Al-Quds Al-Arabi

حمدوك يدعو من القاهرة لبحث قضية حلايب وشلاتين

حث على الحديث في القضايا المسكوت عنها بين البلدين

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

عاد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى بلاده، أمس الجمعة، بعد زيارة اســتمرت يومين إلى القاهــرة، طالب خلالها بضرورة الحديث عن المسكوت عنه في العلاقات بين البلدين.

3 قضايا رئيسية تناولها حمدوك خلال لقائه بخبراء أكاديميين وباحثين في نــدوة نظمها مركز الأهرام للدراســات السياســية والاستراتي­جية في العاصمة المصرية القاهرة، على هامش زيارته التي التقى فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيســي، وســيطر عليها ملف مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.

القضايا الرئيســية التي حملت عنوان «المســكوت عنه» طبقا لتوصيف حمــدوك، تضمنت قضية الخلاف حــول مثلث حلايب وشلاتين، والصورة النمطية لدى الشعبين عن بعضهما والتصور المشترك للتاريخ. وقال: إن «أول أمر يتعلق بالصورة النمطية لدى الشــعبين عن بعضهما البعض والنظرة العنصرية من قبل بعض المصريين للسودانيين».

وأضاف أنــه «يزور مصر بصفة دائمة ومســتمرة منذ أكثر من 20 عاما، وإنه كان يغضب فــي البداية من تعليقات المصريين على اللون وترديدهم كلمات من نوعية يا أسمراني».

وتابع: «الأمر الثاني المســكوت عنه يتعلق بالتصور المشــترك للتاريخ» مؤكدا أن «المشــتركا­ت والمشــاعر التي تجمع الشعبين أكثر بكثير من هذه الأمور».

ودعــا إلى «فتح ملف مثلث حلايب وشــاتين مع مصر من أجل التفاهم حوله».

وأضاف أن «التاريخ والمصير المشــترك للشــعبين السوداني والمصري يمكنه خلق منارة للعالمين الأفريقي والعربي».

ولفت إلى «رؤية حكومة الفترة الانتقالية في الســودان للدفع بعملية الانتقال من خلال الإصــاح الاقتصادي، وهيكلة الأجهزة الأمنية، وبناء علاقات خارجية متوازنة».

وحــول العلاقــة مــع مصر ذكــر أنها «يجــب أن تبنــى على قضايا اســتراتيج­ية وشــراكات حقيقية في المجالات السياسية والاقتصادي­ة والاجتماعي­ة».

وتابع: «الشــعبان المصري والسودان شعب واحد في دولتين، تجمعهــم الأواصــر والتاريخ المشــترك والأهم من ذلــك المصير المشــترك» مؤكداً أن «من الممكن للســودان ومصر أن يشــكلا معا منارة للمنطقــة والإقليم، خاصة أن مصر لديها الآن توجه تنموي ناهض، والســودان المحاط بدول مغلقة يمكن أن يستفيد من هذا النموذج».

وأوضح أن «الثورة الســوداني­ة تغير نوعي ساهمت فيه لأول مرة كل قطاعات الشعب السوداني» مشيرا إلى أن «عملية الانتقال فيها تعقيدات كثيرة جــدا إذا قورنت بما حدث في ثورتي أكتوبر/ تشرين الأول 1964 وأبريل/ نيسان 1985».

وأكــد أن «الحكومة الحاليــة ذات تمثيل عريــض ولديها عدة أولويات هــي الاقتصاد، واســتكمال الســام، وإصلاح علاقات الســودان الخارجيــة، ومعالجــة قضايــا الانتقال من إنشــاء المفوضيــا­ت وقيام المؤتمر القومي وإجــراء الانتخابات وغيرها»

موضحاً أن هذه «الأولويات تركز على الرؤية قصيرة الأمد، ولكنها أيضا تبنى على رؤية طويلة الأمد».

ويطل مثلث حلايب على ســاحل البحر الأحمــر على الحدود المصرية السودانية، بمساحة نحو 20.5 ألف كيلومتر مربع، ويضم ثلاث مناطق هي حلايب وشلاتين وأبو رماد. ورغم خلاف البلدين على هذا المثلث منذ استقلال السودان عام 1956، بقي مفتوحا أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى 1995.

وصل حمدوك إلى القاهرة الخميس في زيارة رســمية، لبحث سبل تعزيز التعاون والعلاقات الســوداني­ة المصرية عقب 5 أيام على زيارة السيســي إلى الخرطوم، وهي الزيارات التي ســيطر ملف مفاوضات ســد النهضة علــى جدول أعمالهــا، في ظل عدم التوصل لاتفاق ثلاثي حول عمليات ملء بحيرة السد والتشغيل، واقتراب موعد الملء الثاني لسد النهضة.

وفي بيان مشــترك لرئيســي وزراء مصر، مصطفى مدبولي، والســودان، عبد الله حمدوك، أمس الجمعــة، أكدا «تطابق رؤى الجانبين حول الثوابت الخاصة بملف سد النهضة».

وشــددا على «أهمية التوصل لاتفاق قانونــي ملزم حول ملء وتشــغيل ســد النهضة الإثيوبي بما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحد من أضرار هذا المشــروع على دولتي المصب» كما أكد البلدان على أن «لديهما إرادة سياســية ورغبة جادة لتحقيق هذا الهدف في أقرب فرصة ممكنة».

كما طالبا إثيوبيا بـ«إبداء حســن النية والانخراط في عملية تفاوضية فعالة من أجل التوصل لهذا الاتفاق».

ورحب البلــدان بـ«تولي جمهوريــة الكونغــو الديمقراطي­ة قيادة هذه المفاوضــا­ت». وأكدت مصر تأييدها لمقترح الســودان حــول تطوير آلية التفــاوض التي يرعاها الاتحــاد الأفريقي من خلال تشــكيل رباعية دولية تقودها وتسيرها جمهورية الكونغو الديمقراطي­ة بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، وتشــمل كلا مــن الأمم المتحــدة والاتحــاد الأوروبي والولايــا­ت المتحدة للتوسط في المفاوضات».

كذلك رحب البلدان بـ«إعلان الأمــن العام للأمم المتحدة لدعم مبادرة الوســاطة الرباعية ويتطلعان لموافقــة إثيوبيا على هذه الصيغة لإخراج المفاوضات من المأزق الراهن ».

إلى ذلك، أعلن المبعوث الشخصي للرئيس التركي إلى العراق، فيصل إيروغلو، أن بإمكان بلاده القيام بوساطة في أزمة ملف سد النهضة.

وأضاف في لقاء متلفز الأربعاء، على قناة «الجزيرة مباشــر» الفضائية، أن في إمكان بلاده «القيام بوســاطة في أزمة ملف سد النهضة شــريطة عدم تدخل الدول الغربيــة لأن ذلك قد يقود إلى عدم المصالحة».

وتابع أن ســد النهضة قضيــة تقنية ولدى بــاده الكثير من الخبراء الذين يمكنهم المساعدة في حلها.

ومنذ نحو 10 ســنوات، تخــوض مصر وإثيوبيا والســودان مفاوضات متعثرة حول سد «النهضة».

وتصر أديس أبابا على ملء السد حتى دون التوصل إلى اتفاق بشــأنه مع القاهرة والخرطوم، فيما يصــر البلدان الآخران على ضرورة التوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي، لضمان عدم تأثر حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom