Al-Quds Al-Arabi

النظام العسكري حنين أسطوري حقائق تاريخية

-

بلد عريق

مقــال تصحيحي وتوضيحي لبعض المغالطــا­ت التي يصر عليها حكام الجزائر، باختصار شديد كل الدول المغاربية قاومت الاستعمار الفرنســي بضراوة، المغرب وتونس انتزعتا استقلالهما بالتضحية بالرجال والمال والعتاد، وبعد ذلك ســاعدتا أشــقاءهم الجزائريين الذين طال اســتعماره­م )132 ســنة ( فأقل شــيء يمكن أن يتحدث عنه حكام الجزائر هو الاعتــراف بالجميل وبأخوة تونس والمغرب بــدل محاولة الحط من قيمة بلد عريــق ومتحضر وراق مثل تونس الخضراء.

حاكم طنجة

هناك الموقع الجغرافي ووقائع تاريخية تجعل أوروبا تحسب ألف حساب للمملكة المغربية.

فــا يفصلها عن إســبانيا إلا 13 كلم، ومنها انطلــق حاكم طنجة طارق بن زياد ســنة 92 هجرية لفتح الأندلــس، ومنها كانت تنطلق الجيوش المغاربية للدفاع عن المســلمين في الأندلس، والتي خاضت معارك شهيرة، مثل معركتي الزلاقة والأرك.

والدليل على كون المغرب الأقصى هو العمود الفقري للإمبراطور­ية المغاربية التاريخيــ­ة هو الصومعات الثــاث )الكتبيين في مراكش وحسان في الرباط والخرالدة في إشبيلية(.

والدليل حاليا على انزعــاج أوروبا من المغرب هو معارضة ألمانيا للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

)يواصل الفرنســيو­ن في التلاعــب بالملف الصحــراوي، الذي يؤجج الخلاف الجزائري المغربي( المشكل في أنظمتنا المغاربية أنها في طريقها نحو الديمقراطي­ة تغتــال الديمقراطي­ة، وخاصة النظام العســكري الجزائري الذي يفرض هيمنته على تونس وموريتانيا وليبيا في الاعتبار الأول، ولا شــيء يمنعه مــن الاعتراف بمغربية الصحراء التي هي حقيقة تاريخية.

فرنســا تعرف جيدا أن كل الذين يحكمــون أقطار المغرب العربي اليوم هــم أعوانها، وهم متهافتون متزاحمــون على خدمتها بحنين أســطوري. ولذلك فهي ليس فقط غير مضطرة للاعتراف بجرائمها الفظيعة خلال مرحلة الاحتلال المباشــر، وإنما ماضية ومستمرة في تنفيذ مخططاتها الخاصة.

ميزان القوى

ســينقلب ميزان القوى بين فرنســا ومســتعمرا­تها ومحمياتها الســابقة في شــمال إفريقيا، يوم يقف المواطنون الفرنســيو­ن في طوابيــر، أمام ســفارات وقنصليات الــدول المغاربية في فرنســا، للحصول على فيزا تسمح لهم بالسفر إلى البلدان المذكورة بحثا عن

شغل، أو قصد متابعة الدراسة أو إجراء فحوصات طبية.

القول، اليوم، أن فرنسا تحسب ألف حساب لهذا البلد المغاربي أو ذاك، هو كلام يكذبه الواقع.

أحمد حنفي- إسبانيا

الشعوب المقهورة

لن تحســب فرنسا ألف حســاب، ســواء لبلدان المغرب العربي أو الجغرافيــ­ا العربية مجتمعة، حتى يبدأوا بالاســتقل­ال الحقيقي، والتصالــح مع شــعوبهم المقهــورة، وامتــاك القرار السياســي والاستقامة والنزاهة والوطنية الحقة والقطع مع الاستبداد والقمع والفساد والإفساد، وبناء هياكل الدولة على أسس سليمة واستقلال العدالة ونزاهتها وتفعيل القانون وتطبيقه على الجميع، وغيرها من الأسباب والشــروط التي تجعل الآخرين يحسبون لنا ألف حساب أو أكثر، أما غـــير ذلك فـــهم سيـتعاملون معـــنا بإعتبارنا أتبـاعا وخـدما.

متى يحســب الفرنســيو­ن لدول المغرب ألف حساب؟ لم يحصل اليوم ولن يحصل غدا، ولن يدور في أذهان المغاربيين، كثروا أو قلوا، مثل هذا السؤال، حول الوقت الذي سيستغرقه الانقلاب في موازين القوى بين فرنسا ومستعمراته­ا الســابقة في الشمال الإفريقي، لأن العوامل التي ســتعجل بتحقيــق ذلك غير متوفــرة، ولأن أضغاث الأحلام مجرد كوابيس، والفرنسيون، أو غيرهم لن يحسبوا، لدول المغرب، أو غيرهم ، أي حساب مادامت هذه لم تغير ما بأنفسـها .

هناك حقائق تاريخيــة لا تحتاج إلى براهــن، لأن كتب التاريخ لمؤرخين أجانب، ومنهم فرنســيون، يقرون ويـــعترفو­ن بها، رغم أنـــف من يحاولون ، دون جــدوى، تغطية الشــمس بالغربال أو الإتيـــان بهـــا من الغرب، لأن هذا مضاد لنواميــس الطبيعة، كما تحريف الحقائق عن سياقها لا ولن يخـدم «دول المغـرب» ولا يقـرب بين «المغاربيـي­ن».

الهروب إلى الأمام

لا بأس أن نســاير الرئيــس الجزائري في تصريحه أن فرنســا لهــا تقدير خاص جدا للجزائر وأنها لا تعيــر أدنى اهتمام للمحمية. ولنعتبر أنه يقصد بهذه الأخيرة المملكة المغربية العدو الكلاسيكي.

لا بــأس من هذا كله، فكثيــر من هذه التصريحــا­ت للترويح عن النفس والهروب إلى الأمام، ما دامت البلاد تعيش غليانا سياســيا محموما بسبب تواصل الحراك الشــعبي في الأسابيع الأخيرة، وما يؤججه من غليان الأســعار ونقص المواد الغذائية، خاصة الحليب والسميد والمعجنات والزيوت وأزمة الســيولة النقدية، وتداعيات وبــاء الكوفيد 19 على الاقتصاد، وإغلاق كثير من المعامل، مما يؤدي إلى البطالة، وأيضا عجز الدولة عن اقتناء اللقاحات.

لا بأس من تفهم هــذا التصريح الذي ينضــاف إلى التصريحات الأخرى، حول أحســن منظومة صحية في القارة، والتصريح حول مصنع اللقاح الروســي في الجزائر الذي ســيمد البلدان الشــقيقة بالجرعات للتصدي للوباء.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom