Al-Quds Al-Arabi

نظام السيسي يواصل الاستحواذ على الصحف والقنوات الخاصة

حملة للمطالبة بالإفراج عن الصحافيين المعتقلين في مصر

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

أعــادت انتخابات التجديد النصفــي لمجلس نقابة الصحافيــن المصريين قضية الصحافيين المحبوســن إلى الواجهة مرة أخرى، إذ ارتفعت الأصوات المطالبة بالإفراج عنهم، في وقت واصل نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، سيطرته على الإعلام، من خلال شراء شركات تابعة لأجهزة سيادية، وصحف وقنوات خاصة مملوكة لرجال أعمال.

وأطلقــت «الشــبكة العربيــة لمعلومــات حقــوق الإنســان» أمس الخميــس، حملة لتذكير المرشــحين لعضوية مجلس نقابة الصحافيــن المزمع عقدها يوم 19 مــارس/ آذار الجاري، بـــ 34 صحافيا وصحافية وإعلاميين أغلبهــم محبوس احتياطيا في قضايا رأي، وســجناء تجاوز بعضهم ثماني سنوات، مثل محسن راضي، ومجدي أحمد حســن، وعبد الرحمن شاهين، وبعضهم 6 سنوات مثل الصحافي والباحث إسماعيل الإسكندران­ي.

وقالت في بيــان لإطلاق الحملة: تأتــي انتخابات التجديــد النصفي لمجلس نقابــة الصحافيين المصرية في ظل تعرض العمل الصحافي والصحافيين لهجمات قاســية، وصلت الى اســتهداف حريتهم الشــخصية وبــات الكثيرون منهــم مقيدي الحرية خلف أســوار السجون لا لشيء سوى إصرارهم على أداء عملهم أو التعبير عن آرائهم.

بطالة وهجرة

وتابعت: اضطر العديد من الصحافيين والإعلاميي­ن للرحيل عن مصر هربــا بحريتهم وحماية لأقلامهم من الوقوع فريســة للنفاق أو الســجن، فضلا عن تعرض العديد من الصحافيين للبطالة والحرمان من العمل، في ظل ســيطرة الرأي الواحد والكلمة الواحدة، وتغييب المهنية عقب استحواذ مؤسســات رسمية وأمنية على أغلب وسائل الإعلام والصحف، وسيطرتها على القلة المتبقية من الصحف والإعلام الخاص.

ورأت أن الزخم الــذي يصاحب العملية الانتخابية

إنما يمثل فرصة للتذكير بســجناء الصحافة والإعلام في مصر، وإعــادة قضية حريتهم الــى تحت الضوء حيث مر على حبس بعضهم سنوات كاملة دون تحرك جدي من القائمين على أمر النقابة.

وناشدت كافة المرشحين سواء على مقعد النقيب أو العضوية اعتبار قضية حرية الصحافيين المحبوســن هي أولى اهتماماتهم وأهمها على الإطلاق.

دورة الحرية

في المــوازاة، أطلق الكاتــب الصحافي كارم يحيى، المرشــح لمقعد نقيــب الصحافيين المصريــن، مبادرة للتوقيع لأعضــاء الجمعية العموميــة للنقابة، بهدف تعزيز مشروع تقدم به بشأن الصحافيين المحتجزين، لمناقشته وإقراره خلال انعقادها.

وتضمــن مشــروع يحيى إطــاق تســمية «دورة الحرية لزملائنا وراء الأســوار» على اجتماع الجمعية العموميــة هذا، وتســجيل اعتــراض العمومية على أداء النقيب والمجلس ولجنة الحريات بشــأن أوضاع الزملاء المحتجزين، وتكليفهم بانتهاج سياسة جديدة لمواجهة هذه الظاهرة، وأيضا تكليف النقيب والمجلس القادمين بانتهاج سياســة جديدة جدية لمواجهة هذه الظاهرة، تقــوم على المكاشــفة والعلانية، والاهتمام الإيجابي، وتقديم كافة أشكال الدعم.

وأعرب مشــروع القــرار عن عدم رضــى الجمعية العمومية عــن أداء النقيــب والمجلــس عامة ولجنة الحريات أيضا إزاء ظاهــرة تنامي حبس الصحافيين على نحو غير مسبوق و بمبررات لا تخفي عقابهم على آرائهــم ومواقفهم وانتماءاته­م الفكرية والسياســي­ة وممارســة المهنة ومن بينها تهمة ) نشــر أخبار كاذبة الشــائعة( فضــا عن ترهيــب الجماعــة الصحافية بأسرها.

وحسب مشــروع القرار: لا يجوز ولا يليق أن تظل مواقف نقابتنا أقل قوة ومصارحــة من تلك الصادرة عن هيئات دولية غير حكومية معنية بحرية الصحافة والصحافيين والتعبير، وفي ســياق هذه السياســة الجديدة، نؤكد على ضرورة إنهاء تجميد نشاط لجنة الحريات وإطلاقها كــي تؤدي أدوراها المغيبة من دون قيود.

إلى ذلك، كشفت مصادر عن شراء شركة تابعة لجهة ســيادية جريدة «المصري اليوم» المستقلة التي مثلت أحد أهم الصحف المســتقلة في الســنوات العشرين السابقة.

وحســب المصادر انضمــت «المصري اليــوم» إلى صحف الوطن والدستور وصوت الأمة، واليوم السابع المملوكة لإحدى الشركات التابعة لجهاز المخابرات.

ويرى مراقبون أن إلقــاء القبض على رجل الأعمال صلاح دياب مؤسس جريدة «المصري اليوم» في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي للتحقيق معه في عدة مخالفات بناء، كان محاولــة للضغط عليه لإجبــاره على بيع الجريدة، قبل إخلاء سبيله بعد أيام من احتجازه.

وفوجئ الصحافيون العاملون في «المصري اليوم» أواخر العام الماضــي، بفصل 40 منهم تحت زعم توفير النفقات، في وقت قالت مصــادر إن فصل الصحافيين كان جزءا من شروط إتمام صفقة البيع.

تضييق على الكتّاب

الكاتبة الصحافية مي عزام كتبت على صفحتها على فيســبوك: «تم بيع المصري اليوم لجهة سيادية، ربما هذا البيع يفسر تصرفات إدارة المصري اليوم الحالية تجاه الكتاب الصحافيــن والتضييق عليهم وأنا كنت واحدة منهم .»

وزادت «مبروك على النظــام، كل الصحف ومعظم القنــوات الفضائية تحــت تصرفــه الآن ويمكنه ان يستبعد بكل ســهولة ويســر من يعارضه ويعين من يدعمه، لقد امتلك الجزرة والعصا، لكن للأســف غفل عن شيء بسيط أن الناس لا تصدق إعلام النظام لعدم احترامه حرية التعبير والرأي المختلف، وأن «المصري اليــوم» كانت أكثر فائدة للنظام حين كان مســتقلة أو شــبه مســتقلة، الآن هي مختومة بختم النظام وهذا يفقدها ورقة التوت الأخيرة.»

ولم تكن صفقة المصري اليوم الوحيدة التي شهدتها مصر، فقبل أيــام، أعلن محمد منظــور، عضو مجلس الشــيوخ، ونائب رئيس حزب مســتقبل وطن، إتمام مفاوضات شراء قناة المحور، موضحاً أنه المالك الجديد للقناة الإعلامية العريقة في السوق الإعلامي المصري.

واجهة جديدة

وأضاف منظــور في بيان: «جاء القــرار رغبة في المشــاركة برؤية وآلية جديــدة للتواصل وتحقيق مزيد من النجاحــات لتلك التجربة الإعلامية الرائدة والممتدة على مدار ما يقرب من عشــرين عاما، والتي بنت شــهرتها وســمعتها على الالتزام بقيم الوطنية والدقة والنزاهة».

وتابع: «وستستمر قناة المحور بنفس الاسم بدون تغيير ونأمل بدعم فريق جاد أن تصبح قناة الأســرة العربية قناة شــابة متطورة تمتلك أدوات التواصل الشعبي الجماهيري مع الناس وتكون الأقرب لهم».

وأكمل: «بدأ محمد منظــور بتكليف عمرو الخياط برئاســة القناة وسيتم عقد لقاءات موسعة مع فريق عمل القناة من مقدمي برامج وفرق الإعداد والتحرير بشأن السياســة التحريرية للقناة ورؤيتها لما يمكن أن تقدمه لســوق الإعلام المصــري ومواكبة الرقمنة وتوسعة الجمهور المستهدف ليضم فئات جديدة من المشاهدين».

وزاد: «كما يتم التنسيق للقاءات مع جميع الفنيين والعاملين لطمأنتهــم وتحديد أطر تنظيمية لســير العمل وفقا لأســلوب إدارة يهتــم بمصلحة العاملين وتنمية مهاراتهم واحترام كفاءاتهم وتخصصاتهم».

واختتم البيان: «رؤيتنا هي احترام عقل المشاهد، الدقة في تناول الموضوعات وتلبية الجانب الترفيهي والخدمي وعدم إغفال عناصــر الجذب ولغاته التي تطورت كثيرا في الســنوات الماضية، وسنبقى دائما على يقين احترام الجميع وكل من يعمل لأجل مصر».

وتؤكد مصــادر أن منظور ما هو إلا واجهة جديدة لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأنه لا يملك سوى 50 ٪ من أسهم القناة، بينما جاءت باقي الأسهم لشركة مجهولة الاسم.

وبدأت محاولات ســيطرة نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيســي عــام 2016 عندمــا باع رجل الأعمال المصري الشــهير نجيب ســاويرس شــبكة قنوات «أون تي في» لشــركة «إعلام المصريين» التي كان يملكهــا حينئذ رجل الأعمال أحمد أبو هشــيمة، والتي انتقلت بدورها إلى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التابعة لأجهزة الدولة السيادية.

وفي العام التالي، باع رجل الأعمال السيد البدوي شبكة قنوات «الحياة» الشهيرة إلى شركة «تواصل» التابعة لشــركة «فالكــون» والتي باعتهــا بدورها لشركة «إعلام المصريين» في منتصف عام 2018 ومنذ ذلك الحين تراجعت أهميــة القناة التي كانت يوما ما في مقدمة القنوات الخاصة بمصر.

يذكر أن السيد البدوي هو أحد كبار رجال الأعمال فــي مصر، حيث يمتلك مجموعة شــركات «ســيغما للأدوية» التي يمتد نشاطها إلى خارج البلاد، ويتركز نشــاطه في صناعة الدواء، كما أنه انخرط في مجال السياســة وترأس حزب الوفد، أحــد أقدم الأحزاب الليبرالية في مصر، قبل أن يخســر رئاســة الحزب الذي بات تحت ســيطرة موالين للرئيس عبد الفتاح السيسي.

في سبتمبر/أيلول 2018 استحوذت شركة «إعلام المصريين» ذاتها على شركة «المستقبل» المالكة لشبكة قنوات «سي بي ســي « التابعة لرجل الأعمال محمد الأمين الذي أسس شبكة من القنوات الناجحة، أتبعها بالاستحواذ على مجموعة قنوات النهار ومودرن.

وفــي العــام ذاته باع البرلماني الأســبق ســعيد حســانين قناة «العاصمة» المثيرة للجدل إلى شركة «فالكون» والتي ترأسها المتحدث العسكري السابق العميد محمد ســمير، بعد مغادرته منصبه مطلع عام 2017 قبل أن تغلق في وقت لاحق.

وكانــت منظمة «مراســلون بلا حــدود» ومقرها باريس، قد أبدت، في وقت ســابق، قلقها من سيطرة أجهزة المخابرات على عدد من المؤسســات الإعلامية المصريــة، وذلك في تقريــر بعنوان «مصــر: حينما تبسط المخابرات ســيطرتها على الإعلام» قالت فيه إن رجال المخابرات أقرب إلى وســائل الإعلام من أي وقت مضى.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom