Al-Quds Al-Arabi

«بلومبرغ»: هل أثر «كوفيد-19» على طموحات تركيا وحضورها على دول الساحل الافريقي؟

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

تســاءل المعلق في موقــع «بلومبرغ» بوبي غوش، عــن الصدمة التي ســيتركها كوفيد-19 على توســع التأثير التركي فــي دول غرب إفريقيا والســاحل والصحراء. وقال إن دول تلك المنطقة في حاجة لمساعدات من أجل مواجهة الوباء والمشاكل الاقتصادية الناجمة عنه، لكن الرئيس رجب طيب اردوغان غير قادر على تلبية مطالبها.

وأشــار لزيارة قام بها الرئيس الســنغالي ماكي سال، ورئيس غينسا بيســاو عمارو سيســكو إيمبالو، وعلى غير عادة الرئيس اردوغان الذي يحب الأضواء، كان لقاؤه مع الزعيمين بعيــداً عنها. صحيح أن العلاقات التركية مع دول أفريقيا تطورت بدرجة لم يعد فيها زعماء الدول الأفريقية في حاجة لاحتفاءات رســمية. لكن لقاء 30 كانــون الثاني/ يناير والذي بدا هادئاً ولــم يتجاوز التصريحات العادية والصــور الجماعية، لم يؤد للهــدف الذي جاء من أجله الزعيمان الإفريقيــ­ان، ولم يكن لدى اردوغان

ما يقدمه لهما، فعلى الرغم من التأثير التركي في القارة والذي توسع خلال الســنوات الماضية، إلا أن فيروس كورونا قيّد مــن قدرة تركيا على تقوية طموحاتها.

ضغوط اقتصادية على تركيا

ففي وقت يعاني فيه اقتصادها من ضغوط، فإنها ليست في وضع يسمح لها بمنح المســاعدة لدول الســاحل والصحراء الإفريقيــ­ة التي كثف فيها اردوغان التنافس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقبل كوفيد19 كان التوســع التركي في أفريقيا هو أهم إنجاز لاردوغان في السياسة الخارجية. ومنذ توليه السلطة عام 2003، افتتحت تركيا 30 سفارة جديدة فــي إفريقيا، وزار اردوغان نفســه 28 دولة أفريقية. وربمــا كان التبادل التجاري التركي مــع دول الصحراء الإفريقية صغيــراً مقارنة مع الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهند، إلا أن حجم التجارة التركية ازداد خلال العقد الماضي إلى سبعة أضعاف ووصل إلى 10 مليارات دولار.

لكــن هذه الأرقــام لا تعطي صورة عــن حجم القــوة التركية في هذه المنطقة، فبالإضافة للتجارة والمصالح الأمنية فإنها تشــمل القوة الناعمة. وأصبحت تركيا مزوداً مهماً للســاح في القارة، ولديها قواعد عســكرية في الصومال والســودان، وتقدم الدعم المالي لنشاطات مكافحة الإرهاب في منطقة الســاحل. وتقوم شركات الإنشــاءا­ت التركية ببناء المطارات والســكك الحديدية. وتســيّر الخطوط الجوية التركية رحلات جوية إلى دول الصحراء أكثر من أي شركة خطوط جوية غير إفريقية.

ماذا تقدمه لمواجهة الفيروس؟

ويســهم الدعم التركي والمحســنو­ن الدينيون الأتراك ببنــاء المدارس والمستشفيا­ت والمساجد، ووصلت المسلسلات الدرامية التركية إلى جماهير واسعة في أفريقيا. بل واشترت نوادي كرة القدم التركية لاعبين من المنطقة. إلا أن فيروس كورونا أظهر محدوديــة التأثير التركي. وليس لدى أنقرة ما تقدمه لدول الصحراء مــن أجل التعامل مع تداعيات الفيروس الاقتصادية. وعلى خلاف الصين والهند وروســيا، فليس لديها لقاحات لكي تقدمها لهذه الدول. ومقارنة مــع أمريكا والاتحاد الأوروبي والصــن أيضاً، فليس لدى تركيا المال الوفير لمساعدة هذه الدول المثقلة بأعباء الديون.

وقــررت الحكومات المتعبة تقليــل النفقات وتخفيــض القروض من أجل التعامل مع آثار الفيروس، وهناك عشرات الملايين من الأفارقة يواجهون خطر الجوع. وربما قــررت هذه الدول تخفيض أو تعليق المشــاريع الضخمة التي تفضلها شركات الإنشــاءا­ت التركية. والدول الأخرى وبخاصة دول الخليج التي لديها المال الذي لا تملكه تركيا، فالإمارات العربية المتحدة التي تتنافس معها تركيا في القرن الأفريقي، تبرز كمركز للقاحات مما يعطيها نفوذًا إقليميًا إضافيًــا. وهذا لا يعني أن تركيا ليســت لديها أوراق نفــوذ لكي تلعبها، ففي الصومال التي حفرت فيها أنقرة جــذوراً عميقة، يمكنها الاعتماد على امتنان الحكومة والدعم الشــعبي للحفاظ على تأثيرهــا. وتم تدريب معظم القوات الصومالية في قاعدة «تيركوصوم» في العاصمة مقديشو.

وتحتاج الدول الإفريقيــ­ة للخبرات التركية خاصة في مجال الســاح. وتواجــه إثيوبيا النقد الغربي بســبب الحرب الأهلية فــي إقليم تيغراي، وهــي معنية بتعميق العلاقات مع تركيا، لكن في غــرب إفريقيا التي جعلها اردوغان مركز استراتيجيت­ه الجريئة، فدول الصحراء التي تكافح للحصول على المساعدات قد تتجه نحو باريس وليس أنقرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom