Al-Quds Al-Arabi

متى يظهر الضوء في آخر النفق اللبناني؟

- لحظة حرية

لم أتلق بعد لقاحــاً لمرض )كورونا 19( لأســافر بلا حَجْرٍ صحي. ولــذا، وعلى غير عادتي، لم أزر لبنان منذ عام ونيف، لكنني أتابع أخباره كما تلاحق العاشــقة أخبار الحبيب.. ويا لها من أخبار ليس فيها ما يشرح القلب أو يوحي بالطمأنينة!

لبنان معطل بأكمله... فلماذا الثلث المعطل؟

لست كاتبة سياسية، وليس المرء في حاجة إلى أن )يفهم( في السياسة ليدرك أن فقدان بعض الأدوية في لبنان وبيعها في الســوق الســوداء ظاهرة تضــاف إلى مآســيه منذ قبل الانفجار المروع في المرفأ وإلى ما بعده.. وجاء مرض كورونا ـ كوفيد 19 ليعطل ما لم يكن معطلاً. وباختصار، سقط اللبناني في هوة الفقر، ولكــن ثمة من لا يبالي حقاً بذلك، بعدما اغتنى وصارت أمواله في بنوك سويسرا.

وحتى الطبقة المتوسطة في لبنان صارت تعاني من الفقر، لي صديقــة لديها مبلغ من المال في بنــك لبناني، لكن نقودها وســواها مجمدة وتحصل على بعضها شهرياً )بالقطارة( أي أنه صار عليها أن تتســول مالها الذي جمعتــه بالتعب ليوم الشــدة.. أما الليرة اللبنانية فهي تفقــد أيام عزها، وتتدهور يوماً بعد آخر.

والــوزارة الجديــدة لم تتشــكل حتى لحظــة كتابة هذه السطور؛ لخلافات منها حكاية «الثلث المعطل» ولأنني روائية ولســت كاتبة سياســية، لا أعرف بالضبط مــا حكاية الثلث المعطل، لكنني أضحك بحزن ســاخر من هذا التعبير، فلبنان بأكمله معطــل وفي حاجة إلى علاج بدلاً من )النق( حول ثلث أو نصف أو ربع معطل.. والحياة اللبنانية بأكملها معطلة!

ولكنني أفتقد لبنان، وسأطير إليه بعد أن أتلقى اللقاح ضد كورونا، فما يحدث في لبنان يكفي لقتلنا حزناً بوباء لا مبالاة البعض بالعواطف.

نفق مظلم بلا نهاية كالكوابيس

يعيش لبنان هذه الأيام في نفــق مظلم، ولحظات الضوء صارت قليلة، والنفق يزداد ظلمة، لكنني ما زلت أحلم بأن أرى الضوء في آخر النفق.

معذرة أيهــا الزمان.. فلبنــان اليوم يختنــق والتفاصيل تطول.

لكنني مصرة على أن أظل أحلم بمشــاهدة الضوء في آخر النفق ومغــادرة لبنان لذلك النفق المروع الــذي يزداد ضيقاً يوماً بعد آخر ويخنق الشعب اللبناني.

ترى هل سأرى ذات يوم الضوء في آخر النفق؟

ثورة البدناء على ديكتاتورية النحول!

صــدر كتاب بالفرنســي­ة لســيدة بدينة عن «منشــورات لودوك» بعنــوان: «فخورة بأن أكون نفســي» تأليف غاييل برودونسيو، وتتجسد فيه ثورة البدينات على )ديكتاتورية النحول( على طريقة أجساد عارضات الأزياء النحيلات.

ولعل أول من تجــرأ على دعم البدينــات وإظهار جمالهن الخاص مطرب لبناني الأصل اســمه الفنيّ «ميكا» وله صوت جميل مختلــف في )كليب( مصور أذيع مــرات في التلفزيون الفرنســي حيث يغني وخلفه كورســه: مجموعة من النساء البدينــات الجميلات، علــى العكس من المغنــي الراحل كلود فرنســوا الذي كان يغني محاطاً بنحيلات راقصات يدعوهن «ليه كلوديت». و«ميكا» اللبناني الأصل من مشــاهير مطربي فرنســا، وغنى ليلة رأس الســنة في الأوبرا الملكية في قصر فرســاي، ونجح ميكا في كورسه النســائي من البدينات، إذ يبدو أن أهل البدانة تعبوا من تحمل الســخرية منهم )منهن( وكل إنســان حر بجســده، كما تقول مؤلفة الكتــاب غاييل برودونســي­و، مضيفة أنه ليس من الضرورة أن نفقد الوزن لنتصالح مع أنفســنا، ولأنني معتدلة الوزن أستطيع أن أكون محايــدة.. ولي صديقــات كثيرات بدينــات لا تهمني حكاية بدانتهن أو نحول سواهن، بل ما يهمني صفاتهن الإنسانية.. وصحتهن.

بين البدانة والصحة العامة

كما ذكرت، لســت ضد البدانة كشــكل خارجي، فأنا أحب الأصدقــاء والصديقــا­ت دون أن أطلب منهــن الوقوف على الميزان لأعــرف وزنهن ولســت معنية بذلك. مــا يهمني أولاً صحتهن/صحتهــم، ولعلي أميل إلى رفــض زيادة الوزن لأن ذلك فيمــا يبدو يؤذي الصحة ويســبب ضغط الــدم و يقلل ضغــط القلب له ويقصر من الأعمــار.. ولا أريد أن أفقد بعض صديقاتي العزيزات بسبب شراهتهن!

مطعم الريجيم الخاص بالنحول

عارضــات الأزياء كلهــن نحيلات، كأنهن يحــددن الوزن المطلوب للجمال، وبالنســبة لــي فالقضية فقــط «العافية» ومنذ أعوام افتتح في باريــس مطعم خاص بالنحول لا يقدم إلا الأطباق التي لا يمكن أن تزيد في وزن الزبون )وبأســعار مرتفعة( بل وتساعد على إنقاص الوزن.

وهكذا دعــوت إليه إحدى صديقاتــي الحبيبات البدينات حينمــا زارت باريس، وأعلنت ســرورها لوجود مطعم كهذا، وبعــد أن التهمنا العشــاء وغادرنا المطعــم ضبطتها بالجرم المشهود تشتري «ســندويش هامبرغر» والطريف أنني كنت ذاهبة إلى ذلك البائع لشــراء الشــيء ذاته والتهامه! وهكذا فإنقاص الــوزن والمحافظة عليه قضيــة لا تخلو من الطرافة الطفولية، ولكنها تظــل في نظري قضية ليســت جمالية بل صحية.. فزيادة الوزن تؤذي الصحــة.. وقالت لي صديقتي اللبنانية البدينة إنها تفضل أن تعيش أعواماً أقل وتســتمتع بطعامها.. كما تشتهي. وتذكرت زوجي الحبيب الراحل الذي كان مدمناً على التدخــن، وقال له الطبيب: إذا لم تتوقف عن التدخين ستعيش عشر سنوات أقل.. وهكذا كان.

وبالتالــي، لا موعظة لدي.. وكل إنســان يختار أســلوب حياته وموته. من طرفي، لســت مدخنــة ولا بدينة.. لكنني أتفهم مشاعر البدينات اللواتي ســئمن من المحاضرات حول ضرورة خسارة بعض الوزن، وضرورة التوقف عن التدخين، وكل إنسان يختار أسلوب موته ومرضه!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom