بدعوة حفيد مانديلا «أطلقوا سراحها»: تخيلوا لو سجنت إسرائيل ميخائيلي كما فعلت بالبرلمانية الفلسطينية خالدة جرار!
■ تخيلوا لو حكم على ميراف ميخائيلي بسنتي سجن لنشــاطها السياســي من أجل حقوق النساء ولكونها يســارية. أدانت المحكمة ميخائيلي بســبب «عضويتهــا في اتحــاد غيــر مشــروع». وربما كان هناك ذكر لأيامها في المجموعة شبه السرية لخبراء النبيذ الذين كانــوا يلتقون في أواخر التســعينيات لتــذوق النبيذ الأعمى. ولــو تم اعتقالها لضج العالم والإســرائيليون أيضــاً، وقالــوا: عضــوة كنيســت ترُســل إلى الســجن بســبب نشــاطها السياســي؟ إسرائيل تسجن مشــرعيها؟ سجناء سياسيون في الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشــرق الأوســط؟ أليكســي نافالنــي فــي إســرائيل؟ كان الاتحــاد الأوروبي ســيقرر في ذاك اليوم فرض عقوبات على إسرائيل، وكانت الولايات المتحدة ستنضم إلى هذه العقوبات. هكذا كان تصرفهم مع روســيا الضعيفة في الأســبوع الماضي. ولكن عندما يصــل الأمر إلى الدولــة العظمى، إســرائيل، فكل شــيء مبــاح لها، وكل شــيء مغفور لها، حتى ســجن عضوة مجلس تشريعي تعارض النظام.
لم تعتقــل ميخائيلي ولم تتــم إدانتها ولم يحكم عليهــا بالســجن، ولكــن هــذا كلــه حــدث لخالــدة جــرار. فبينهمــا كثيــر ممــا هــو مشــترك. فهما في الخمســينيات، وعضوتان فــي البرلمــان منتخبتان ديمقراطياً. وهما يساريتان علمانيتان كرستا جزءاً كبيــراً من حياتهمــا للنضال النســوي، وتســكنان على بعد ســاعة ســفر بينهما لكنهما لم تلتقيا، وثمة شــك بأن تلتقيا. وإذا التقتا كانتا ســتريان أن هناك توافقــات كبيــرة بينهمــا. خصوصــاً أن ميخائيلي تعتبر نفســها رابينية. وهما تعيشــان داخل النظام الصهيوني لإســرائيل، الأولى توافق عليه بحماسة والأخــرى تعارضــه بشــدة. جــرار أكثــر شــجاعة مــن ميخائيلي، لكــن المقارنــة بينهما غيــر منطقية. فميخائيلــي عضــوة كنيســت يهودية لهــا حصانة ولها دولة. أما جرار فهي عضوة مجلس فلســطينية وبــدون حصانــة أو حمايــة أو دولــة، تعيش تحت احتــال عســكري عنيف. لذلك تحتاج إلى شــجاعة وتضحية كبيرة في نضالها.
تســجن إســرائيل عضوات البرلمــان، وإن كانت لا تســجن عضوات الكنيســت. فيها مئات السجناء السياسيين وإن كانوا جميعا فلسطينيين. أصبحت الدولــة الآن تعترف بوجودهم. أدينت جرار بســبب نشاطها السياسي، واعترف بذلك القاضي والنيابة العامة بصورة صريحة. فقد اشتكوا من «صعوبات فــي الأدلــة». وبدلاً من إطلاق ســراحها علــى الفور وتعويضهــا عن الاعتقــال العبثي حكــم عليها بـ 24 شــهراً ســجناً بعد ســنوات لا بأس بها قضتها في الســجن، بعضها بدون محاكمة. تعدّ جرار معارضة للنظــام. نافالنــي يقضــي حكمــه فــي المســتعمرة العقابية رقم 2 في منطقة فلادمير، جرار في ســجن الدامــون، ولم يســتطع زوجها رؤيتها منذ تشــرين الأول.
ليــس مفاجئــاً انعــدام التضامــن التــام من قبل أعضاء الكنيســت الإسرائيليين مع مصير نظيرتهم،
لكنــه مخجل. وليس ســوى المشــرعون فــي أرجاء العالــم هم الذين عبروا عــن تضامنهم: حفيد منديلا العضو في البرلمان الجنوب إفريقي، كتب أول أمس عبر «واتســآب»: «أطلقوا ســراح خالدة جرار. فهي بطلة ونموذج للنشــطاء فــي أرجاء العالــم. ارفعوا أيديكم عن جرار». ومن المخجل أكثر ســلوك الإعلام الإســرائيلي الخانع، بوق الشــاباك. عندما اعتقلت جــرار، صرخ العنــوان فــي «يديعــوت أحرونوت»: «الشــاباك اعتقل المســؤولة عن قتل رينا شــنراف» ويطلقــون على ذلــك صحافة في إســرائيل. لم يكن لجــرار أي علاقــة بعملية القتل أو أي نشــاط عنيف آخر.
عندمــا تهتــز إســرائيل بســبب صــدع فــي ديمقراطيتهــا الجزئية، فمن الجديــر ذكر هذا أيضاً: هي دولة تســجن معتقلين بدون محاكمة، وتســجن رجال تشريع بسبب نشاطاتهم السياسية. وعندما تملأ إســرائيل العالم بالضجة بسبب تدخل السلطة الفلســطينية في انتخابات الكنيســت، مــن الجدير بالذكــر أن إســرائيل بــدأت الآن بعمليــة اعتقــالات سياسية قبل انتخابات متوقعة للمجلس التشريعي الفلســطيني، وقــد يكــون اســتمرار اعتقــال جــرار متأثراً بذلك. عندما أدان القاضي العســكري، المقدم يئيــر ليحي، جــرار بـ «تولــي وظيفة فــي اتحاد غير مشــروع» فقد أدان أيضاً إســرائيل بأنهــا دولة غير ديمقراطية بصورة واضحة. الآن، أخبرونا عن لجنة الاستثناءات ودقوا الطبول على الغواصات.