Al-Quds Al-Arabi

التجاذب السياسي في لبنان يتجلى في جلسة البرلمان: «القوات» قاطعت و«التيار» ترك حرية المشاركة لنوابه

- بيروت- «القدس العربي» من سعد الياس:

أظهرت الجلســة النيابية العامــة التي عقدها مجلس النواب الجمعة عمق الأزمة السياســية في لبنــان والتجاذبات التي تحكــم أداء بعض الكتل والأطراف. وجاءت مقاطعة نواب القوات اللبنانية الجلســة لتثير غضب رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أوعز إلى معاونه السياسي النائب علي حسن خليل بالتعليق على هذه المقاطعة فاستهجن «موقف بعــض الكتل التي تفتــرض ان حضورها لبعض الجلسات هو على القطعة» واعتبر» أن حق كل واحد ان يحضر ويقاطع لكن لا يجوز لكل واحد أن يرسم قواعد للعمل التشريعي وفقاً لمزاجيته.» ولم يوفّر خليل ضمناً نــواب التيار الوطني الحر الذين انتقدوا «عــدم انتاجية المجلــس» وكانوا يرغبون في إدراج بند إعطاء سلفة لشركة كهرباء لبنان علــى جدول اعمال الجلســة، فيما الرئيس بري أحاله إلى اللجان لدرسه يوم الثلاثاء.

وكان «تكتــل الجمهورية القويــة » قرّر مقاطعة الجلســة التشــريعي­ة، معدّداً جملة أسباب لموقفه انطلاقــاً من تماهيه مع مطالب الشــعب اللبناني، أبرزها «عدم قبوله بأن يُساق إلى جلسات نيابية توحي بأن أمور الوطن تســير على ما يرام وكأن شيئاً لم يكن منذ 17 تشــرين/أكتوبر 2019 وحتى اليوم، وبأن عمل المؤسسات منتظم وشؤون البلاد ميسّرة ومضبوطة، في حين أن الأمر هو عكس ذلك تماماً حيث أن مشاكل لبنان لا تُعالج بإقرار قانونٍ من هنا واتخاذ قرارٍ من هناك، بل هي من العمق ما يستوجب أبعد من المعالجات السخيفة والسطحية التي تطرحها الســلطة، ومن السوء ما لا ينفع معه العلاج بالمســكنّات بل بالوصول إلــى لبّ المرض واستئصاله».

وأكد بيان التكتل «أن بقاءه في المجلس النيابي لا يهــدف إلــى مجاراة أهل الســلطة فــي طريقة إدارتهم للمؤسسات الدســتوري­ة والتعايش معها او تأمــن التغطية لها، بل هو يهــدف أولاً وأخيراً إلــى إيصال صــوت النــاس إلى داخــل البرلمان والوقوف قدر المســتطاع بوجه كل ما من شــأنه المساس بالمصلحة الوطنية العامة» مجدّداً الدعوة إلى «اســقاط هذه السلطة بالذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة وليس بالذهاب إلى جلســةٍ نيابية، وإن كان ظاهرهــا يوحي بإعطاء الشــعب بعضاً من حقوقــه، إلا أنها في جوهرها محاولة يائســة إلى تثبيت دعائم الســلطة الحالية خلافاً للإرادة الشـعبية».

إقرار 3 قوانين

تزامنــاً، وفيمــا اتجهت الانظــار لمعرفة موقف «تكتل لبنان القوي» من حضور الجلســة أو عدمه بعد عدم إدراج بري بند السلفة للكهرباء، فقد قرّر التكتل ترك الحرية لنوابه بالمشــارك­ة حيث حضر 7 نواب منه الجلســة. ولفت في بيــان إلى «أن ما يهمه هو اقرار قوانين لحماية حقوق الناس وكسب ثقتهم واعادة الأمل لهم ببناء الدولة» مشــيراً إلى أنه » تقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر لتأمين سلفة، مساهمة لكهرباء لبنان لشراء الفيول منعاً للعتمة الكاملة، وقد حدّدت جلسة للجان النيابية المشتركة بخصوصها، إضافة إلى قانون اســتعادة الأموال المنهوبة، وسيكتفي التكتّل بذلك ، فالكهرباء ليست شــأناً خاصاً به بل ان الحاجة الملّحة والضرورية لها تشــمل كلّ اللبنانيين، ويبقــى على الكتل كافةً تحمّل مســؤوليّاتها بهذا الخصــوص». وتحدث التكتــل عن «بــدء مرحلــة جديدة مــن النضال السياســي في ســبيل اقرار القوانين الاصلاحية المتصلة بمحاربة الفساد واستعادة الأموال» معلناً أنه «لن يوفّر جهــدًا في اتخــاذ اي من الخيارات الممكنة في ســبيل ذلك ومن ضمنها مقاطعة جلسة او جلســات في المجلس النيابي». وأكد في الختام «ان وقف الانهيار والنهوض بالبلاد ليس فقط من مسؤولية رئاســة الجمهورية والحكومة، إنما يقع اوّلاً على المجلس النيابــي الُمطالب في هذه الفترة

بأن يكون خليّــة نحل لإنتاج القوانــن المطلوبة لذلك، وما صرخة التكتّل اليوم الاّ في سبيل الحثّ على هذا الانتاج وهو لن يكون ســاكتاً أو متفرّجاً على عدم الانتاجية .»

وفي وقائع الجلســة التشــريعي­ة، أقــرّ المجلس القوانين الثلاث التي انعقد لأجلها وهي الاتفاقية مع البنك الدولي القاضي بتخصيص 5ر5 مليون دولار لدعم المؤسســات الصغيرة والمتوسطة، والاتفاقية مع البنك الدولي بشــأن مســاعدة العائلات الأكثر فقراً وعددهــا 161257 عائلة بمبلغ قــدره 800 ألف

ليرة، واقتراح النائب ابراهيم كنعان لرفع ســقوف لمصرف الإســكان من 300 إلى 450 مليون ليرة، ومن 400 إلى 600 مليون ليرة.

وقــد صُرف النظر عن طرح اقتــراح النائب علي حسن خليل لإعطاء مليون ليرة كعلاوة على مدى 6 أشهر لضباط وعناصر الجيش والقوى العسكرية. وقال خليل بعد الجلســة «هذا مجــرّد اقتراح، ولا يجــوز أن يُقــال إن هذه رشــوة لأن العســكريي­ن يضعون دماءهم على أكفّهم. وإذا كان اقتراح قانون مساعدة المليون ليرة يُواجه بكمّ كبير من التحفّظات

فأنا مستعدّ لان أســحبه ولا خلفيات سياسية له». وأضاف «كفانا تعمية على حقيقة أنّ المسؤولية تقع على الســلطة التنفيذية في تطبيق قانون التدقيق الجنائي» وتابع» لا شيء يبشّر بحكومة قريبة وأنا لا أنعــى إنما لا بدّ من العمل على انتظام العمل داخل المؤسسات».

ودعا عضــو «اللقاء الديمقراطـ­ـي» النائب وائل أبو فاعور الــى» تحرير وزارة الطاقــة من «التيار الوطني الحرّ» الذي يضع اللبنانيّين تحت رحمته». وعلّق النائب فريد هيكل الخــازن على اقرار قرض البنــك الدولــي فقال» ما أُقــرّ ضــروريّ لكن الحلّ ليس بأن «نُشــحّد» الناس لقمة عيشــهم ونحوّلهم إلــى لاجئين فــي بلدهــم، وندعو المعنيــن بإدارة البلد لتشــكيل حكومة مُهمّة في أســرع وقت تحمل المشروع الإصلاحي للإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي».

ورأى النائب ابراهيــم كنعان «أن عمل المجلس يجــب ألا يكــون رهــن السياســات ولا الاهواء الشــخصية» معتبــراً «أن الازمة كبيرة والشــلل كبير ويجب عدم اضافة شــلل على الشــلل وعدم تعطيل الدولة بــل الخروج من دائرة التعطيل إلى الانتاج».

وكان محيط قصر الاونيســك­و شــهد سلســلة اعتصامــات بالتزامن مع انعقاد الجلســة وســط إجراءات امنية مشــددة. ونفّذ الأساتذة المتعاقدون في التعليم الاساســي اعتصاماً أمام وزاره التربية للمطالبة ب»العقود وساعات العمل».

كما نفّذت الجمعيــة اللبنانيــ­ة لأولياء الطلاب في الخارج وقفــة للمطالبة بتنفيــذ قانون الدولار الطالبي، فيما اعتصــم أهالي الســجناء المطالبين بإقــرار العفو العام لأبنائهم، فــي ظل الاكتظاظ في السجون اللبنانية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom