Al-Quds Al-Arabi

مع رسالة إلى «فتح»: السنوار رئيساً للحركة في غزة ثانية... وحماس «على استعداد» للانتخابات الفلسطينية العامة

- تسفي برئيل

بعــد تهنئة رئيس المكتب السياســي لحماس إســماعيل هنية، ليحيى الســنوار الذي انتخب أمس مرة أخرى رئيساً لحماس في قطاع غزة، تطرق هنية إلى الرســالة التي تنقلها الانتخابات : «هي تعكس مكانة حماس في الخارطة السياسية الفلسطينية كشــريكة في قيادة المشروع الوطني؛ وتدل على أنها انتخابات جرت بإشــراف جهات قانونية حقيقية وغير وهمية؛ وأن إجراءها كل أربع سنوات يدل على الثقة العميقة بمبدأ تبديل الحكم الذي يثبت جدية المنظمة تجاه الانتخابات القادمــة للمجلس التشــريعي والرئاســة والمجلس الوطني الفلســطين­ي. قرار حماس هو العمل مع كل الشــعب من أجل نجاح هذه الانتخابات .»

بكلمــات أخرى، حمــاس جاهزة ومســتعدة لانتخابات المجلس التشــريعي الفلســطين­ي، التي ســتجري في أيار، ولانتخابات الرئاســة التي من المخطط إجراؤها في تموز، مع قيادة منتخبة ومتفق عليها. أقواله هذه لا تطمس اللدغة التي أرســلها هنية إلى محمود عباس وحركة فتح، الذين لا تجري لديهــم انتخابات. ففترة ولاية عبــاس القانونية انتهت قبل سنوات، وقرارات «فتح» السياسية تتم بالإجماع وتعبر عما يريده عباس. هذا مقابل التسلســل القيادي في حماس، التي تلتزم ولو على الورق بإجراء المشاورات مع مجلس الشورى وإجراء انتخابات بين مرشحين واحترام نتائجها.

طريقــة الانتخابات وعملية اتخاذ القــرارات في حماس تســتند إلى بنية هرمية تختلف كلياً عــن حركة فتح. المكتب السياســي الــذي يضــم 9 – 13 عضــواً هو الجســم الأكثر أهمية باتخــاذ القرارات الاســترات­يجية، ويمثل حماس أمام التنظيمات والدول التي لديها فيها ممثليات مثل إيران وقطر والســودان ولبنان واليمن والجزائر وتونس. ولكن حماس تحصل على مصادقة على قراراتها من مجلس الشــورى الذي يضم حوالي 70 – 90 عضواً، وفيه مجلس شورى مصغر يضم نحو 25 عضواً، الذي يشبه «الكابنت».

أعضاء مجلس الشــورى يتم انتخابهم من نشــطاء في القطاع والضفة والســجون والخــارج. ولكن عرض حماس كمنظمة ديمقراطية تقــدس الانتخابات ومســتعدة لتبديل القيــادة فــي صفوفها، لا تقنع حتى النشــطاء فيهــا. تبادل للســلطة غير موجود هنا. أمس، كان متوقعاً حدوث انقلاب بعد أن أظهرت تقارير أولية عن نتائج الجولة الثالثة بأن نزار عوض الله، رجل جيل المؤسســن لحماس، قد فاز بالمنصب، لكــن عندها تبين أن لا أحد من المرشــحين حصل على أكثر من 50 في المئة من الأصوات، وأن هنــاك حاجة إلى إجراء جولة رابعة، حافظت فيها حماس على التقاليد وســمحت للسنوار بولاية ثانية.

حسب مصادر في حماس، لم تكن هناك مفاجأة كبيرة. لأنه في الجولات الأولى من الانتخابات التي جرت في الأســابيع الأخيرة تم الاتفاق علــى أن من يتولون المناصب الحالية مثل الســنوار وصالح العاروري، المسؤول عن حماس في الضفة، ســيواصلون تولي مناصبهــم. ولكن تذبــذب الأصوات بين عوض الله والسنوار يعدّ رسالة مهمة للسنوار، الذي تعرض في الســنة الماضية إلى انتقاد شــديد، عام وقيادي، ســواء بســبب الطريقة التــي أدار فيها أزمة كورونا فــي القطاع أو

رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار

لإخفاقه في التوصل إلى اتفاق لتبادل الأســرى مع إسرائيل، حيث يؤدي إلى إطلاق سراح مئات الأسرى من حماس مقابل إعادة جثامين الجنود الإسرائيلي­ين والأسرى الإسرائيلي­ين.

في المقابل، يحظى السنوار بدعم أعضاء الذراع العسكري في حماس الذين حذروا أن عدم انتخابه سيؤدي إلى مواجهة مــع القيادة وإلــى انتقاد شــديد من قبل الجيل الشــاب في حماس. الخلافات لن تبقى هذه المرة وراء الكواليس؛ فمصدر كبير في حماس، يحيى موســى، نشر في صفحته «فيسبوك» انتقاداً بأن «الانتخابات تعوزها الشــفافية وطهارة اليدين، لأنها لا تستند إلى مبدأ المساواة ومنح فرص متساوية لجميع الأعضــاء». وهو انتقاد علني يســمع في بعــض الأحيان، لا سيما مع حرص حماس على العملية الانتخابية بسرية كاملة. هكذا مثلاً يتم إجراء انتخابات مجلس الشــورى الذي بيده صلاحية رسم سياسة حماس، دون نشر نتائجها.

القصد هــو أن انتخابات من يتولــون المناصب القيادية تتم بســرية إلى أن تنتهي كليــاً. وأن نشــر النتائج قبل أن يتضح الفائز نهائياً يشــكل انحرافاً عــن المألوف، ويدل على طبيعة الخلافات داخل حماس، التــي تحاول إظهار الوحدة والتجانس، والطاعة. في المرحلة القادمة، يتوقع أن يتنافس إســماعيل هنية وخالد مشــعل على منصب رئيــس المكتب السياســي، رغم عدم توقــع أي تغيير. سيســتمر هنية في منصبه، في حين يتوقع أن تُعين الشــخصية القيادية الكبيرة في حماس، خالد مشــعل، في منصب المسؤول عن حماس في الخارج.

القيادة الجديدة – القديمة معروفة لدى إسرائيل ومقبولة لدى مصر، فقد أجرت إسرائيل وتجري مع السنوار حواراً غير مباشــر بوساطة مصر، وســمحت لقطر بأن تحول له ملايين الدولارات شــهرياً، وبدأت بتطبيق بنــود التهدئة التي اتفق عليها معه ومع مصر. هذا رغم ادعاء حماس بأن إســرائيل لم تنفذ كل التزاماتها. ومن المتوقع أن تستضيف مصر في 17 آذار القادم مندوبي حماس وفتح ورؤســاء الفصائل الأخرى في منتدى الحوار الوطني الذي بدأ في شــباط، كي تناقش معهم ترتيبات الانتخابات العامة وطريقة تمثيل الفلســطين­يين في المناطق وفي الخارج وتطبيق اتفاقات المصالحة بين الطرفين.

كبادرة حســن نية، اســتأنفت مصر نشــاط معبر رفح ورفعت قيوداً كثيــرة أعاقت الانتقال مــن القطاع إلى مصر. للقاهرة علاقات وثيقة مع الســنوار وهنيــة، رغم الخلافات معهما من الســنة الماضية، بسبب تعزيز العلاقات بين حماس وإيــران وتركيا. تحــاول مصر إقناع الســعودية والإمارات بتغيير مواقفهما من حماس، وتســاعدا القطــاع مالياً لإلغاء احتكار المساعدة القطرية.

ســتأتي حماس إلى المحادثات في مصر مع قيادة شرعية وبرنامج عمــل منظم مقابل «فتح» التي تعاني من الانقســام وغياب الاتفــاق على طريقة الانتخابات، ومن عدم يقين مقلق بالنسبة لتأييد الجمهور، لا سيما بعد إخفاقات إدارة كورونا، وفشل ذريع في عملية دفع مستحقات الضرائب، وتراجع عن قرار عدم تطبيق التنســيق الأمني مع إســرائيل، وصدع مع الولايات المتحدة الذي يمكنه الآن أن يتعافى قليلاً عندما دخل بايدن إلى البيت الأبيض.

إذا مــا أجريــت الانتخابات في الموعد المقــرر لها قد تقف إســرائيل مرة أخرى في وضع يشــبه الوضع الذي كان في 2006 عندمــا فــازت حماس فوزاً ســاحقاً فــي الانتخابات. ولكن ســيكون هناك في هذه المرة مجلس تشريعي وحكومة فلســطينية مشــكلة من فتح وحماس وتنظيمات أخرى، وقد تعتــرف والإدارة الأمريكية بهذه الحكومــة إلى جانب تأييد دولي سيأخذ من إسرائيل القدرة على تطبيق سياسة الفصل بين غزة والضفة وبين حماس وفتح مثلما فعلت حتى الآن.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom