Al-Quds Al-Arabi

رحلة نتنياهو «المنحوسة» إلى الإمارات!

-

■ تأجلــت رحلة رئيس الوزراء الإســرائي­لي إلى الإمارات العربية المتحدة للمرة الرابعة، وكان السبب هذه المرّة، حسب بنيامــن نتنياهو نفســه، هو أن ســلطات الأردن تأخرت في منــح طائرته الإذن بدخول أجواء المملكة، وحســب التغريدة التي نشرها فإنه «بسبب التأخير في تلقي هذا الإعلان، اتفق رئيس الــوزراء نتنياهو وولي عهد الإمارات صاحب الســمو الشيخ محمد بن زايد على تنسيق موعد آخر للزيارة.»

تناظرت هــذه الحادثة مع إعــان عمّان إلغــاء وليّ العهد الأردني، الحســن بــن عبد اللــه الثاني، زيارته إلى المســجد الأقصــى، وذلــك بعد خلافات مع إســرائيل التي شاكســت الأميــر عند معبــر الكرامــة بالقــول إن «عدد مرافقيــه كبير» رغــم أن الزيارة متفق عليها بين عمّان وتــل أبيب، والمقصود من ذلك كان جعــل الزيارة تحت حمايتها، وهي خطوة أمنية فــي ظاهرها وسياســية في جوهرها، لأنهــا تتقصّد تجاهل العلاقة الأردنية الخاصة بالأقصى والمقدّســات الإســامية فــي مدينــة القدس وغيرهــا، وتنتقــص بالتالي من ســيادة الأردن.

تحدّثــت بعض الصحف الإســرائي­لية عن أســباب أخرى للإلغــاء الجديد لزيارة نتنياهو إلى أبو ظبي، لكنّ هذا لا يغيّر من أن ما حصل هو مظهــر لتجدّد الخلافات طويلة الأمد بين الأردن وإســرائيل، ويبدو أن منع الأمير الحسين من الدخول كان ردا على اســتقبال الملك الأردني عبد الله الثاني، بشــكل ســرّي في عمــان، وزيــر الدفاع الإســرائي­لي بينــي غانتس، الخصم اللدود لنتنياهو في الانتخابات الإســرائي­لية، والتي صــرّح غانتس بعدهــا أن «نتنياهو شــخصية غيــر مرغوب بهــا فــي الأردن» وأن «العلاقــات كان مــن الممكــن أن تكون أفضــل ألف مرة لولا نتنياهو» كما أن غابي أشــكنازي، وزير الخارجية الإسرائيلي المعارض لنتنياهو، قابل بدوره نظيره الأردني أيمن الصفدي مرتين في الأشهر الأخيرة.

يتعلّــق جذر الأزمــة بالطبــع بمواقف اليمين الإســرائي­لي المتطــرّف الــذي يمثّلــه نتنياهــو، والــذي تلقى «شــيكا على بيــاض» خــال حقبــة الرئيــس الأمريكــي الســابق دونالد ترامــب مما أدى إلى صعــود كبير لأســهمه الإقليمية عبر ما ســمّي بـ«صفقة القرن» مما أســفر عن صفقــات تطبيع فعلا مع أبوظبي والمنامة والخرطــوم والرباط، وتزامن الوصول إلــى هــذه الاتفاقــا­ت مــع ضغــوط كبيــرة علــى القيادتــن الأردنيــة والفلســطي­نية، وعلــى تراجع كبير فــي طروحات «حل الدولتين» وعلى مسّ بالوصاية الهاشــمية على الأغوار والمقدّســات الإســامية فــي الضفــة الغربية، عبــر الإعلان عن القــدس عاصمة لإســرائيل، وإعلان نتنياهــو خطة ضم لأراض فلسطينية في الضفة الغربية وغور الأردن، وكان من ضمن هذه الضغوط محاولات نقل الوصاية على المقدســات الإسلامية الفلسطينية إلى الرياض.

دفعت هذه التطوّرات الخطيرة الملــك الأردني للتلويح في مقابلة مع مجلة «دير شــبيغل» الألمانية إلى «صدام محتمل» مع إســرائيل إذا ما أقدمت على ضم أراض فلسطينية، وإلى التحذيــر مــن «مزيــد مــن الفوضى والتطــرف فــي المنطقة» وأخيــرا إلى التهديد المبطّــن بتعليق العمل بمعاهدة الســام مع إســرائيل لأن «قانون القوة لا يجب أن يطبق في الشــرق الأوسط .»

يتجاوز الأمــر إذن موضوع رحلة نتنياهــو إلى الإمارات، ويرتبط بمجمــل الحقبة التي قــام نتنياهو على تأسيســها، وهنــاك عوامــل عديدة تشــير إلــى أن هذه الحقبــة يمكن أن تنتهــي، كمــا انتهــت حقبــة ترامــب، أو يمكــن أن «تتأجل» مفاعيلها، كما تأجلت الرحلة «المنحوســة» إلى أن يقضي الله أمرا مفعولا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom