Al-Quds Al-Arabi

33 عاماً على مجزرة حلبجة: الأكراد يدعون المجتمع الدولي لتصنيفها إبادة جماعية

الكاظمي: الفاجعة تذكرنا بفداحة البغي والظلم حين يكون أداة في يد الحاكم

- بغداد ـ «القدس العربي»:

مــرّت، أمس الثلاثاء، الذكرى الســنوية الـ33 للقصــف الكيميائــ­ي الــذي تعرضت لــه مدينة حلبجة، شــمالي العــراق، إبان حكــم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وراح ضحيته أكثر من 5 آلاف قتيل، وآلاف الجرحى، وســط دعوات سياسية إلى إنصاف الضحايا ومخاطبة المجتمع الدولي، لاعتبار الجريمة «إبادة جماعية.»

وفي نهاية الحرب العراقية الإيرانية، وتحديداً في 16 آذار/ مارس 1988 أفاق ســكان المدينة على قصف الطائــرات العراقية، بالســاح الكيميائي )غازات الخردل والســارين والأعصاب( بســبب قولها، آنذاك أنها اســتهدفت قوات إيرانية كانت تتواجد في المدينة.

وفي يناير/كانــون الثاني 2010 حكم بالإعدام على علي حســن المجيد الملقب بـ «علي الكيميائي » ابن عم الرئيس الراحل صدام حســن، ونفذ فيه لمسؤوليته عن هذه المجزرة.

وفي 2007 حكم على رجــل أعمال هولندي في هولندا بالســجن 17 عاما بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم حــرب لتســليم بغــداد مــواد كيميائية فــي ثمانينيات القــرن الماضي وهو يعلــم بأنها ستستخدم لإنتاج أسلحة كيميائية.

«وحدة الصف والتلاحم»

وبعــد مرور 33 عامــاً على الحادثة، اســتذكر رئيس إقليم كردســتان نجيرفان بارزاني، أمس، الفاجعة، مشــيراً في بيان صحافــي إلى إنه «تمر اليوم 33 ســنة على القصــف الكيميائي لحلبجة على يد نظام البعث، واستشــهاد أكثر من خمسة آلاف مواطن بريء وجــرح آلاف آخرين وتدمير المدينة وتشريد أهاليها».

وأضــاف: «في الذكــرى التي لن تنســى أبداً للفاجعة الكبــرى التي حلت على شــعبنا، وإلى جانب التحية والسلام والانحناء إجلالاً للشهداء والضحايا، نؤكــد كما دائماً علــى وحدة الصف والتلاحم ووحدة كل أطراف ومكونات كردستان، فوفاؤنا لدماء الشــهداء وعــدم التفريط بجهود وكفاح شعبنا يطالبنا بهذا بإلحاح».

وتابــع: «فــي هذه الذكــرى نجدد التشــديد على المزيد من الاهتمام بحلبجــة وأهلها، فخدمة المصابــن وذوي الضحايا تتطلب منــا المزيد من العمل والخطوات التي هي من استحقاق محافظة حلبجة وسكانها الأعزة المظلومين».

ودعا بارزاني الحكومــة الاتحادية العراقيةكم­ســؤولية قانونية وأخلاقيــة- إلى أن «تؤدي واجباتها في هذا الصدد وتتخــذ خطوات عملية لتعويض السكان والبيئة المدمرة المسممة لمحافظة حلبجة».

وأشــار إلى أن «فــي ذكرى فاجعــة حلبجة، نطالــب المجتمع الدولي بالعمــل الجاد على حظر إنتاج واستخدام كل أنواع أسلحة القتل الجماعي والقضاء التام على السلاح وتقنيات الموت، يجب أن يكون هذا الشغل الشاغل لكل العالم في سبيل الحفاظ على الحياة والبيئة والمدنية».

«هوية ورمز»

كذلك، قــال رئيــس حكومة إقليم كردســتان مســرور بارزاني، إن حلبجــة «هوية ورمز عالمي لنضال شعب كردستان وتضحياته.»

وأضاف في بيــان صحافي، إن «فــي الذكرى الثالثة والثلاثين للهجــوم الكيميائي على مدينة حلبجــة ومحيطهــا، نســتذكر بإجــال وإكبار شــهداء هذه الجريمة الكبرى التي ارتكبها حزب البعث باستخدام الأســلحة المحرمة، مما أدى إلى استشــهاد آلاف الأبرياء وإصابــة آلاف آخرين، فيما لا يزال بعضهم يعاني من آثارها إلى الآن.»

وتابع: «لقد أصبحت حلبجة هوية ورمزاً عالمياً عن نضال شــعب كردســتان وتضحياته، ولهذا يجــب علينا أن نســتذكر شــهداء وضحايا هذه الجريمــة وأن نُبقي ذكراها خالــدة مخلدة، إذ لا نزال نبذل قصــارى جهودنا كي تعوض الحكومة العراقيــة أســر الشــهداء والمصابين عــن هذه الجريمة، وكذلك نعمل لمنع تكرار الإبادة الجماعية ضد شعب كردستان وأي من المكونات في العالم.»

ولفت إلــى أن «حكومة إقليم كردســتان، التي هي ثمــرة دماء الشــهداء، ترى دائمــاً أن خدمة أسر الشهداء الشــرفاء من واجبها، وقد قررنا في الأيام القليلة الماضية، وفي إطار مشــاريع تنمية المحافظات ومشــاريع الوزارات، تنفيذ العديد من المشــاريع الخدمية في حلبجة في مجالات الطرق والجســور والميــاه والكهرباء وتأهيــل المدارس والمستشــف­يات، وآمــل أن نتمكن في المســتقبل القريب من خدمــة حلبجة وباقــي مناطق إقليم كردستان بما تستحق .»

«الفكر الشوفيني»

في الأثنــاء، قــال زعيم الحــزب الديمقراطي الكردســتا­ني، مســعود بارزانــي، إن «الفكــر الشوفيني» ما يزال ســائداً في العراق، وذلك في استذكار لمجزرة حلبجة التي وقعت قبل 33 عاماً.

وكتب على حسابه بـ«تويتر» «إنه لمن العار حقا أنه حتى بعد قصف حلبجة بالأسلحة الكيميائية والإبادة الجماعية بحق شــعب كردســتان، فإن الفكر الشوفيني ما يزال ســائدا في العراق، وأن حقوق شعب كردستان ما زالت محرومة».

كما دعا أيضاً، برلمان إقليم كردستان، الحكومة الاتحاديــ­ة لتعويض ضحايا القصــف الكيميائي الذي استهدف سكان حلبجة ومناطق محيطة بها من قبل النظام العراقي السابق.

بيان لرئاســة برلمــان الاقليم قــال إن «جرح حلبجــة لن يندمــل في وجــدان شــعبنا، وهو صفحة ســوداء في تاريخ حكم النظــام البعثي، وهي جريمة بحق الإنســاني­ة جمعاء وليس بحق شــعبنا فقط، كونها مثل هيروشــيما وناغازاكي ومثل الهولوكوست، لذلك فإننا نندد بشدة بهذه الجريمة المروعة وندعو المجتمع الدولي والمنظمات الانســاني­ة الى تصنيف هــذه الجريمة كجريمة إبــادة جماعية كي لا يتم تكــرار مثل هذه المجزرة على شعبنا».

وأضاف البيــان: «كما ينبغي علــى الحكومة العراقية أن تنفذ قرار المحكمــة الاتحادية والمادة 132 من الدســتور العراقي لتعويض ذوي شهداء وضحايا حلبجة، كما أن من واجب مجلس النواب العراقي اصدار قرار خاص بالإبادة الجماعية ضد شــعبنا وأن يتم تحصيل حقــوق ذوي الضحايا وتعويضهم ماديا ومعنويا».

«انعطافة مؤلمة»

وفي بغداد، اســتذكر رئيس مجلــس الوزراء مصطفــى الكاظمي، الذكرى، فيمــا أكد أن حلبجة تذكرنا «بغور الجــرح وفداحة البغي والظلم حين يكون أداة بيد الحاكم».

وقــال فــي بيان صحافــي: «نســتذكر اليوم انعطافــة مؤلمة فــي تاريــخ نضال شــعبنا ضدّ الطغيان والدكتاتور­ية، إذ تمــرّ علينا الذكرى 33 لجريمة قصف حلبجة الشــهيدة في كردســتان العراق بالســاح الكيمياوي، والتي أودت بحياة الآلاف من الضحايا المدنيين».

وأضــاف: «لقد اســتمرّت مرارة تلك المأســاة تنذرنا إلى يومنا هذا بما يمكن أن يحدثه ســاح الدمار الشــامل حين يقــع بيد طاغيــة من طغاة الأرض، ومــا يمكــن أن يُرتكب باســم الكراهية والعنصرية حين يوظفها النظام الغاشــم لتبرير بقائه الأســود ليلًا حالــكًا من الظلــم والترويع والبشاعة». وتابع: «كانت حلبجة وثيقة وقربانًا باهظ الثمن قدّمها شــعبنا الكردي خاصّة، مثلما قدّم شــعبنا العراقــي عامة، قرابينــه على مذبح التحرر والخلاص مــن جور حاكمٍ عاتٍ متغطرس عاث فسادًا ومقتلة وحروبًا عبثية دموية».

وأتمّ قائلاً: «نحمل اليوم ألــم ذكرى الضحايا في قلوبنا، لكن عزاءنا أنها آلام تذكّرنا، مثل باقي جرائــم عهد الاســتبدا­د، بثمن الحريــة، وبقيمة النجــاة والعبور بالعراق إلى عهــد الديمقراطي­ة وإعلاء قيمة الإنسان العراقي».

وأردف: «حلبجة تذكرنا بغور الجرح وفداحة البغي والظلم حين يكــون أداة بيد الحاكم. لكننا اليوم نستلهم تضحيات الشهداء وآهات أرواحهم وهــي تنازع، من أجل بناء عــراق آخر، عراق حر ديمقراطي يعــزّ أهله ومواطنيه في كل شــبر من أرضه المقدسة».

«انتهاك صارخ»

كما عدّ مجلــس النــواب العراقــي، الحادثة أنها «انتهــاك صارخ للقيــم الانســاني­ة» معرباً عن اســتمراره في دعــم المدينة المنكوبــة وأهلها المضحين.

نائب رئيس مجلس النواب الاتحادي، حســن الكعبي، قال فــي بيان صحافي، إن «هذه الجريمة مثلت انتهــاكاً صارخاً للقيم الإنســاني­ة، وكانت

جزءاً أساسياً من سياسة القتل والتدمير والإبادة الجماعية للنظام الديكتاتور­ي بحق العراقيين.»

وأضــاف أن «المقابر الجماعيــة للبعث المجرم وما مارســه من أســاليب وحشــية بحق جميع أبناء الوطن بمختلف أديانهــم وقومياتهم ذهلت لروعهــا الإنســاني­ة وهــزت ضميــر العالم ولن تمحى مــن ذاكرة ووجــدان الأجيال وســتبقى خالــدة في الأذهان » مؤكــداً أن «هذه المذبحة هي إحدى الشواهد الحية لوحشــية البعث وبشاعة الدكتاتوري­ة». وشــدد على أن «عودة البعث وكل الممارسات الدكتاتوري­ة باتت مستحيلة في ظل هذا النظام الديمقراطي الحالــي، وأن مجزرة حلبجة هي لعنة ستطارد البعثيين أينما كانوا ولن نفرط بالقصاص» مشيراً الى «ضرورة ملاحقة جميع من تلطخت إيديهم بدماء العراقيين قبل عام 2003 وما بعده». وتابع، أن «مجلس النواب ســيبقى داعماً وبقوة لتشــريع كل القوانــن الكفيلة في تحقيق العدالة الاجتماعية والتعايش المشترك بين أبناء الشعب الواحد» داعياً الى «تكريم وأنصاف ذوي الشهداء من ضحايا النظام البائد والإرهاب» لافتاً إلى أن «كل أطياف ومكونات شــعبنا قد خرج بعد هذه الفاجعة المروعة، وهم أكثر ترابطاً وتماسكاً، وعزيمة على رفض التســلط وحكم الفرد الواحد، ويجب أن يبقوا كذلك في كل الأوقات والظروف».

كذلــك، أكــدت لجنــة الشــهداء والضحايــا والسجناء السياسيين النيابية، أن جريمة حلبجة التــي اقترفها النظام البائد فــي العراق، اهتز لها ضمير العالم والإنسانية.

وقالــت اللجنة في بيــان أنه «تمــر علينا في مثل هذا اليوم ذكرى فاجعــة محافظة )حلبجة ( المغدورة والتي اهتز لها ضمير العالم والإنسانية، حيث قصــف النظام البعثي البائد فــي 16 آذار / مارس عــام 1988 المدينة بالأســلحة الكيميائية المحرمــة دولياً بوحشــية بالغة وبأمــر من رأس النظام الديكتاتور­ي المقبور وبتنفيذ مباشــر من قبل المجرم المقبور علي حســن المجيد الملقب )علي الكيميائــ­ي)». ولفتت اللجنة إلــى أننا «اليوم إذ نستذكر ضحايا القصف المروع على مدينة حلبجة الشهيدة والتي قدمت ما يقارب خمسة آلاف شهيد فــي لحظة من غيــاب التأريخ والعقــل والضمير الإنســاني حيث توفت الأم وهي تحتضن طفلها، ومات العشــرات فــي عرباتهم وهــم يحاولون الهــروب من جحيم الســموم وســقط عشــرات آخرون صرعى وسط الوديان والسهول والحقول المحيطة بحلبجة المنكوبة».

وأشــارت إلى أن «جروح أهالي حلبجة عميقة لا تندمل بســرعة، لأن المأساة انعكست على حياة الناس وبقيت آثارها المدمرة حتى الآن. لقد كشفت هذه الجريمة النكــراء عن الوجه البشــع لنظام البعــث الذي أســتعمل مختلف أنواع الأســلحة الكيميائية لإبادة شعب مسالم لم يؤذ أحداً».

وبينــت، أنــه «نعم لقــد تعــرض الأهالي في هذه المدينة إلى الدمار، وهــذا يتطلب منا جميعاً للوقوف معهم ومــع كل الضحايــا الذين قارعوا النظام البائد وكانوا سببا في هلاك زعيمه المقبور، كما إننا في لجنة الشــهداء والضحايا والسجناء السياسيين نؤكد ضرورة الحفاظ على حقوق كل الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين والتي نصت عليها القوانين النافذة التي شرعها البرلمان وكفلها الدســتور». ودعت اللجنــة الحكومة إلى «الغاء القــرارات والاجــراء­ات المخالفة للقوانين والتي اســاءت للتضحيات الجســام التي بذلها الشهداء والسجناء السياسيين».

كمــا ودعــت وزارة الثقافة وشــبكة الإعلام العراقــي والقنوات العراقية كافــة إلى «ضرورة تخليــد هــذه الآثار عــن طريــق إنتــاج أفلام ومسلســات تنقل مأســاة هذه المدينة وسكانها ليرى العالم مدى وحشية النظام البائد».

 ??  ?? كرديات يبكين أقارب لهن خلال زيارة لمقبرة دفن فيها ضحايا المجزرة أمس
كرديات يبكين أقارب لهن خلال زيارة لمقبرة دفن فيها ضحايا المجزرة أمس

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom