Al-Quds Al-Arabi

لبيد يطمح أن يكون رئيسا للحكومة ومن أجل ذلك يتنازل عن جميع المصالح الاخرى

- رفيف دروكر هآرتس - 2021/3/8 – – –

■ ذات مرة، في الفترة التي انسحب فيها من الحياة السياسية، التقى جدعون ساعر مع يئير لبيد. يبدو لي أنك تخلصت من ذلك، قال له لبيــد. الاثنان عرفا ماذا يقصد. مــن «ذلك»، أي من الاســتحوا­ذ المرضي في أن يكون رئيســا للحكومة، من نمط الحياة الذي يستغل كل شيء لصالح الهدف المقدس.

لبيد نفســه لم يتخلص من «ذلــك» في أي يوم من الايــام. عندما دخل إلى السياســة ألقــى مرة واحدة كل قواعد الســلوك التي ميزتــه الدرجة الاولى في الطائرة، السيجار والسيارة الفاخرة. بعد ذلك فرض على نفسه معيارا أخلاقيا يثير الحسد، حتى أنه معيار شديد. فقد قطع كليا علاقته مع صديقه المقرب شلومي لحياني، شــريكه في تأســيس المجموعة التي تحولت بعد ذلك إلى «يوجد مستقبل» في اللحظة التي تورط فيهــا هذا في قضايــا جنائية. أيضا علاقتــه مع اهود اولمرت، الذي اعتاد على تســميته «والدي» والتحدث عنه بمحبة، قطعها بصورة تقريبا غير انسانية.

لبيد يدير «يوجد مســتقبل» مثل دولة ديكتاتورية ظلامية. من انحــرف قليلا عن الصف، حســب رأيه، يعتبر خائن في نظره. أحيانــا لبيد يواصل ملاحقته حتى بعد أن يترك الحزب. قائمة جزئية: لبيد وشــاي بيرون، الذي كان في السابق وزير التعليم ورقم 2 في يوجد مستقبل، متخاصمان؛ لبيد ويعقوب بيري، وهو شخصية كبيرة ســابقة في حزبه. مع عوفر شيلح كف لبيد عــن الكلام منذ أن طرح شــيلح إجراء انتخابات تمهيدية لرئاسة الحزب.

رئيــس «يوجد مســتقبل» يتصــرف الآن مثل قط محبب. هــو يتظاهر بأنه ســيكتفي بإبعــاد نتنياهو وبمنصــب وزير الخارجيــة. يبدو أنه حتــى عدد من السياســيي­ن يقعون في هذا الشــرك. كيف يمكن لأحد أن يثق بأن شخصا مســتعدا للتضحية تسع سنوات بأصدقاء ونمط حياة وأمــوال، يفعل كل ذلك فقط من أجل أن يكون وزير خارجية؟

في معظم ســنواته في السياســة فــان لبيد أضر بالاحتمالي­ة الصغيرة أصلا، لمعســكر الوسط يسار باســتبدال النظام. في العــام 2013 رفض الاتحاد مع باقي أجزاء المعســكر. التنافــس بثلاثة رؤوس ضمن الفــوز لنتنياهو. في العام 2015 ســيطرت فرضية أن الحزب الأكبر سيحصل على الحق في تشكيل الحكومة. والتنافس المستقل للبيد أضر مرة اخرى بفرص رؤساء هذا المعسكر في حينه، اسحق هرتسوغ وتسيبي لفني، مــن الوصول إلى هذا المكان. في العــام 2019، تصميم لبيد على التناوب أضر بفرص أزرق أبيض بأن تزداد، ورفضــه الانضمام إلى الحكومة بعــد الانتخابات في الموعــد ب كان قاتلا. من الصعب جــدا تكرار انجازات تلك الانتخابات )55 مقعــد لكتلة نتنياهو، بما في ذلك نفتالي بينيت واييلت شــكيد(، التي ستمكن كما يبدو من إسقاط نتنياهو خلال بضعة اشهر.

لبيد تصرف حســب الاعتبار الوحيد الذي يوجهه وهو التطلع إلى أن يكون رئيس حكومة. وأي مصلحة اخــرى تم القاؤها جانبا. فــي الانتخابات الحالية من المتوقع أن يســجل إنجازا باهرا. حزب الوسط، حزب الرجل الواحد، الذي بعد تشــكيله في 2012 توقعوا له موتا ســريعا يشبه موت احزاب الوســط التي ركزت على شخص واحد، ســيكون الحزب الأكبر في الكتلة. وهناك احتمالية كبيرة في أن يجتاز لبيد حدود الـ 20 مقعدا، وربما حتى سيقترب من الـ 25 مقعدا.

لبيد يســتحق ذلك. فقد قــام ببناء خليــة ناجعة وفعالة تتشكل من أشخاص يثقون به ثقة عمياء، مثل هيلل كوبرنسكي وداني فاسلي، خلية تقريبا لا يتسرب أي شــيء منها. الجهاز الحزبي لـ «يوجد مستقبل» هو جهاز فعال ويعمل بشكل جيد. لبيد قام بالوفاء بوعده بأن لا يدخل إلى حكومة مع نتنياهو، رغم الخطر الكبير في أن يجر عليه هذا القرار المكوث لســنوات كثيرة في المعارضة، وربما حتى الدمار السياسي.

الآن هو يديــر الحملة الأكثر صعوبة بالنســبة له. الرجــل الذي بعد انتخابــات 2013 أجاب بعدم مبالاة بأنه في الانتخابات المقبلة ســيفوز وسيصبح رئيسا للحكومة، يتألــم الآن تحت القناع الــذي فرض عليه بسبب أرقام شــعبية شخصية ســيئة. يتعذب، لكنه يذعن لصفحة الرســائل. بعد الانتخابات، إذا سمحت الأرقام بشــكل عام بتشــكيل حكومة بــدون بنيامين نتنياهو، فان لبيد سيكون بحاجة إلى قطرة اخرى من الصبر، والموافقة على أن يكون رقم 2 في التناوب، وأن يبني بشــكل حكيم حكومة يمكنها البقــاء حتى اليوم الذي سينجح فيه في تحقيق حلمه.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom