Al-Quds Al-Arabi

الدبلوماسي­ة لا تكفي

-

الضغوط الدبلوماسـ­ـية على المدى المنظــور يراها عبد الله السناوي في "الشــروق" غير مضمونة النتائج بذاتها. للأســباب التاليــة: هناك أولا، رئاســة جديــدة للاتحاد الافريقــي، الكونغو الديمقراطي­ة، إحدى دول حوض النيل، لديها عنايتها الخاصة بالملــف ومصلحتها في التوصل إلى اتفاق قانونــي ملزم، لكنها مقيدة بحدود التفويض الممنوح لها، وحســابات مصالحها داخل القارة. هناك ثانيا، إدارة أمريكية جديــدة تلزمها مصالحها واســتراتي­جياتها بمنع نشــوب حرب جديدة بالقرب من البحر الأحمر، بين حلفاء مفترضين لها، لكن جدول أعمالهــا مزدحم، بدون أن يكون من بينه حتى إشــعار آخر أزمــة مياه النيل. هنــاك ثالثا، الاتحاد الأوروبــي الذي يترقــب ملفات أكثــر إلحاحا في الشرق الأوســط مثل أزمة الاتفاق النووي الإيراني، وعينه على ما قــد يتبعه الحليــف الأمريكي. هنــاك رابعا، الأمم المتحدة باعتبارها مظلة أوســع تضفى شرعية دولية على ما يتم التوصل إليه من اتفاقات، وقد جرت جلســة لمجلس الأمن بطلب مــن مصر، أحالت الملف إلــى الاتحاد الافريقي الذي لم يتوصل إلى أي شــيء رغم طول المفاوضات، التي تعود إلى المربع الأول مرة بعد أخرى. إذا لم يكن هناك عمل شعبي ودبلوماسي مصري ســوداني مشترك يطرح الأزمة على العالم، فإن مســتوى الاهتمام الدولي لن يرقى في أي حســاب إلى مســتوى الضغوط التي تنتج أثرا يعتد به. ما يغير المعادلات قــوة الحقائق على الأرض، التي كان أبرزها فــي الأيام الأخيرة مســتوى التقارب المصري الســوداني في ملف الســد الإثيوبي وغيره من الملفات، التي تدخل في شــواغل البلدين. لم تكن أزمة الســد من استدعت وحدها التفاهمات والاتصــال­ات. كلا البلدان يحتــاج أحدهما إلى الآخر وجوديا واســتراتي­جيا، وكلاهما مشــدود إلى الآخر جغرافيــا وتاريخيا. هذه حقيقة لا نلتفت إليها كثيرا وندفع أثمانها دائما. هكذا وجد الســودان نفسه متطلعا إلى مصر، نصفه الآخر، باشتداد أزماته الحدودية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom