Al-Quds Al-Arabi

اليمن: المرأة في زمن الحرب تشهد أسوأ معاناة ووضعاً مأساوياً غير مسبوق

أكثر من 4000 حالة انتهاك مسجلة شملت القتل والتعنيف والتعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري

- تعز ـ «القدس العربي» من خالد الحمادي:

شــهدت المرأة اليمنية أســوأ معانــاة ووضعاً مأســاوياً غير مســبوق في تاريخ اليمن الحديث خلال فترة الســت ســنوات الماضية مــن الحرب الدامية في البلاد التي دمرت كل شيء، بما فيه ذلك أطر الحماية للمرأة والطفل، وجعلت من المرأة هدفاً مباشراً مثلها مثل بقية الأهداف العسكرية في بنك الأهداف العسكرية للأطراف المتصارعة في اليمن.

وذكرت العديد من المصادر الحقوقية بمناســبة اليوم العالمي للمرأة الذي صــادف أمس، أن المرأة اليمنية لم تشــهد مآســي من آلات الدمار والحرب فحســب، بل شــهدت أيضاً معاناة مــن آثار ذلك الاقتتال، بانعكاســا­تها السلبية على المرأة اليمنية أمنيــاً واقتصادياً وتعســفاً واضطهاداً بشــكل لم تشهده المرأة اليمنية من قبل في البلاد.

وتعد روضة، وهو اسم مســتعار لدواع أمنية، واحدة مــن ضحايا الحرب اليمنيــة، حيث قضت أكثر مــن عام ونصف عام فــي معتقلات الحوثيين بصنعاء دون أي تهمة سوى أنها رفضت العمل في الأوساط النسائية، من خلال حشد وتجنيد النساء في أنشطة جماعة الحوثي العسكرية والأمنية.

وذكرت لـ«القدس العربي» أنها شــهدت أسوأ معاناة فــي حياتها خلال فتــرة اعتقالها من قبل المســلحين الحوثيين. وقالت: «اعتقلوني من بيت عائلتي بشكل مفزع، حيث حاصرت عربات مدرعة منــزل عائلتي والحي الذي أســكن فيــه بالقرب من شــارع الزبيري بالعاصمــة صنعاء، واقتحم مســلحون حوثيــون منزلنــا برفقة مســلحات حوثيات يطلق عليهن الزينبيــا­ت، واختطفوني بملابس النوم في وقت متأخر من الليل وسط فزع أطفالي وعائلتي وجيراني، واقتادوني إلى سجن ســري لم تســتطع عائلتي الوصول إليه إلا بعد شهور طويلة من الاعتقال التعسفي.»

وأضافــت: «شــاهدت الويلات فــي المعتقل الحوثــي مــن التعذيــب والإيــذاء الجســدي والنفســي، الذي وصــل أحياناً حد الإشــراف على مفارقة الحياة جراء ذلك» مشــيرة إلى أنها عاصرت خلال فترة اعتقالها مآســي العشــرات من الســجينات اليمنيات في معتقلات الحوثي، اللواتــي تعرضــن للتعذيــب الشــديد وفارق بعضهن الحيــاة جراء ذلك، إثــر رفضهن العمل لصالح المشروع الحوثي.

وكشــفت أن الحوثيين يرفضون الإفراج عن أي امرأة من المعتقــل إلا بأحد أمرين، إما الموافقة على العمل معهم في الجهــاز الأمني الحوثي، أو إجبارها على التوقيع علــى وثائق تتضمن تهماً جســيمة ضدها لا علاقة لها بها، لا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي التهديد بمحاكمتها لاحقاً بناء على هذه التهم الموقع عليها.

وقالت: «ونتيجــة تعرضهن للتعذيب الذي لا يطاق، تضطر العديد مــن المعتقلات إلى الموافقة على العمــل مع الجهــاز الأمنــي للحوثيين بعد خروجهن من الســجن، للخروج من هذا الوضع المأساوي الذي وقعن فيه.»

وذكــرت أن الوضع الأكثر مأســاوية ومرارة من الســجن هو «تخلّي أسر الضحايا من النساء اللواتــي تعرضن للاعتقــال عن الدفــاع عنهم والتبرؤ منهن، إما بســبب إيهام الحوثيين لهذه الأســر بأنهن ارتكبن أعمالاً مخلة بالشــرف، أو لعدم قدرة هذه الأســر علــى مجابهة الحوثيين القمعية، وبالتالي لا تجد هؤلاء النساء أي فرصة للنجاة مــن هذا الوضع في كل الأحوال، ســواء الارتماء في أحضان الحوثيــن، أو القليل منهن مــن تمكن من الإفلات منهم بالهــروب إلى خارج البلاد .»

في غضون ذلك، كشــفت منظمة سام لحقوق الإنســان عن أرقام صادمة عن حجم الانتهاكات ضد النســاء في اليمن، وأسماء سجون مفترضة لاعتقــال وإخفاء النســاء قســرياً وتعذيبهن، وكذلك أسماء شخصيات مسؤولة عن الاعتقالات التعسفية والإخفاء والتعذيب للنساء.

وقالت في تقرير أصدرتــه بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، أمس، بعنوان «النساء في اليمن: معاناة ممتدة وانتهاكات مروعة» إن هذا التقرير تضمن شهادات لضحايا وأقارب ضحايا وشهود عيان عن انتهاكات جســيمة تعرضت لها النساء في اليمن خلال سنوات الحرب، وخاصة النساء المعتقلات في سجون مليشيا الحوثي، بما في ذلك سجون أقسام الشرطة والنقاط العسكرية.

وقال رئيس منظمة «ســام» توفيق الحميدي: «إن منظمة ســام ســجَّلت في تقريرهــا أرقاماً صادمة عــن حجم الانتهــاك­ات التــي تعرضت لها المرأة اليمنية، خلال ســنوات الحرب الستة الماضية، حيث سجلت أكثر من 4000 حالة انتهاك حتــى نهاية 2020، شــملت القتــل، والإصابات الجســدية، والاعتقــا­ل التعســفي، والإخفــاء القسري، والتعذيب، ومنع من التنقل.»

الــى ذلك، قال ســفير الاتحــاد الأوروبي لدى اليمن، هانس غروندبرج، في بيان له أمس تلقت «القــدس العربي» نســخة منه: «يدخــل اليمن العام الســابع من الحرب التي دفعت بالبلاد إلى معاناة ودمــار لا يمكن تصورهمــا. أثرت الحرب

بشــكل خطير على جميع اليمنيين، رجالاً ونساء وأطفالاً. ورغم إظهارهم صموداً وعزماً لافتين، إلا أن النســاء والفتيات اليمنيات هن الأكثر تأثراً.»

وأوضح أنه حتى فترة ما قبل الحرب، واجه اليمن مســتويات مفزعة مــن عدم المســاواة، و«تتذيل الآن جميع المؤشــرات العالمية الخاصة بالمساواة

بين الجنســن، كما أن ارتفاع زواج الأطفال العام الماضي بسبب العوائق المالية التي تواجهها الأسر اليمنية يبعث على القلق بشكل كبير.»

 ??  ?? جانب من المواجهات الدائرة في اليمن
جانب من المواجهات الدائرة في اليمن

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom