Al-Quds Al-Arabi

الكاظمي يدعو لحوار وطني ويبدي استعداد العراق للوساطة والتهدئة الإقليمية

رفض أن يكون البلد ساحة للصراعات الخارجية

- بغداد ـ «القدس العربي»:

دعــا رئيس الــوزراء العراقــي، مصطفى الكاظمي، أمــس الإثنين، المختلفــن من قوى سياســية وفعاليــات شــعبية وشــبابية احتجاجية، ومعارضي الحكومة، إلى «حوار وطني» يكون معبّراً لتحقيق تطلعات الشعب، وفيمــا طالــب دول المنطقة، إلى إبعاد شــبح الحرب عن الشــعوب، أبدى استعداد العراق لعب دور فاعل فــي التهدئة وحــل الأزمات، رافضــاً أن يكون البلــد ســاحة للصراعات الخارجية.

وقال الكاظمي في كلمــة تلفزيونية أمس، بمناســبة اختتام زيارة البابا فرنسيس إلى العراق، قائــاً: «بكلّ حفــاوة وتقدير يودّع شعب العراق اليوم، قداسة البابا فرنسيس، بمثل ما اســتقبله مــن محبة وكــرم وأصالة إنسانية».

وأضاف: «لقد مثّلــت هذه الزيارة العزيزة الكريمة، بكل ما حفلــت به من مظاهر ترحيب ومــن إجماع وطنــي على إنجــاح مقاصدها النبيلة، نقطةً مضيئةً جسّــدت جوهر شعبنا الُمحب الصّادق الحضاري المؤمن بقيم العدالة والسلام».

وتابع: «وصلت رسالة قداسةِ البابا الى كلّ أنحاء العالم، وهو يجــول بقلبٍ مفعم بروح الأمل في مدن العراق الحبيبة، ووصلت رسالة شــعبنا الى كلّ شــعوب الأرض لتقول: نحن شــعب العراق، شــعب التأريخ والحضارة، لقد عانينــا الكثير من الحروب، وســال الدم على أرضنا حتى ارتوت، ونشـــر الموت طوال عقود ظلاله الســود في منازلنــا، وعاثت في ربوعنا غربان الســاح والفســاد والإرهاب والكراهية، لكن مَعدننا الأصيل لم يصدأ، لأن روح الحياة وحبّ الســام والتمسك بالقيم الإنســاني­ة لم يصدأ، ليس في نفوسنا سوى المعاني الإنســاني­ة الكبيرة.. لقد عشنا سوية طوال أكثر من ســتة آلاف سنة مضت وما زلنا معاً، نمسك بيد بعضنا بتعدد أدياننا ومذاهبنا وقومياتنا كما تماســكت أيادي سماحة السيد السيســتان­ي وقداســة البابا، العراق رسالة الإنسانية والسلام، والعراق تاج التسامح.. وبغداد مدينة السلام ومنبر الحركة الفكرية.»

«فرصة حقيقية»

ولفت إلى أن «العــراق أمام فرصة حقيقية لاستعادة دوره التاريخي في المنطقة والعالم رغم كلّ العقبات والتحديات، وإننا كحكومة، متمســكون بإرادة شــعبنا في تحقيق الأمن والسلام والإعمار والإزدهار» منوهاً: «وعلى أساس هذه المسؤولية التاريخية، وفي أجواء المحبة والتســامح التي عززتها زيارة قداسة البابا لأرض العــراق، أرض الرافدين، نطرح اليوم الدعوة إلى )حوار وطني( لتكون معبراً لتحقيق تطلعات شعبنا».

وزاد: «إننــا ندعــو جميــع المختلفين من قوى سياســية وفعاليات شــعبية وشبابية احتجاجية، ومعارضــي الحكومة إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شــعبنا وأمام التاريخ، ندعو قوانا وأحزابنا السياســية الى تغليب مصلحــة الوطن والابتعاد عــن لغة الخطاب المتشنج والتســقيط السياسي، وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابــ­ات المبكرة، ومنح شــعبنا فرصــة الأمــل والثقــة بالدولــة وبالنظام الديمقراطي .»

«نصبر ونتوحد»

وخاطب، الشــباب العراقــي قائلاً: «أدرك حجم معاناتكم وطموحاتكــ­م والحيف الذي لحق بكم، ولكن علينــا أن نصبر وأن نتوحد، من أجــل العراق ومن أجــل الوطن ومن أجل المستقبل الذي يليق بأجيالنا، ولهذا فالحكومة تحتاج الوقت الكافي لحماية العراق وترتيب بيتنا العراقي الوطني» لافتــاً إلى إن «توتير الأوضاع ليــس من مصلحة البلد، ويجب منح الوقت الكافي للحكومــة للبناء على ما حققت خلال الفترة الماضية، وتأمين الانتخابات على أسس رصينة ونزيهة».

وقال «للمعارضين»: «أدعوكم وبكلّ صدق، إلى حوار مفتوح وصريح مــع الحكومة على أســاس مصلحة البلد وأمنه وسيادته، وعلى قاعدة حفظ أمن العراق ودعم الدولة وسيادة القانون» منوهاً في الوقــت عيّنه أن «الحوار الاســترات­يجي الــذي بدأتــه الحكومة حول ترتيبات التعاون مع التحالــف الدولي قائم في الأســاس على إيجاد البيئــة والتوقيتات لإخراج كلّ القــوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على أفضل العلاقات مــع دول التحالف، وبما يضمن سيادة العراق وأمنه».

وجدد، دعوته إلى «حــوار وطني حقيقي عميــق، وعلــى كلّ المســتويا­ت الرســمية والحزبيــة والشــعبية، للتوصــل إلى إطار الاتفاق النهائي للعلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردســتان بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية، ويعالج المشكلات المتراكمة جذريا.»

ومضى يقــول: «لقد عكفــت الحكومة منذ تشكيلها على ترميم علاقات العراق الخارجية والتأسيس لاستعادة العراق موقعه الطبيعي ووزنــه الإقليمي دوليــاً، وحققنــا خطوات متقدمة فــي هذا المجال وكانت زيارة قداســة البابا تعزيــزاً لهذه الخطوات، فقد نجحنا في أن يكون العراق معبراً للتفاهم والتواصل بين العديد من دول المنطقة، وهناك استعداد دولي لدعم العراق في مشروع الإصلاح الاقتصادي، بعد أن نجحنا في عبور الأزمة الاقتصادية.»

قيم السلم

ودعا الكاظمي «أشــقاء العراق وجيرانه وأصدقــاءه» إلــى «ترســيخ قيــم الســلم والتعــاون بــن دول المنطقة وإبعاد شــبح الحــروب والخلافات والصراعــا­ت التي لن تخدم شعوبنا ذات التأريخ المشترك» مؤكداً إن العــراق مســتعدّ «للعــب دور فعّال في تكريــس التهدئة وفتح أبــواب الحوار لحل أزمات المنطقة، وأن يكون الجميع شركاء في التنمية لا محوراً للخلاف والصراعات».

وأضــاف: «لقد أصرّ العــراق على رفضه أن يكــون ســاحة للصـــراعا­ت الخارجية، ومنطق التعاون والأخوة هو الوحيد المقبول بالنسبة لشعبنا وللعراق».

وتابــع: «شــعبنا الكريم، أقدم باســمكم شكري وتقديري إلى كلّ من ساهم في إنجاح الزيارة التاريخية لقداســة البابا الى أرض العراق.. من مؤسســات حكومية وفعاليات شــعبية وقوى سياســية. وأشــكر باسمكم جميعًا قداســة البابــا الذي أحــبّ العراق وشــعب العراق، ولمس طيبة وعمق وأصالة هذا الشــعب العظيم القوي بتنوعه. نشــكر قداستكم على كلّ كلمة إنصاف بحق شعبنا، وكل دعــوة للحوار والتســامح والســام ألقيتها في ربوع العراق الحبيب، وكلّ تفاعل وجداني مــع التحديات التــي يواجهها هذا الشعب».

وختم متحدثاً للشــعب: «أنتــم العراق، على موطــئ أقدامكــم عاشــت الحضارات الإنسانية، وتلاقت ونشـــرت المحبة والفكر والعلــم، أنتم ســومر وبابل وأكد وآشــور، أنتم امتداد الماضي بالحاضر بالمستقبل أنتم عــراق الأنبياء والأئمة والأوليــا­ء والعلماء والمبدعين.. وأنتم الأمل المتجدد وأنتم صنّاع الحياة».

وعلى الفور، أعلن رئيس إقليم كردستان العــراق، نجيرفــان بارزانــي، دعمه دعوة الكاظمي لعقد حوار وطني.

وقال فــي «تدوينة» «أدعــم دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من أجل عقد حوار وطني بين الأطراف العراقية المختلفة وإجراء حوار حقيقي عميق بغية الوصول إلى اتفاق نهائي ووضــع حلول جذرية لمشــاكل إقليم كردســتان مع الحكومــة العراقية الاتحادية بموجب الدستور».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom