Al-Quds Al-Arabi

الأزمة ما زالت

-

مخططاتها التي تســتهدف فرض أمر واقع يصعب تغييره. وباستثناء الرد على وزيري الخارجية المصري والسوداني بشأن التفاوض بحســن نية، فإن مواقف أديس أبابا كلها تثير القلق والتوجس، وآخرها رفض الوســاطة الرباعية التي اقترحتها مصر والسودان، مؤكدة تمسكها بالوساطة الافريقية، وهي الوســاطة التي كان لهــا الفضل في إتاحة المزيد من الوقت لإثيوبيا للمماطلة.

بينمــا انكمش الاقتصاد العالمي بمــا يزيد على 4% خلال العام الماضي، فإن اقتصادنا كما أوضح زياد بهاء الدين في "المصري اليوم" شهد نموا بنسبة تُقدر بحوالي 3.5%، الأمر الذي أثــر إيجابيا على العديد من المؤشــرات الاقتصادية، وأهمهــا نــزول البطالة إلــى حوالي 7%، بعــد أن كانت قد ارتفعت إلــى 10% في أعقاب الإجــراءا­ت الاحترازية. ومع أن عدة قطاعات اقتصادية عانت معاناة شــديدة من صدمة الوبــاء – ولا تزال - وعلى رأســها الســياحة والخدمات الترفيهيــ­ة والصناعــا­ت التصديريــ­ة، فإن غيرهــا تأقلم بســرعة، كما حــدث مع أنشــطة الاتصــالا­ت والمدفوعات الإلكتروني­ة والإنتاج الغذائي واللوجســت­يات وغيرها. مع هذا، ورغم الأداء الاقتصادي الكلي الجيد نســبيا، شــهدنا ارتفاعات جديدة للديــن الخارجي والداخلي معا، وتراجع دخول العاملين في الأنشــطة الســياحية والترفيهية وغير الرســمية، وتراجع الصــادرات البتروليــ­ة، بالإضافة إلى الصعوبــات البالغة التــي واجهت القطاعــات الإنتاجية، خاصــة القطاع الصناعــي، في العمل بكفــاءة، وفي النمو والتصديــر. كذلــك، وبعيدا عــن المؤشــرات الاقتصادية الرسمية، فإن الواقع الذي تعايش معه المواطنون، كان ولا يزال شــديد الصعوبة، خاصة مع التوقف الفعلى للتعليم، واضطرار الأمهــات العاملات إلى المكوث إلى جانب أبنائهن وبناتهن فــي المنازل، وزيادة الأعباء والرســوم الحكومية على الخدمات والمعاملات، والقلق المســتمر لدى الجميع من الأوضاع الصحية والاقتصادي­ة. مرّ العام الأول من كورونا بمشــقة بالغة.. فماذا عن العام المقبل؟ الأزمة لا تزال قائمة، والتحديــا­ت لا تزال كبيرة، لا نزال نخــوض معركة موجة كورونا الثانية، التي قد تعطل انتظام النشــاط الاقتصادي لبضعة أشهر مقبلة، ولا تزال السياحة والخدمات الترفيهية بعيــدة تماما عن مســتويات مــا قبل الوبــاء )المتواضعة أصــلًا( ولا يزال الإنتاج الصناعــي ضعيفا، والتصدير غير كافٍ، والاســتثم­ار الخاص الجديد شــبه منعدم، والعوائد الضريبية أقل مما نحتاجه للإنفاق على احتياجات التنمية، والركود العالمي يعطل فرص الاستثمار والتصدير. ما سبق ليس للتشــاؤم أو تثبيط الهمم، بالعكس فقد مرَّ علينا عام عصيب كان يمكــن أن تكون محصلته أســوأ بكثير، وإنما أحذر من الإفراط في التفاؤل، ومن الإسراع في التأكيد على أننــا تجاوزنا المحنة ومن تجاهل آثــار الوباء طويلة المدى محليا ودوليا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom