Al-Quds Al-Arabi

اغتيال والد ناشط عراقي مختطف يثير غضباً... والسلطات تعدّ الحادث جنائياً

«أنصار الله» تنأى بنفسها: استهداف سياسي وانتخابي لتصفية الخصوم

- بغداد ـ «القدس العربي»:

تضاربت الأنباء بشــأن الجهات التي تقــف وراء اغتيال حطاب جاســب، والد الناشــط المدني المختطف منذ انطلاق الحــراك الاحتجاجي في العراق، في تشــرين الأول/ أكتوبر 2019 علي جاســب، ففيما عدّت الســلطات العراقية الحادث «جنائيا» نفذّه أحد أقرباء المجنى عليه، تشير أصابع الاتهام إلــى ضلوع فصيل شــيعي مســلّح، منضوي في «الحشــد الشعبي» بمقتل جاسم واختفاء ولده علي.

وأعلنت مديرية شــرطة محافظة ميسان، مساء الأربعاء، مقتــل مواطن بإطلاق نار في إحدى مناطــق مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان الجنوبية.

وقالت في بيــان صحافي، إن «قائد الشــرطة أصدر أمراً بتشــكيل فريق عمل أمني مختص لكشــف الجناة، واتخاذ الإجــراءا­ت الكاملة في حادث مقتل مواطــن بإطلاق نار في إحدى مناطق مدينة العمارة مركز محافظة ميسان».

وأوضحــت المديرية، أن «الحادث جنائي وســببه وجود خلافات عشــائرية ودعــاوى قائمة قبل وقــوع حادث قتل المجنى عليه وأطراف آخرين، وأن القضية قيد التحقيق حتى الوصول إلى مرتكبي الجريمة ومعرفة دوافع الحادثة».

توخي الدقة

وتابعت: «فيمــا قامت قــوة أمنية باعتقال 5 أشــخاص مشتبه بهم على خلفية الحادث، وجاري التحقيق معهم.»

ودعت مديرية شرطة ميسان، حسب البيان، إلى «توخي الدقة في تناقل المعلومات واســتقائه­ا مــن المصادر الموثوقة حفاظاً على حالة الأمن والاســتقر­ار التي تشــهدها ميسان الآمنة بجهود اخوتكم من القوات الأمنية وتعاون المواطنين .»

في المــوازاة، أعلنت وزارة الداخليــة الاتحادية، اعتقال المتهم المتورط باغتيال والد المحامي علي جاسب في محافظة ميسان.

وقال مدير علاقات وإعلام الوزارة اللواء ســعد معن في تدوينة له، إن «مديرية شــرطة محافظة ميســان والمنشآت تعلن عــن إلقاء القبض علــى المتهم المتــورط باغتيال والد المحامي علي جاسب، مساء الأربعاء.

وأضاف: «حيث تم تدوين أقوال المتهم بالاعتراف ابتدائياً وقضائياً، وقد جاءت عملية القبض بجهود متميزة ومتابعة ميدانية مســتمرة من قبل شــرطة محافظة ميسان وبوقت قياسي .»

وفي تطورٍ لاحق، أعلن مجلس القضاء الأعلى الاتحادي، أمــس، المصادقة على اعترافات قاتــل والد المحامي المختطف علي جاسب.

وقــال المجلس فــي بيــان، إن «محكمة تحقيــق العمارة صدقت، اعترافات المتهم بجريمة قتل المجنى عليه )جاســم( والد المحامي المختطف )علي( بعد إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الأمنية في غضون ساعات من وقوع الجريمة».

وأوضــح، أن «المتهــم أفــاد باعترافاتـ­ـه أن المجنى عليه )زوج عمته( كان يتهمــه باختطاف ابنه، ما أدى إلى حدوث خلافات وصلت لتقديم شكوى ضده والتنازل عنها» مبينا أن «الضغوطات التي تعرض لها دفعته الى قتل المجنى عليه».

في مقابل ذلك، اتهم ذوو المحامي المختطف علي جاســب، قائد شــرطة محافظة ميســان بـ«الإفتراء» إثر نشر فيديو تحدث فيه عن اعتقال قاتل والد المحامي المختطف، قائلاً إنه «أحد اقرباء المجني عليه».

وحسب فيديو نُشر على مواقع إخبارية محلّية ومنصات التواصل الاجتماعــ­ي، فإن ذوي المحامــي المختطف )علي( ووالده، الذي اغتيل أول أمس، من قبل مسلحين تقلهم دراجة وسط مدينة العمارة، قالوا: إن «ذنب والد المختطف كان هو المطالبة بالكشف عن مصير ابنه المختطف منذ سنة ونصف».

وطبقــاً للفيديو، فإن أحد اقربــاء المحامي المختطف، ذكر أن «محافظ ميسان وقيادة الشرطة والأمن الوطني وجهات أمنية أخرى على علــم بالجهة التي خطفت )علي( وهي التي قتلت والد )علــي( يوم أمس )الأول)» فيما نفوا ما نشــرته قيادة شــرطة ميســان حول تورط المجني عليه بـ «مشكلة عشائرية».

وأضــاف، أن «والــد المحامي المختطف هو ابــن عمي، ولا توجد لدينا أي مشــكلة عشــائرية، وجميع عشــائر مدينة العمارة تعلم بذلك» كما اتهم قائد شرطة ميسان بـ «الافتراء» حول تحويل حادث الاغتيال إلى مشاكل عشائرية.

وطالب ذوو المجنــي عليه «رئيس الــوزراء بالقدوم إلى محافظــة ميســان والتحقيق مــع الجهــة المتورطة بخطف المحامي واغتيال والده».

ووفقاً لناشطين، فإن المجني عليه ظهر في عددٍ من وسائل الإعلام وهو يتهم «حركة أنصار الله/ الأوفياء» المنضوية في «الحشــد الشــعبي» بالوقوف خلف اختطاف ابنه الناشط المحامي )علي(.

ومع تداول تلك «التدوينات» ســارعت «حركة أنصار الله الأفيــاء» إلى نفيها، نائية بنفســها عن التــورط بـ«جريمة اغتيال أحد المواطنين في ميسان».

وقالت الحركــة في بيان أصدرته أمــس، إن «تصريحات القادة الأمنيين في البلاد بإلقــاء القبض على المتهم المتورط بجريمة الاغتيــال لوالد المحامي )علي جاســب( كافية للرد على التهم الباطلة التي سيقت خلال الساعات المنصرمة ضد الحركة وزعيمها».

ووصفــت الحركة في بيانهــا الاتهامــا­ت الموجهة ضدها أنها «تندرج ضمن إطار الاســتهدا­ف السياسي والانتخابي لتصفية الخصوم قبل موعد الانتخابات المقبلة».

وفــي العاصمة الاتحاديــ­ة بغداد، تظاهر العشــرات في ســاحة التحرير، مســاء أمس، احتجاجا على اغتيال والد الناشط المختطف، وسط إجراءات أمنية مشددة.

وســرعان ما تفاعل الحادث مخلّفاً موجة من ردود الفعل التي تحذّر من استمرار ملاحقة الناشطين وتصفيتهم.

واعتبر ســفير بعثة الاتحاد الأوروبي فــي العراق مارتن هوث، أن الوضع عاد إلى طبيعته بعد مغادرة بابا الفاتيكان، وذلك بعد ســاعات من اغتيــال والد محامــي مختطف في ميسان.

وقال هوث في «تغريدة» على «تويتر» مرفقا صورة لوالد الناشــط المختطف المحامي علي، في مؤشر على عودة العنف والقتل بعد مغادرة البابا، لكنه ســرعان مــا قام بحذّفها من صفحته الشخصية لأسبابٍ لم يُفصح عنها.

كشف المنفذين

فيمــا، طالب زعيم تيار «الحكمة الوطنــي» عمار الحكيم، أمس، الحكومة بالكشف عن الجهات التي تقف خلف حوادث الخطف والتغييب والاغتيال ضد الناشطين وأصحاب الرأي.

وقال، فــي «تغريدة» على «تويتــر» إن «حوادث الخطف والتغييب والاغتيال ضد الناشــطين وأصحــاب الرأي التي لازلنا نشــهدها بين الحين والآخر، فضلا عــن كونها جرائم بشعة ومســتنكرة، فإنها تبعث رسائل مشــوهة عن حرية التعبير عن الرأي وتقف عائقا بوجه الدعوة إلى حوار وطني شــامل». وأضاف الحكيم الذي يتزعم تحالــف «عراقيون» أيضاً، في «تغريدة»: «نطالب الحكومة بالكشف عن الجهات التي تقف خلفها وإنزال أقسى العقوبات بحق مرتكبيها».

وســبق لزعيم التيــار الصدري، مقتدى الصــدر، أن دعا إلى توفير الحماية للنشــطاء والمدنيين، مؤكداً أن سلوكيات الخطف والاغتيال «مرفوضة وممنوعة».

الصدر قــال فــي مداخلة صوتيــة عبر تطبيــق «كلوب هاوس»: «أحببت أن أشــارك في موضوع مســألة إنسانية بحتة، وهي مســألة الخطــف والاغتيالا­ت التــي تجري في عراقنا الحبيب، وما يحدث من صِدام بين الأخوة العراقيين، واستغلال هذه المسألة لأمور انتخابية وسياسية، وكلها أمور مرفوضة لدينا، وممنوعة».

وأضاف: «يجب أن توقف مثل هــذه الأمور فوراً، ويجب على القضاء والحكومة التدخل بصورة قانونية لإنهائها فوراً

ولحماية جميع النشــطاء والمدنيــن، وكل الجهات، وأنصح أن لا يكون هناك خلاف بين الأخوة في تشــرين وبين التيار الصدري، إلا ضمن المنطق والحكمة والموعظة الحسنة، ودون صراعــات غير قانونية إن جاز التعبير يتخللها بعض الأمور مثل الخطف والقتل والكلام البذيء، وهي أمور سيســتغلها العدو، وهو الطرف الثالث الفاســد، لإجــراء وأعمال أخرى

يســتفيد منها من أجــل مغانمــه وانتخاباته وسياســاته الخاطئة التي تذهب بالعراق إلى الهاوية.»

واختطفت «جهات مجهولة» المحامي والناشــط العراقي علي جاسب، في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بعد اندلاع التظاهرات الاحتجاجية فــي العراق حينها، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن.

 ??  ?? صورة انتشرت على وسائل التواصل لحطاب والد الناشط المختطف علي جاسب وهو يحمل ابنه
صورة انتشرت على وسائل التواصل لحطاب والد الناشط المختطف علي جاسب وهو يحمل ابنه

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom