Al-Quds Al-Arabi

إيران تشحن سراً إلى الصين كميات قياسية من النفط الخام وتجس نبض مشترين آخرين في آسيا أملاً في انتهاء العقوبات الأمريكية

-

■ لندن - رويترز: أفادت ستة مصادر في قطاع النفط وبيانات «رفينيتيف أيكون» أن إيران شحنت سراً كميات قياسية من النفط الخام إلى الصين أكبر مشــتري نفطها في الشــهور الأخيرة، وفي الوقت نفسه أضافت شركات تكرير حكومية هندية كميات من النفط الإيراني إلى خططها السنوية للاستيراد، مفترضــة أن الولايــات المتحــدة ســتخفف قريباً العقوبات المفروضة على المنتج العضو في «أوبك».

ويســعى الرئيس الأمريكي جــو بايدن لإحياء المحادثات مع إيــران حول الاتفــاق النووي الذي انســحب منه الرئيس الســابق دونالد ترامب في 2018، رغــم أن العقوبات الاقتصادية القاســية لا تزال سارية وتصر طهران على رفعها قبل استئناف المفاوضات.

وقالــت المصــادر أن شــركة النفــط الوطنية الإيرانيــ­ة بــدأت التواصل مع زبائــن في مختلف أنحاء آســيا منذ تولى بايدن منصبه، وذلك لتقييم الطلب المحتمل على نفطها.

وطلبــت المصــادر عدم الكشــف عــن هوياتها بسبب حساسية الأمر. وأدت العقوبات إلى هبوط ســريع في الصادرات الإيرانية إلــى الصين والهند واليابــان وكوريا الجنوبية منــذ أواخر 2018. كما أدت العقوبات والتخفيضات الإنتاجية التي قررها المنتجون من أعضاء مجموعة «أوبك+» إلى تقلص المعروض من نفط الشــرق الأوسط عالي الكبريت في آسيا، أكبر أسواقه العالمية.

وتستورد آســيا أكثر من نصف احتياجاتها من النفط الخام من الشرق الأوسط.

وقال مصدر في شــركة تكرير هندية «خاطبونا وقالوا أنهم يأملون في القريب العاجل اســتئناف إمدادات النفط فقلنا: إن شاء الله».

ومن المحتمل أن تؤدي عودة الإمدادات الإيرانية إلى الهند، ثالث أكبر دول العالم اســتيراداً للخام، إلى تقليــل الطلب علــى الشــحنات الفورية التي ازدادت فــي الآونة الأخيرة بعــد أن خفض العراق الإمدادات وقلصت الكويت آجال بعض التعاقدات.

وقال مســؤول حكومي أن الهند، التي تضررت من الارتفاع العالمي الأخير في أســعار النفط الخام، تتوقع عودة الإمدادات الإيرانية إلى السوق خلال ثلاثة أو أربعة أشــهر. وقال مسؤول آخر في شركة تكرير أن شركته تلقت من مســؤولي شركة النفط الوطنية الإيرانية ما يفيد أن اتفاقاً رســمياً بشــأن إمــدادات النفط الخام ســيوقع بعــد الانتخابات الإيرانية في يونيو/حزيــران المقبل. وقد تواصلت الشركة الإيرانية بالفعل مع زبائن آخرين في آسيا.

وقال متعامل في شركة تكرير في شرق آسيا «في الآونة الأخيرة تواصلت معنا شركة النفط الوطنية الإيرانية لتسألنا عن الطلب. يبدو أن إيران تتأهب للعودة إلى السوق .»

وقال مصــدر آخر في قطاع التكرير أن المحادثات في مرحلة «أولية للغاية» وأن المؤسســة الإيرانية تريد معرفة ما إذا كانت الشــركة ستستأنف شراء النفط الإيرانــي. على النقيض من الهند، لم تتوقف الصين بالكامل عن استيراد النفط من إيران.

فقــد أفــادت خدمــة «أويــل ريســيرش أوف ريفينيتيف» أن إيران شــحنت حوالي 17.8 مليون طن )306 آلاف برميــل يومياً( من الخام إلى الصين خلال الأربعة عشر شــهرا الماضية، وأن الشحنات بلغت مستويات قياســية في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين.

ومــن هــذه الكميــات كان حوالي 75 فــي المئة «واردات غيــر مباشــرة» توصف بأنهــا نفط من سلطنة عمان أو الإمارات العربية المتحدة أو ماليزيا دخلــت الصين في الأســاس من موانئ فــي إقليم

شــاندونغ الشــرقي الذي يوجد فيه أغلب شركات التكرير المستقلة في الصين أو من ميناء إينجكو في إقليم لياونينغ في الشمال الشرقي.

أما نسبة الخمســة وعشرين في المئة الباقية من الواردات، فقد قالت «ريفينيتيف» أنها مشــتريات رســمية للاحتياطي البترولي الاســترات­يجي في الصين، إذ تحتفظ بكين بمشــتريات صغيرة الحجم رغم العقوبات الأمريكية.

وقالــت محللــة تدفقــات النفــط الخــام في «ريفينيتيف» إيمــا لي «الكميات بــدأت ترتفع من الربع الأخير في 2020، إذ كان إقليم شــاندونغ على رأس المناطق التي اســتقبلت الخام، وهو ما يشير إلى أن المستهلك الأساسي له معامل تكرير مستقلة .»

وعادة مــا تغلق الناقــات التي تحمــل النفط الإيراني أجهــزة تحديــد مواقعها عنــد التحميل لتجنب رصدها، ثــم يصبح من الممكن متابعتها مرة أخرى عن طريق الأقمــار الصناعية قرب موانئ في سلطنة عمان والإمارات والعراق.

وقالت لــي أن بعض الناقلات تنقــل جانبا من شحناتها إلى سفن أخرى قرب سنغافورة وماليزيا قبل أن تبحر إلى الصين.

ولــم تتمكن رويترز من التعرف على المشــترين النهائيين لهذه الشحنات.

ودون التعليق مباشرة على الصفقات النفطية، قال مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية «إيران دولة صديقة للصين وبين البلدين اتصالات عاديــة وتعاون. والتعاون بــن الصين وإيران في إطار القوانين الدولية صائب ومشــروع ويستحق الاحترام والحماية».

وامتنعت شــركة النفط الوطنيــة الإيرانية عن التعقيب. وقال مســؤول فــي وزارة النفط «عندما تُرفــع العقوبات الأمريكية الظالمة ســتتمكن إيران من بيع نفطها لأي بلد وأؤكد لكم أنه ســيتم توقيع تعاقدات كثيرة».

وقالــت شــركة «بترولوجيسـ­ـتكس» لتتبــع الناقلات فــي جنيــف أن حجم تحميــات النفط الإيراني في يناير/كانون الثاني تجاوزت 600 ألف برميل في اليوم للمــرة الأولى منذ مايو/أيار 2019، وذلك في مؤشــر على أن نهاية ولاية دونالد ترامب ربما تغير سلوك المشترين.

وأظهرت بيانات من «ريفينيتيف» ومن الجمارك الصينية أن الشــحنات غير المباشرة التي وصلت في فبراير/شــباط، بما فيها الشحنات التي تنتظر تفريغهــا في موانئ صينية، بلغــت قرابة 850 ألف برميل يومياً، متجاوزة المســتوى القياسي المسجل في أبريل/نيســان 2019 وهو 790 ألــف برميل في اليــوم. وأظهــرت بيانات الجمــارك الصينية يوم الأحــد أن واردات النفــط الخــام ارتفعت بمعدل ســنوي أربعة في المئــة في أول شــهرين من العام الجاري. وستنشر هيئة الجمارك الصينية تفاصيل الواردات من كل دولة هذا الشهر.

وقــال متعامل صيني مســتقل مُطَّلع على بعض الصفقات «الخام الإيراني بدأ يدخل شــاندونغ من أواخر 2019... بدءاً ببعض شركات التكرير التي لا تملك سيولة نقدية وكانت تكرر النفط أولاً قبل دفع ثمن الشحنة».

وأوضح المتعامل إن أغلــب هذه الصفقات جرت تسويتها بالعملة الصينية أو اليورو للالتفاف على العقوبات الأمريكية.

وقال متعاملــون إن الواردات القياســية أثرت على أسعار الخامات المتوســطة والثقيلة المنافسة من منتجين آخرين في الشرق الأوسط.

وقال مصدر آخر «إيران طفت على الســطح من جديد رغم أنه لا يبدو أن العقوبات سترفع قريباً».

 ??  ?? صورة بانورامية لمصفاة عبدان النفطية الإيرانية مأخوذة من الجانب العراقي من شط العرب
صورة بانورامية لمصفاة عبدان النفطية الإيرانية مأخوذة من الجانب العراقي من شط العرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom