Al-Quds Al-Arabi

بعيداً عن «مع نتنياهو أم ضده»: ماذا لو كان توزيع الكتل الانتخابية في إسرائيل ضمن معادلة «التسوية مع الفلسطينيي­ن»؟

- سيفر بلوتسكر وفي الطرف اليســاري – وللدقة في الطــرف القومي العربي- توجد

■ لقد درجوا على توزيع الأحزاب المتنافســ­ة في الانتخابات القريبة القادمة وفقاً لمفتــاح نعم بيبي أو لا بيبي، وللدقة وفقاً لمدى اســتعداده­ا المحتمل للانضمام إلى ائتلاف برئاسة نتنياهو. هذا توزيع معقول ولكنه ليس الوحيد الممكن. فاستخدام معايير فكرية، ولا سيما من حيث الموقف من النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، يؤدي إلى توزيع مختلف للكتل.

الكتلة الأولى هي الوسط السياســي، جملة من الأحزاب التي لا تؤيد )أو كفت عن التأييد( فكرة بلاد إسرائيل الكاملة، واتخذت بدلاً منها مفهوم «دولتين للشعبين» مهما كانت حدودهما. وينتمي إلى هذه الكتلة: «يوجد مســتقبل» و»أزرق أبيض» وكذا الليكود. نعم، الليكود أيضاً أزاح نفسه، تحت قيادة نتنياهو، عميقاً إلى داخل الوسط، حين تخلى عن الضم مقابل اتفاقات ســام مع دول عربية بعيدة ليست طرفاً في المسألة الفلسطينية والدولة الفلســطين­ية. وينتمي إلى كتلة الوســط «شــاس» أيضاً، طالما يقوده أريه درعي، وكذا أحزاب أصولية لا تشــارك فكر سموتريتش وبن غبير وأمثالهما.

على اليمين من هذه الكتلة الوســط، والتي تعد وفقاً للاســتطلا­عات الجارية 66 نائبــاً على الأقل، توجد أحزاب ترفــض مطلقاً فكرة «دولتين للشعبين» وهي: «أمل جديد» و»يمينا» و»إســرائيل بيتنا» والصهيونية الدينية. ويبلغ عدد هذه الكتلة، مرة أخرى حسب الاستطلاعا­ت، نحو 37 نائباً. أقلية كبيرة، ولكنها أقلية.

وعلى يســار كتلة الوسط حزبا اليســار الصهيوني اللذان يتقاسمان فيمــا بينهما نحو 10 مقاعد في يوم اســتطلاع جميــل. ولهذين الحزبين قواسم مشتركة مع الوســط: الاعتراف بالحقوق الوطنية للفلسطينيي­ن )التي عرفهــا وقررها مناحم بيغن، رئيــس حيروت/الليكود، منذ أعوام 1978 – 1979 في اتفاقات كامب ديفيد( واســتعداد مشترك لحل وسط في صيغة «الأرض مقابل السلام» حتى لو كان المقابل الجغرافي الذي يبديان الاستعداد لدفعه أوسع بكثير من أحزاب كتلة الوسط. وبخلاف الوسط، يستخدم اليسار اصطلاحات مثل «احتلال» و»مناطق». القائمة المشتركة المنقسمة وحزب القائمة الإسلامية الذي انشق عنها.

هل يمكن لهــذا التوزيع أن يشــكل مفتاحاً لإقامة الحكومــة القادمة، أو التالية لهــا؟ يحتمل. دون أن نتنبأ بالمجهول المتوقع هذه الســنة، ثمة مجــال للتقدير بــأن الموضوع المنســي والمكبوت المتعلق بالتســوية مع الفلســطين­يين ســيعود إلى مكانه العالي في جدول الأعمال الإسرائيلي، إلى جانــب مواضيع اجتماعية – ديمغرافية أصبحــت إخفاقاً اقتصادياً: الفقر المتواصل في أوساط السكان العرب والحريديم، ومعدلات التشغيل المتدنية في أوســاطهما. وهنا يبدو القرب بين الوسط واليسار أوضح من القرب بينه وبين اليمين.

إن التقديــر بشــأن عودة مســألة المناطق والفلســطي­نيين يســتند إلــى تغييرات لــدى إدارة الولايــات المتحدة، وإلى انتخابات الســلطة الفلســطين­ية، الكفيلة بأن تؤدي إلى انتهاء حياة سياســية طويلة لأبو مازن العجوز، وإلى الضغط الذي ستمارسه الدول العربية المعتدلة على القيادة الفلســطين­ية الجديدة للشــروع في حوار جدي مع إسرائيل. من يوم إلى يوم يتعاظم نفورها من رفض السلطة الفلسطينية في تشكيلتها الحالية. من غير المســتبعد أن يقــع تغير غير مرتقب آخــر: انهيار نظام حماس في قطاع غــزة. فقد كادت تنتهي قدرته علــى توفير الاحتياجات الأساسية للسكان هناك، ومن نواحٍ عديدة فإنه يعيش على زمن مستقطع وعلى أموال الضرائب التي يدفعها الســكان العرب الذين يســكنون في أراضيها للسلطة الفلسطينية.

ليس هناك يقين في أن هذا ما سيحصل بالفعل؛ ومع ذلك، أسمح لنفسي أن افترض بأن المســألة المصيرية التي ســيقف أمامها الليكود، و»يوجد مســتقبل» و»أزرق أبيض» و»والعمل» قريباً لن تكون ضمن معادلة «هل أعطي يداً لبيبي» بل «هل أمد يداً للجهود والتقدم نحو تســوية حل وسط مع الشعب الفلسطيني؟».

إضافة إلى ذلك، هل تتبلور سياســة اقتصادية تكون أولوياتها إنقاذ الوســط العربي والحريدي من خلال التشــغيل المتزايد وإنتاجية العمل المرتفعة؟ ليس كل شيء «بيبي»؛ فلنا دولة ولنعش فيها بسلام مع أنفسنا وجيراننا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom