Al-Quds Al-Arabi

ملفات ثقيلة تنتظر السنوار في مهمة قيادة حماس الجديدة في غزة: الانتخابات والمصالحة وصفقة الأسرى وإنعاش القطاع والجناح العسكري

- غزة ـ «القدس العربي» من أشرف الهور:

ســتكون على طاولــة يحيى الســنوار، بعد انتخابــه مجددا وعقب منافســة قويــة كرئيس لحركة حماس في قطاع غزة، ملفات مهمة عديدة، ســيعمل على إدارتها وفريقــه المنتخب الجديد، خلال الأربــع ســنوات المقبلــة، وفــي مقدمتها اســتحقاق المصالحــة والانتخابـ­ـات البرلمانية والرئاسية التي حسمت الحركة خيارها بالمشاركة فــي الأولــى، دون أن تعطي موقفا حــول كيفية المشاركة في الانتخابات الثانية.

وســتكون أولى مهام الســنوار الذي انتخب مســاء الأربعاء الماضي رئيســا ولفتــرة جديدة لحركة حماس في قطاع غزة، بعد منافسة قوية مع أحد قــادة الحركة البارزين وهو نزار عوض الله، ألزمت الحركة بإعــادة الانتخابات الداخلية على منصب رئيس الحركة فــي غزة لأربع مرات، مهمة التحضيــر للانتخابات البرلمانية الفلســطين­ية، التــي تعتبر هذه المــرة نقطة حاســمة في تاريخ الحركة، في ظل احتدام المنافسة القوية مع حركة فتــح، خاصة وأن حماس لم تعد كما في الســابق الفصيل المعــارض البعيــد عن مشــاكل الحكم، بإدارتهــا قطاع غــزة منذ صيف عــام 2007 بعد الســيطرة عليه عســكريا، وهي فترة حكم واجه الحركة فيها الكثير من التحديات، وإدارة الملفات بطريقة لم تكن تعجب الجمهور.

ومن المفترض أن توكل خلال فترة الأيام القليلة المتبقية مهام اختيار قائمة مرشحي حركة حماس في غــزة للمجلس التشــريعي لقيــادة حماس الجديدة، وفق ضوابــط يقال إن الحركة وضعتها هذه المرة لا تعتمد على الوجوه التقليدية القديمة، حيث من المقرر أن يفتح باب الترشح للانتخابات رسميا يوم 20 مارس د/ الحالي.

وســيصار بعد الانتخابات حســب التوافقات التي تمت بــن الفصائــل الفلســطين­ية في لقاء القاهرة في نوفمبر/ تشــرين الثاني الماضي، إلى طي صفحة الانقســام، وبدء مرحلــة جديدة من العمل الوطنــي، يأمل الجميع في أن تكون مغايرة للتفاهمات والاتفاقيا­ت الســابقة، التي فشــلت الفصائــل وخاصة فتح وحماس في ترجمتها على

أرض الواقــع، وآخرها اتفــاق تطبيق المصالحة الذي وقع في القاهرة في أكتوبر/ تشــرين الأول 2017 الــذي كان للســنوار دور مهــم فيــه، بعد انتخابه بفتــرة قصيرة زعيما لحمــاس في غزة لأول مرة.

وفي مناســبات عديدة أكد السنوار أن حركته مستعدة لإنجاز المصالحة، وإنهاء حالة الانقسام، لكن الفتــرة الســابقة كانت تشــهد خلافات في تطبيق البنود بين فتح وحماس، بســبب التباين في وجهــات النظر حيــال التنفيذ، وهــو ما دفع الحركتــن مؤخرا للإيمان بالذهــاب للانتخابات أولا، ومن ثم إنهاء الانقسام.

تحسين وضع القطاع

وإلى جانب هــذه المهمة، هناك ملف تحســن وضع غزة الخاضع لســيطرة حمــاس، وتطوير تفاهمــات التهدئــة التــي أبرمتهــا الحركــة مع إســرائيل، بوســاطة عدة أطراف، التي كثيرا ما تقوم سلطات الاحتلال بالإبطاء في تنفيذ بنودها، أو تعطيلهــا، ما كان يقود إلى مواجهات مســلحة وعمليات تصعيد نارية، آخرها انتهى مطلع شــهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

والمعروف أن قطاع غزة يعيــش منذ ان تولت حركة حماس الإشراف عليه منتصف 2007 تحت حصار إســرائيلي مشــدد، رفع من نســب الفقر والبطالة بشــكل خطير، كما زاد وضع الســكان مأســاة، جراء الحــروب الثــاث التي شــنتها إســرائيل ضد القطاع من نهايات 2008 إلى صيف 2014 وأحدثت دمارا كبيرا وسقوط آلاف الشهداء وعشــرات آلاف الجرحــى، بهدف إســقاط نظام حماس، وهــو ما لم يتحقق، ولجــأت حماس في نهايات آذار/ مارس2018 إلى تســيير مســيرات شعبية على الحدود الفاصلة مع إسرائيل، سميت بـ «مســيرات العودة» ضغطت مــن خلال الفعل الشــعبي المقاوم لتحســن وضع الســكان، وهو أمــر تحقق جزء منه بســماح الاحتــال بإدخال مســاعدات ماليــة وتنفيذ مشــاريع بنى تحتية، تكفلت بغالبيتها دولة قطر، غير أن إسرائيل تربط إنهاء مأساة غزة بالكامل بعودة جنودها الأسرى لدى حماس، وهو أمر لن يتحقق أيضا، لعدم قبول إسرائيل بشروط حماس حتى اللحظة.

ويقود هذا الأمر إلــى الملف الثالث الذي ينتظر الســنوار في ولايته الجديدة، خاصــة وأنه في ولايته الأولى لم يتمكن من إنجاز صفقة التبادل، بعــد تدخل العديد من الوســاطات بــن الحركة وإسرائيل. وكان السنوار قدم في أبريل/ نيسان من العام الماضي، عرضا نادراً لإســرائيل، اشتمل على إفراجها عن الأسرى الفلسطينيي­ن كبار السن والمرضى كبادرة إنســانية في ظل أزمة «كورونا» مقابل تنازل جزئي في ملف الجنود الإسرائيلي­ين الأســرى، لكن دولــة الاحتــال لــم تتعامل مع العرض.

وفــي أول تصريح له بعد انتخابه لولاية ثانية قائدا لحماس في غزة، تعهد السنوار بالعمل على تحرير الأســرى، وقال «نأمل في أن تكون عملية تحرير الأســرى عاجلة قريبة ونعد الأسيرات في الســجون أننا نحمل همكن ونســعى لتحريركن وسنكون على موعد قريب مع الحرية.»

وفــي رســالته لأهالي غــزة قال الســنوار «ســنكون أقرب إلى آلامكم ولــن نألو جهدا حتى نحقق لكم حياة كريمة حرة لنواصل معا مســيرة التحرير والعودة .»

العلاقة مع مصر

وإلى جانب هــذه الملفات الداخلية، ســتكون أمام السنوار مهام خارجية أخرى، أبرزها الحفاظ على العلاقة مع مصر بوابة غزة الرئيســية، وهي علاقات عمل السنوار بنفسه على إعادتها في 2017 حــن زار القاهرة على رأس فريــق من معاونيه، ليضع حدا للقطيعة التي قامت بين النظام المصري والحركة في عام 2013 بعد إسقاط نظام الإخوان المسلمين في مصر، ونجح السنوار في التفاهم مع الســلطات المصرية لتأمين الحــدود الفاصلة عن غزة، وعقب ذلك ســمحت مصر منذ ذلك التاريخ بحركة تبادل تجاري مع غزة، ساهمت في تخفيف العبء الاقتصادي.

كما ســتكون أمامــه مهام مــع دول وازنة مثل إيــران، للحفــاظ على اســتمرار دعــم الجناح العســكري كتائب القســام، وهو أمــر لا تخفيه الحركة بالمطلق.

ولم يخف الســنوار في مرات ســابقة تعاظم قوة كتائب القســام، الذي تركه بعد أســره عام 1988 جهازا صغيرا بعدد قليل من الأفراد والعتاد، ليخرج في صفقــة التبادل 2011 وبعــد أكثر من 22 عاما من الأســر، وقد تحول الجهــاز إلى قوة عســكرية كبيرة من ناحية العتاد والأفراد، ودفع ذلك بالســنوار ليقول «المقاومة الفلسطينية باتت اليوم أقوى مما كانت عليه عشرات الأضعاف.»

وتوعــد فــي وقت ســابق إســرائيل في حال تضييقها على ســكان غزة، وعدم إدخال المعدات الطبية اللازمة لمواجهة تفشــي فيروس «كورونا» بقوله «وإذا وجدنا أنّ مصابــي كورونا في قطاع

غزة لا يقدرون على التنفس، سنقطع النفس عن 6 ملايين صهيوني، وسنأخذ ما نريده منكم خاوة.»

وفي رســالة موجهة للســنوار من القيادي في الحركة يحيى موســى بعد فوزه، طالبه فيها بأن يطل بخطــاب «يوضح لنا فيه رؤيته للســنوات الاربع القادمــة وأن يعرض لنا برنامجه، وخطته للدورة الانتخابيـ­ـة الجديدة، على صعيد الحركة والارتقاء بها فــي جميع المياديــن، وعلى صعيد القضية وتصويب مسارها الوطني.»

والســنوار ينحدر من عائلة فلسطينية لاجئة

من مدينة المجدل. ولــد 1962 وكان من أوائل جيل الشــباب الذين انخرطــوا بالعمل فــي حماس، وتــرأس كتلة الحركــة الطلابية خلال الدراســة في الجامعة الإســامية، واعتقل عــام 1988 على أيدي قوات الاحتلال لنشــاطه في كتائب القسام، وحكم مدى الحياة، قبل أن يخرج في صفقة تبادل الأسرى عام 2011. وقد أدرجته الولايات المتحدة، مع عدد من قادة حماس علــى لائحة «الإرهابيين الدوليين » عام 2015 وتضعه إســرائيل على قائمة المطلوبين لديها.

 ??  ?? يحيى السنوار )وسط( يزور منافسه على رئاسة حماس في غزة نزار عوض الله )يسار( بعد فوزه
يحيى السنوار )وسط( يزور منافسه على رئاسة حماس في غزة نزار عوض الله )يسار( بعد فوزه

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom