تركيا تطور دفاعات وطنية لكنها ما زالت في حاجة لمنظومة للسنوات المقبلة
نجاح اختبارات النسخة متوسطة المدى من «حصار»
تواصــل تركيــا مســاعيها الحثيثة من أجل تطوير منظومة دفاعيــة وطنية تلبي احتياجاتهــا الدفاعيــة المختلفة وتخرجها مــن دائرة التجاذبــات الدولية، لا ســيما الأمريكيــة والروســية، لتحقيــق أعلــى مســتوى ممكن من الحمايــة الدفاعية عبر أنظمة وطنية تؤمن لها الاستقلالية في قرار وأماكن وحدود نشرها واستخدامها.
ورغــم تحقيقها تقدماً لافتــاً في برنامج منظومــات حصــار الدفاعيــة قصيــرة ومتوسطة المدى ومساعيها لتطوير نسخة بعيــدة المدى، إلا أنها ما زالــت بحاجة إلى ســنوات من العمل والتطوير للوصول إلى منظومــة دفاعية متكاملة قادرة على ســد حاجاتها الدفاعية بكفاءة كاملة، وإلى حين ذلك تبقى تركيــا بحاجة إلى تأمين منظومة دفاعية متطورة وإدارة التوازنات الدولية في هذا الإطار.
وإلى حــن ذلــك، يتوجب علــى أنقرة اتخــاذ قــرار نهائي بتفعيــل منظومة إس 400 الدفاعية الروســية ومواجهة مزيد من العقوبــات الأمريكية والانتقادات الغربية، أو التخلي عن المنظومة مقابل الحصول على منظومة باتريوت الأمريكية وتحمل تبعات ذلك الاقتصادية والسياســية وخاصة مع روســيا، أو القدرة علــى التوصل إلى حل
وسط مع الإدارة الأمريكية على عدم تفعيل المنظومــة الروســية مقابل عدم توســيع العقوبات وتحســن العلاقــات في ملفات مختلفة. ومنذ ســنوات، تشــرف شركتان كبيرتان تتبعــان للصناعات الدفاعية على تطويــر منظومة حصــار للدفــاع الجوي من أجــل الوصول إلــى منظومــة وطنية تركية، حيــث تتولى هذه المهمة الشــركة التركية للصناعات الإلكترونية العسكرية «أسيلســان» التي تطور الــرادار ولوحة التحكــم والإطــاق، والشــركة التركيــة للصناعــات الدفاعية «روكيتســان» التي تتولى تطوير صواريخ المنظومة.
ونهايــة العــام الماضــي، ورداً علــى العقوبــات الأمريكيــة على تركيا بســبب شــرائها منظومــة إس 400 الدفاعيــة الروســية، كشــف الرئيس التركي رجب طيــب اردوغان عــن نجــاح الاختبارات النهائية علــى منظومة دفاعيــة «وطنية» تحت اســم «حصار» متعهداً بتكثيف العمل في مجال الصناعات الدفاعية الوطنية.
واعتبــر اردوغان أن الهدف الأساســي للعقوبات، «قطــع الطريق أمــام القفزات التي بدأتها تركيا فــي الصناعات الدفاعية لجعلها تعتمد على الخارج» مضيفاً: «عقب العقوبات الأمريكية، سنسرّع من خطواتنا في طريق بناء الصناعــات الدفاعية لتبلغ الريادة العالمية» كما وعد بمضاعفة الجهود من أجــل اســتقلال الصناعــات الدفاعية التركية من كافة النواحي.
وبث الرئيس التركي مشــاهد للتجارب الأخيرة لمنظومة «حصار- أ» للدفاع الجوي منخفــض الارتفــاع محلية الصنــع، التي أشــرفت على إنتاجها رئاســة الصناعات الدفاعية التي طالتها العقوبات الأمريكية، مؤكداً أن الاختبارات اجتيزت بنجاح كامل، حيث تظهر المشــاهد انطــاق صاروخ من المحطة الأرضية للمنظومة قبل أن ينجح في إصابة وتدمير هدف جوي.
والمنظومــة تطلق صواريخهــا عامودياً من منصبــة إطلاق محمولــة على مركبات متحركة، ومجهزة برؤوس حربية شديدة الانفجــار تتعقــب الهدف بواســطة نظام روية بالأشعة تحت الحمراء وأشعة الليزر، وتقول تقديرات عسكرية إن هذه المنظومة تحمل أهمية لقدرتها على مواجهة الأهداف الجويــة المنخفضــة التــي يصعــب على الدفاعات الجوية بعيدة المدى اســقاطها، وهو مــا يجعلها تتكامل مع منظومة متقدمة على غرار منظومة «إس-400.»
والثلاثاء، أعلن إســماعيل ديمير رئاسة هيئة الصناعات الدفاعيــة التركية، نجاح الاختبارات النهائية على النسخة الأحداث من المنظومة وهي «حصار- أو+» متوسطة المدى، وكتب ديمير : «منظومة «حصار- أو » للدفاع الجــوي التركية تنجــح في إصابة هدفهــا وتدميره في اختبــار المدى الأطول والارتفاع الأعلى». وحسب المعلومات التي نشرتها رئاســة الصناعات الدفاعية، فإن المنظومة الجديدة قادرة على توفير الحماية
للقواعد العســكرية والمرافق الحساســة ونقاط التمركز العســكرية، كما أنها قادرة علــى مواجهة خطــر الطائــرات الحربية والمروحيات العســكرية والطائرات بدون طيار والصواريخ المواجهة وصواريخ أرض ـ جو.
والنسخة السابقة حصار- أي منخفضة الارتفاع، يقــدر مداها بـ15 كيلومتراً. بينما النســخة الثانية حصــار-أو، التي تعتبر متوسطة الارتفاع فيبلغ مداها 25 كيلومتراً، ولديها قدرة على التموضع بسرعة وتغيير مكانهــا ومراقبــة المحيط باســتدارة 360 درجة، وبإمكانها إطلاق 18 صاروخاً تباعاً.
وإنجاز المرحلــة الثانية مــن المنظومة الدفاعية الوطنية )متوســطة المدى( يعتبر خطوة مهمة نحو البدء في تطوير النسخة المنشــودة من المنظومة )بعيدة المدى( التي يمكن أن تؤســس لإيجــاد بديــل حقيقي للمنظومــات الدفاعية الخارجية، لكن هذه المهمة ما زالت بحاجة إلى عدة ســنوات من العمل، على أقل تقدير.
وقبيل أســبوع، ترأس اردوغان اجتماع اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية، في المجمع الرئاســي بالعاصمــة أنقرة. حيث أكدت اللجنة في بيان لهــا عقب الاجتماع، إصرارها على تطوير الأنظمــة والتقنيات المحليــة للمضــي نحو تحقيق الاســتقلال الكامــل في مجــال الصناعــات الدفاعية، مشيرة إلى أن «الصناعات الدفاعية التركية مستهدفة بعقوبات واضحة أو سرية.»