Al-Quds Al-Arabi

الفلسطينية تحيي «يوم المرأة العالمي» بذكريات أليمة فرضتها إسرائيل ... وعشرات الأسيرات يتجرعن مرارة الفراق وعذابات السجان

مطالبات بتدخل دولي عاجل لحمايتهن من بطش الاحتلال

- غزة ـ «القدس العربي»:

رغم الاحتفالات التي تقام في دول العالم أجمع إحياء لـ «يوم المــرأة» الذي صادف أمس الثامن من مارس/ آذار مــن كل عام، إلا أن هذا اليوم يمر على المرأة الفلســطين­ية وهــي تعيش جملــة من الانتهــاك­ات والعذابــا­ت جراء الاحتلال الإسرائيلي.

حياة مأسوية

فعلاوة على عمليات التشــريد التي طالت العديد من الأسر الفلسطينية، خلال الأســابيع الماضية، وبالأخص في مناطــق جنوب الخليــل والأغوار، ومــا عانته المرأة الفلسطينية، التي كانت تشكل الجزء الأكبر من تلك الأسر التي ألقى بها الاحتلال في العراء، بعد أن هدم مســاكنها، واقتلع خيامهــا التي أقيمــت على الأنقــاض، يأتي هذا اليوم وهناك الكثير من النساء الفلسطينيا­ت في زنازين الاحتلال.

ويقول نادي الأسير، إن الاحتلال يعتقل 35 فلسطينية، بينهن 26 أســيرة صدرت بحقّهن أحكام لفترات متفاوتة، أعلاها لمدة 16 عاماً، بحقّ الأســيرتي­ن شروق دويات من القدس، وشاتيلا أبو عياد من الأراضي المحتلة عام 1948.

وأضاف في بيان بمناســبة يوم المــرأة العالمي، ان من بين الأســيرات 3 رّهن الاعتقــال الإداري، و 8 جريحات غالبيتهــنّ أُصبن بعد عــام 2015 وأقدمهنّ الأســيرة أمل طقاطقــة من بيت لحــم، والمعتقلة منذ ديســمبر/ كانون الأول 2014 ومحكومة بالسّــجن لمدة 7 سنوات. ومن بين الأسيرات 11 أما.

وفي هذا اليوم العالمي يؤكد نادي الأسير أن الأسيرات يتعرّض لكافة أنــواع التّنكيل والتعذيــب التي تنتهجها ســلطات الاحتلال، بدءاً من لحظة الاعتقال، وحتّى النقل إلى مراكــز التوقيف والتحقيق، ولاحقــاً احتجازهنّ في السجون.

ويوضح النادي أن عــام 2019 على وجه الخصوص، شــهد تصعيدا فــي عمليــات التعذيــب الممنهــج بحقّ الأســيرات، مقارنة مع الســنوات القليلة التي سبقتها، حيث أعاد الاحتلال سياســة التعذيب بحقّ النّساء على الواجهة.

عذابات الأسيرات

وتبدأ عمليــات التعذيب والتّنكيل منذ لحظة الاعتقال، وذلك بإطلاق الرصاص عليهنّ أثنــاء عمليات الاعتقال، وتفتيشــهنّ تفتيشــاً عارياً، واحتجازهنّ داخل زنازين لا تصلــح للعيــش، وإخضاعهنّ للتحقيــق ولمدد طويلة ترافقه أساليب التعذيب الجسدي والنفسي منها: الشبح بوضعياته المختلفــة، وتقييدهنّ طوال فتــرة التحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والتحقيق المتواصل، والعزل والابتزاز والتهديد، ومنــع المحامين من زيارتهنّ خلال فترة التحقيق، وإخضاعهنّ لجهاز كشــف الكذب، والضرب المبــرح كالصفع المتواصل، عدا عــن أوامر منع النشــر التي أصدرتهــا محاكم الاحتــال. كما وتعرضت عائلاتهــن للتّنكيــل والاعتقال، والاســتدع­اء كجزء من سياسة العقاب الجماعي.

وبعد نقلهــنّ إلــى المعتقــات، تُنفذ إدارة ســجون الاحتلال بحقّهن سلســلة من السياســات والإجراءات التنكيليــ­ة منها: الإهمال الطبــي، والحرمان من الزيارة، وحرمان الأســيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة ومن احتضان أبنائهنَّ، علاوة على سياســة العزل الانفرادي التي صعّدت من استخدامها خلال العام الماضي والحالي، وكانــت أبرز عمليات العزل التي اســتهدفت الأســيرات عزل الأســيرة فدوى حمادة لعدة شهور، وانتهى مؤخرا، إضافة إلى عزل الأسيرة نوال فتيحة.

وتواجه الأسيرات، منذ بداية انتشــار وباء كورونا، عزلامضاعفا، جرّاء عدم انتظام زيارات عائلاتهنّ، ورغم المطالبات المتكــررة، على مدار العام الماضي، بالســماح لهنّ بإجراء مكالمات هاتفية للتواصل مع عائلاتهنّ، إلا أن إدارة سجون الاحتلال ترفض الاستجابة لهنّ.

وتعانــي الأســيرات ظروفــاً حياتية صعبــة خاصة في ســجن «الدامــون» منها: وجود كاميرات في ســاحة الفورة، وارتفاع نســبة الرطوبة فــي الغرف خلال فترة الشتاء، ما يضطر الأســيرات لاستخدام الأغطية لإغلاق الحمّامات، عدا عن «البوســطة» التي تُشكّل رحلة عذاب إضافية لهنّ، خاصة اللواتــي يُعانينّ من أمراض، والأهم سياســة المماطلة في تقديم العلاج الــازم لهنّ، وتحديداً الجريحــات، اللاتي يعانــن من آثــار إصاباتهن، وأكثر الحالات صعوبة وخطورة من بين الأســيرات، الأســيرة إسراء جعابيص.

يشــار إلى أن أول أســير للثورة الفلسطينية، اعتقلت في سجون الاحتلال، كانت الأســيرة فاطمة برناوي من القدس، عام 1967 وحكم عليها الاحتلال بالسّجن المؤبد، وأفرج عنها عام 1977 أي بعد عشر سنوات على اعتقالها.

وفي هذا الســياق، ذكرت هيئة الأســرى أن الاحتلال عمد على استهداف المرأة الفلسطينية واعتقالها منذ بداية الثورة الفلســطين­ية، حيث زج الاحتلال في ســجونه ما يزيد عن 16000 فلسطينية منذ عام 1948، وطالبت الهيئة مؤسسات حقوق الإنســان والمدافعين عن حقوق المرأة، بضرورة التحرك وإنهاء معاناة الأسيرات الفلسطينيا­ت، ووقف العنف والقمع الإســرائي­لي الذي يمارس بحقهن، وبذل الجهود للعمل على إطلاق سراحهن.

دعوات لإنصافهن

وإلى جانب الأسيرات، والنساء اللاتي فقدن بيوتهن، جراء سياسات الهدم الإســرائي­لية الممنهجة، هناك آلاف النســاء اللاتي أصبن برصاص الاحتلال. ويعاني الكثير من النســاء من فقدان الزوج أو الابــن أو الأب. وأجبرت ظروف الاحتــال «الاعتقال أو الوفاة» نســبا كبيرة من نساء فلســطين، على أن يقدن أســرهن بعد فقدان المعيل الأساسي.

وبما يؤكد مكانة المرأة الفلســطين­ية التي تمثل نصف المجتمع، قالت لجنة الانتخابات المركزية، إن عدد النســاء المسجلات للانتخابات 2021 بلغ 1.247 مليون، يشكلن ما نسبته حوالى 49 ٪ من إجمالي عدد المسجلين.

وفــي هذا اليوم، هنــأ الرئيس محمود عبــاس، المرأة الفلســطين­ية، في يــوم المــرأة العالمي، وأشــاد بدورها المحوري فــي بناء الأســرة والمجتمع ورفعتــه وتقدمه، ووقوفها جنبــا إلى جنب مع الرجل فــي معركة التحرير والبناء، وأكد أن الشــعب الفلســطين­ي بنسائه ورجاله «ســيواصل المضي قدما حتى تحقيق أهدافه وبناء دولته المســتقلة بعاصمتها القدس الشــرقية» ووجــه التحية لأرواح الشــهيدات، مثمنا صمود الأســيرات المناضلات في ســجون الاحتلال الإســرائي­لي، معبرا عــن اعتزازه بالإنجازات الكبيرة التي حققتها المرأة الفلســطين­ية في شتى الميادين.

وأكدت حركة فتح أن المرأة الفلسطينية كانت وما تزال في الخندق الأول شــريكا أساســيا في النضال الوطني والقرار السياسي، وحقها في المساواة التامة حق طبيعي لا تنازل عنه، مؤكدة أنها ستبذل كل الجهد اللازم من أجل تحقيق هذا الحق العادل، وذكّــرت بالدور الذي قامت به المرأة الفلســطين­ية فــي كل مراحل الصراع مع المشــروع الصهيوني، والاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أنها كانت في قيادة العمل الوطني، وكانت مقاتلة وفدائية وإعلامية وعاملة، ولطالما كانت صبورة متحملة، قابضة على الجمر باعتبارها أم شهيد أو أسير أو مفقود.

وقالت حركة حماس إن المرأة الفلســطين­ية ســتبقى عظيمــة في تضحياتهــا، ورائدة في نضالهــا الفاعل في معركة التحرر ضد الاحتلال، وقال المتحدث باسم الحركة عبــد اللطيف القانوع، إنه في الوقــت الذي تحتفل المرأة بيومها العالمي، هناك أســيرات فلســطينيا­ت يقبعن في سجون الاحتلال. وأكد أن «استمرار الاحتلال في ممارسة القمع ضد المرأة الفلسطينية، واعتقالها في ظروف صعبة وقاسية دليل على إرهاب هذا الكيان الذي يضرب عرض الحائط كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية.»

وأكد الشيخ نافذ عزام، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإســامي أن يــوم المرأة العالمي يمثل «مناســبة لتأكيــد قيمة المــرأة ودورها في الحياة بشــكل عام وفي حياتنا كشعب يواجه احتلالا عنيفا وظروفا استثنائية» لافتــا إلى أن المــرأة الفلســطين­ية «كانت المــرأة في قلب هذه المواجهة العاصفــة، أمّا وزوجة وابنــة تدفع الثمن وتقدم النمــوذج الملهــم للعالم بأســره». وقال المجلس الوطني الفلســطين­ي إن هذا اليــوم العالمي يأتي «والمرأة الفلســطين­ية ما تــزال تعانــي من سياســات الاحتلال وإجراءاته وإرهابه التي تحرمها من حقوقها الإنســاني­ة والاجتماعي­ة والسياســي­ة والاقتصادي­ــة التي كفلتها لها كافة المواثيق والعهود والاتفاقات الدولية ذات الصلة.»

ودعــا أمين عام اتحاد نقابات عمال فلســطين شــاهر ســعد، أهمية تفعيل العمــل بالقرار الأممــي 1325 حول المرأة والأمن والسلام، ومحاسبة إســرائيل ومساءلتها على جرائمها، والتدخــل الفوري لتوفير الحماية الدولية العاجلة للفلســطين­يين، خاصة النساء. وأشادت الهيئة الإسلامية المســيحية لنصرة القدس بالمرأة الفلسطينية ودورها في الدفاع عن قضيتها الفلسطينية.

 ??  ?? فلسطينيات يحتفلن بيوم المرأة العالمي
فلسطينيات يحتفلن بيوم المرأة العالمي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom