Al-Quds Al-Arabi

«مدونة للأخلاقيات» تحدد علاقة قضاة المغرب مع وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي

- الرباط ـ «القدس العربي»:

أصــدر «المجلس الأعلى للســلطة القضائية» في المغرب مدونــة الأخلاقيات الخاصة بالقضــاة، التي تحدد قواعد النزاهــة والحيــاد والتحفــظ والاســتقل­الية، كمــا تقــن علاقتهــم بوســائل الإعلام عمومــاً وبشــبكات التواصل الاجتماعي خصوصاً.

وفــي المدونــة التــي اطلعــت عليهــا «القــدس العربي» منشــورة فــي العــدد الجديــد مــن «الجريــدة الرســمية» شــدد المجلــس علــى أن القاضــي يتعامــل مــع الصحافة والإعــام بما يليق بمكانة القضاء مــن حرص على حياده واســتقلال­ه، ويتجنــب الدخــول في ســجالات قــد تؤثر ســلباً علــى صورتــه كقــاض وعلــى هيبــة القضــاء، مع ضرورة الإشــعار المســبق للرئيــس المنتدب وكــذا لرئيس النيابة العامة بالنســبة لقضاة النيابــة العامة، عند إجراء المقابــات الإعلاميــ­ة والإدلاء بالتصريحــ­ات الصحافية، باســتثناء القضــاة المعينين للتحدث باســم المؤسســات القضائيــة والقضاة ممثلي الجمعيــات المهنية المخول لهم وفــق أنظمتها الأساســية التحدث باســمها، عند التطرق إلى أنشــطة جمعياتهــم ومجــالات عملها. وأكدت المدونة أنه لا يجب التصريحات المنشــورة للقضاة أن تشــكك في الأحكام والقرارات والأوامر المتخذة من طرف المحاكم.

كمــا أكــدت أنــه في مــا يخــص التعامــل مع وســائل التواصــل الاجتماعي، على القاضــي أن يأخذ في اعتباره أن استخدامه لهذه الشبكات يجب أن يتناسب مع احترامه للالتزامــ­ات الأخلاقيــ­ة الــواردة فــي المدونة. كمــا يلتزم

بدرجــة عالية من الحذر عند التعبير عن آرائه ومواقفه عبر وســائل التواصل الاجتماعي، ســواء أفصــح عن صفته القضائية أم لا، وســواء تعلق الأمر بالشــأن القضائي أو بحياته الخاصة أو بأي شأن آخر.

ويبتعد عن كل ما هو مســيء لســمعة القضاء أو يمس باستقلال ونزاهة وحياد القاضي عند استخدامه وسائل التواصــل الاجتماعي، ويراعي المكانــة الاعتبارية للقضاة ســواء فــي الكتابــات أو التعليقــا­ت أو الردود، ويشــمل ذلــك مختلــف المعطيــات الإلكتروني­ــة المتداولــ­ة كالصور والأشــرطة المصورة وغيرها، علاوة على توخي الاحتياط في قبول «الصداقات» عبر هذه الوسائط.

ويحــرص القاضــي عنــد اســتعماله لأي وســيلة مــن وســائل التواصــل الاجتماعي، ســواء اســتعمل اســمه الحقيقي أو اســماً مســتعاراً أو صورته أو صورة مرتبطة بــه، أن يحترم الشــرف والوقار والكرامة، وألا يســتخدم لغة مشــينة أو غير لائقة، أو يرسل صوراً من شأنها المس بصورته وبصورة القضاء.

كما يحرص في التعليقات والأفكار التي ينشــرها على اســتعمال لغة واضحة، ويســتحضر الأخلاق التي يجب

أن يتمتع بهــا، ويبتعد عن العبارات الغامضة والمســتفز­ة والتلميحات التي يهدف منها إرسال إشارات سلبية وغير لائقة، وإضعاف ثقة العموم في المؤسسة القضائية.

ويمتنع عــن الدخول في مواقف وســجالات علنية عبر مواقــع التواصــل الاجتماعــ­ي مــع أي كان ولاســيما مع مساعدي القضاء بشكل يمس بصورته كقاض، ويخدش صورة وهيبة القضاء، أو يؤثر ســلباً علــى الثقة المتبادلة المفروضة بين القضاة ومساعدي القضاء.

ويضع القاضي في اعتباره أن عدم الكشــف عن هويته الحقيقية عند اســتعماله لوســائل التواصل الاجتماعي لا يحــرره من التزاماتــ­ه الأخلاقية، إذ عليه التقيد بأســلوب يتلاءم مع هذه الالتزامات.

ويمتنع القاضي عن تســخير صفته القضائية لتحقيق مصالح وامتيازات شخصية غير مشروعة، عبر استغلال تلــك الصفة، ســواء بمناســبة قيامــه بمهامــه القضائية أو بســببها. كمــا يمتنع عن المشــاركة في أي مزاد ســواء تم الإعــان عنــه في المحكمــة التي يعمــل فيهــا أو في أي محكمــة أخرى، ويمتنــع أيضاً عن قبول، بصفة مباشــرة أو غير مباشــرة، هديــة أو مكافأة، أو مقابــل كيفما كانت طبيعته، ومن أي جهة كانت، سواء بمناسبة قيامه بمهامه القضائية أو بسببها.

أول رد فعل من هذه المدونة عكسته صحيفة «الصباح» في عددها ليوم أمس، حيث أشــارت إلى أن «نادي قضاة المغــرب» أفاد أنــه لم يحصل مــن قبل على أي نســخة أو مســودة من مدونة الأخلاقيات حــن كان المجلس الأعلى للســلطة القضائية بصدد إعدادها، مشــيراً إلــى أنه اطلع عليهــا في موقع الأمانــة العامة للحكومة على نســخة من الجريدة الرسمية.

وأوضح أنه سبق له أن وضع مذكرة أولية بخصوصها في تشــرين الأول/ أكتوبر 2017، وطالب في عدة بلاغات بضــرورة إشــراك الجمعيات المهنيــة للقضاة أثنــاء كافة مراحل إعداد هذه المدونة. وأشــار الإخبــار إلى أن أجهزة نــادي قضاة المغرب ســتقوم بدراســة ومناقشــة مدونة الأخلاقيــ­ات القضائية الصادرة واتخــاذ الموقف منها أو من بعض بنودها إيجاباً أو سلباً.

ونقلت الصحيفة المذكــورة عن مصادر قولها إن مدونة الأخلاقيــ­ات القضائية حملت في بعــض نصوصها خلطاً بــن الســلوكات والمقتضيــ­ات القانونية التــي نظمت من خلال القوانين التنظيمية الخاصة بالسلطة القضائية، من بينها ما جرى التنصيص عليه بشأن التواصل مع وسائل الإعــام، إذ نصت المدونة على ضرورة توفر القاضي على الإذن المســبق مــن الرئيس المنتــدب أو من رئيــس النيابة العامة، من أجل إجــراء مقابلات أو تصريحات صحافية، وهــو أمر مــن اختصــاص التشــريع الذي حســم فيه في الفصــل 47 مــن النظــام الأساســي للقضــاة، فــي فقرته الأخيــرة التي نصت على أنه يمكن للقاضي المشــاركة في الأنشــطة والنــدوات العلميــة شــريطة ألا يؤثــر ذلك على أدائه المهني، وتعتبر الآراء التــي يدلي بها القاضي المعني لمناســبة هذه المشاركة آراء شخصية، ولا تعتبر معبرة عن أي رأي الجهة رسمية إلا إذا كان مرخصاً له بذلك.

وذكرت أنه كان على المدونة أن تحدد الســلوكات التي يجب أن تتوفر في القاضي، أو تلك التي عليه تجنبها سواء في حياته العملية أو الشــخصية، وبالتالــي تدبير طريقة تعاطي القاضي مع الإعلام وليس تقييده بأي شرط آخر، بالإضافــة إلى الإجابة عن الواقــع المهني اليومي للقاضي بدل العموميات التي حملتها المدونة.

واعتبــرت المصادر عينها ـ تضيــف الصحيفة ـ أن ما آل إليــه الوضع بشــأن مدونة الأخلاقيات هو نتــاج ما عرفه تدبير النصوص التنظيمية الخاصة بالســلطة القضائية، خاصة فــي فترة مصطفــى الرميد، وزير العدل الســابق، والتي تميــزت بالارتجالي­ة في عدة نقــاط، وكان يفترض عنــد التنصيــص على المدونــة فتــح إمكانية الطعــن فيها شــأنها شــأن النظام الداخلــي للمجلس الأعلى للســلطة القضائية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom