفاع هائلة ضــد إيران، وللجــم التطلعات الإمبرياليــة التركية، ومقاتلة التطرف والإرهــاب، وتطوير مصالحة حذرة وتدريجية بين إسرائيل والفلسطينيين. يمكن استغلال الاختراق التاريخي في الســنة الماضية لخلق شرق أوسط جديد. فالحلف ســيخدم مصالح كل الدول التي تبحث عن الاســتقرار في المنطقة وكل المواطنين الساعين للهروب من الفقر والضائقة، وتحســن حياتهم. هذه المنظمة الجديدة ستخدم بشكل غير مباشــر مصالح الغرب والأســرة الدولية، بحيث تهــدئ أحد الأحياء الخطيــرة في العالم دون الاســتناد إلى أي جندي أمريكــي أو جندي الأمم المتحدة، ودون طلب الصدقات من القوى العظمى الأخرى في العالم.
واضح أن قرار إقامة حلف ناتو في الشــرق الأوســط يجب ألا تتخذه إلا الدول ذات السيادة في المنطقة. ولا يمكن لأحد آخر أن يفرض عليها أن تتخذ لنفسها هذا الإطار. ولكن انطباعي الشــخصي أن حلفاً استراتيجياً إقليمياً فكرة حان وقتها. فأمام تحدي إيران الشريرة المتسارع وضعف العالم الذي تضرر بسبب كورونا يبدو أن الاعتماد الذاتي هو السبيل الوحيد إلى الأمام. على الإسرائيليين والعرب اسغلال الفرصة للعمل معاً لإنقاذ الشرق الأوسط من المصيبة المقتربة للتطرف والتسلح النووي.
يديعوت 2021/3/4