Al-Quds Al-Arabi

دبلوماسي إسرائيلي سابق: ردّ فعل تل أبيب على محكمة الجنايات الدولية «فارغ وغبي»

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

فيما يواصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مهاجمة محكمة الجنايات الدوليــة، واتهام قرارها بفتح ملف تحقيق مع إســرائيل بشــبهة ارتكاب جرائم حرب بأنه ينّم عن معاداة السامية، يرى دبلوماسي إسرائيلي سابق أن إسرائيل ستضطر لتسديد ثمن للولايات المتحدة مقابــل حمايتها من المحكمــة. وهاجــم ردود فعلها على القرار ووصفه بالفارغ، محذرا من الاســتخفا­ف بالقرار. وقال قنصل إسرائيل في بوسطن ســابقا ألون بينكاس في محاضــرة له قدمها فــي تل أبيب أمــس ضمن ندوة سياسية نظمتها صحيفة «هآرتس» إن محكمة الجنايات الدولية في لاهاي على علم بهجمات نتنياهو على الجهاز القضائي في إســرائيل ولذلك يصعــب الافتراض بأنها ستصدقه عندما يتحدث عن قدرة إسرائيل على استبدال المحكمة الدولية بمحكمة محلية.

جرائم حرب

وفي رأيه في كل ما يتعلق بمســاعدة واشــنطن فان إسرائيل ســيطلب منها الســير مع الولايات المتحدة في نفس الخــط في موضــوع الاتفاق النــووي والعلاقات مع الصين والســعودي­ة. ويتابع «يوجد لإســرائيل ميل عمره طويل فــي أن تكون محقة جدا وغيــر حكيمة أبدا في ســلوكها الدولي عندما تتم مهاجمتها. معروف أن هذا يخالف تماما صورتنا الذاتية. لذلك فإن الردود على قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بشــأن فتح تحقيق حول جرائم حــرب ارتكبت في المناطــق، كانت متوقعة وفارغة». ويوضح أن «قــرار فتح التحقيق مثير للغضب حقا، أساسه الشرعي مهزوز وأساس افتراضات المحكمة خاضعة لتفســيرات تاريخية وقانونية». ولكنه تساءل بالقول بعد مرور خمس ســنوات على تجاهل تام من قبل إســرائيل بالنســبة لجوهر التحقيق ومحاولة تقويض صلاحية المحكمة، ما الذي كانوا ينتظرونه بالضبط؟

وقال إن «قصفــا مدفعيا مــن الرثاء والبــر والمرارة والغضــب المقدس والقاء اللوم على كل العالم قد بدأ على الفور، وإنه خلال بضع دقائق من إعلان المحكمة بدأ وابل من الشــعارات: الجيش الإســرائي­لي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم. ودولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي يعرفون أن إجراء تحقيق ذاتي أفضل من أي جهة أخرى، وهم يفعلون ذلك بشــكل دائم. سنقف من وراء الضباط والجنود وهذه لاســامية وإســرائيل تتعــرض للهجوم والمدعيــة العامة تحركهــا كراهية إســرائيل، وهذا قرار منافق ولا أساس قانونيا له، وليذهبوا ويفحصوا سوريا وإيران قبل ذلك .»

وهو يعتبر أن كافــة هذه الادعــاءا­ت محقة وجميلة ومعظمها صحيح، لكنها جميعا غير حكيمة. وعلل رؤيته بالقــول: «لا يوجد أي منها مناســب للدفــاع القانوني بالنسبة لإســرائيل. توجد لها، بصعوبة شديدة، أهمية إعلامية فقط. هذه ليســت أكثر من ادعــاءات ممجوجة تجعلنا نشــعر بالراحة مع أ، مغلفــن بالغضب المقدس. هكــذا لا يبنون دفاعــا ومثلما لا يجــب المبالغة بصورة هســتيرية فإنه محظور ايضــا على إســرائيل التقليل والاستخفاف بالمحكمة الدولية .»

وحسب بينكاس سيستغرق التحقيق زمنا غير قصير، وفي يونيو/ حزيران المقبل سيتم استبدال بنسودا بمدع عام جديد، رجل القانــون البريطاني كريم خان. ويقول إنه ليس واضحا كم من الوقت والموارد سيخصصها خان لهذا التحقيق مقارنة مع تحقيقات أخرى، التي ربما تكون ضمن سلم أولويات أعلى في مكتبه. ويشير الى أن الصور البائسة للتحقيقات أو أوامر الاعتقال ضد رؤساء الوزراء ووزراء الأمن ورؤســاء الأركان والجنرالات ورؤســاء أقســام في جهاز الامن وجنود خدموا فــي غزة ما زالت

بعيدة، ويوجد لإســرائيل حلفاء وادعاءات دفاع لا بأس بها «، لكن من جهة أخرى يقول إنه اذا واصلت إســرائيل ازدراء المحكمــة الدوليــة والاحتجاج علــى صلاحيتها والامتناع عــن التعاون معها، مثلما فعل نتنياهو بصورة متحدية في الســنوات الخمــس الماضية، فــإن الضرر المحتمل ســيكون ليس فقط قانونيا تجاه هذا الجنرال أو ذاك الملازم أو ذاك العضو في الشــاباك، بل ايضا سيكون ضررا سياسيا. ويضيف «صحيح أن التحقيق يتركز على يونيو/حزيران 2014، لكن نطاق القضاء يمكن توسيعه الى جميع «المناطق الفلســطين­ية ». هذا بالضبط ما يعتبر «تدويلا للنزاع» من خلال المحكمة في لاهاي، والطريق من هناك الى الأمم المتحدة غير بعيدة.»

وحســب رؤية بينكاس هناك ثلاثة جوانب لسياسة الدفــاع الإســرائي­لية: الجانــب القضائــي والجانــب الدبلوماسي الجماهيري والسياسي، ويقول إنه قانونيا بعد سنوات على تجاهل التحقيق، ستضطر إسرائيل الى فحص بلورة استراتيجية وخط دفاع كرد على صلاحية المحكمــة وميثاق رومــا، الذي تم التوقيــع عليه في عام .1998

أربعة أنواع من الجرائم

ويضيف «بقوة هذا الميثاق تم تشكيل محكمة الجنايات الدولية في لاهــاي. وقد دخل الميثاق الى حيز التنفيذ في 2002 وفســر وظائــف المحكمة وصلاحياتها وســريان ولايتها القضائية وتركيبتهــ­ا. الميثاق حدد اربع «جرائم أساسية»: إبادة شــعب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم عدوان، مذكرا أن إسرائيل انضمت رسميا الى الميثاق في 31 ديســمبر/ كانون الأول2000 ولكنها لم تصادق على هذا الانضمام. وفي رسالة انضمامها اضافت إســرائيل تحذيرا وتحفظــا: هناك خوف من تســييس قرارات المحكمة، وخوف جوهري ومعقول من اســتخدام سياسي ومن دوافع سياســية واضحة ومرفوضة لدول بتقديمها دعاو للمحكمة. خوف آخر هو أن تتحول المحكمة الى ساحة صدامات سياسية وليست هيئة قضائية نقية وخالية من الاعتبــار­ات الغريبة. يبدو أن كل التحذيرات الإسرائيلي­ة تم التعبير عنها في قرار فتح التحقيق.»

كمــا يــرى أن الجانــب الثاني هــو الدبلوماسـ­ـية الجماهيرية: حتى الآن اختارت إسرائيل طريق الهجوم ومحاولــة الاحتجاج على صلاحية المحكمــة، محذرا ان هذه سياسة شــرعية، لكن لا يوجد لها برنامج بديل إذا لم تنجــح. وتابع «في لاهاي قرأوا كيــف أن الوزراء في إســرائيل يشــهرون ويهددون محكمتها العليا بتقليص صلاحياتها، وتشريع استقوائي ضد أحكامها. إضافة الى ذلك، بقي لإســرائيل المسار السياســي. يوجد لإسرائيل حلفاء مهمون هم أعضاء في ميثــاق روما ودول صديقة وتتعامل بــود مع ادعاءاتها وانتقادهــ­ا. ولكن في نهاية المطاف الأســاس يوجــد في الولايــات المتحــدة، فهي ليســت عضوة في ميثاق روما، لكن تأثيرها في منتديات ومؤسســات دولية هو تأثير حاســم. وأمس وقف وزير الخارجية الأمريكي، انطوني بلينكن، من وراء إسرائيل واحتج على صلاحية المحكمة.»

واوضح بينكاس أيضا ان استمرار التحقيق سيحتاج الى اســتمرار الدعم السياســي الأمريكي، وهذا مرهون ومتعلــق بمواضيع أخرى تتطلع فيهــا الولايات المتحدة الى تعاون إسرائيل: الاتفاق النووي مع إيران، وعلاقات الولايــات المتحــدة المتضعضعــ­ة مع الســعودية، وفي المســتقبل القريب، ضغط أمريكي على مســائل مختلفة داخــل مثلــث العلاقات إســرائيل ـ الصــن ـ الولايات المتحدة. وخلص للقول «من أجل ضمان اســتمرار الدعم السياســي والعملــي للولايــات المتحدة فــي موضوع التحقيق سيطلب من إسرائيل تأييد الولايات المتحدة في هذه المواضيع .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom