Al-Quds Al-Arabi

«هيومن رايتس ووتش» ترصد انتهاكات الجيش المصري في سيناء

أشارت في تقرير إلى هدم منازل وتجريف أراض زراعية

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

أقدمت الســلطات المصرية على هــدم 12 ألفا و350 مبنى، إضافة إلــى 700 كوخ وتجريف 6 آلاف هكتــار من الأراضي الزراعية، في إطار الصراع المســلح في محافظة شمال سيناء بين الجيش المصري ومسلحين تابعين لتنظيم «ولاية سيناء» بين عامي 2013 و2020 حسب ما كشف تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس الأربعاء.

وقالت المنظمــة في التقريــر الذي حمل عنــوان «مصر: عمليات الهدم الواســعة في ســيناء جرائم حرب محتملة» إن عمليــات الهدم للمنــازل هي انتهــاكات للقانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، وتشــكل، على الأرجح، جرائم حرب.

ووثقت تدمير الجيش بين عامي 2013 و2020 ما لا يقل عن 12 ألفا و350 مبنى، معظمها منــازل، كان أحدث جولاتها في منطقة العريش. كما جرف الجيش، وأفســد، ومنع الوصول إلــى ما لا يقــل عن 6 آلاف هكتــار )نحــو 14.300 فدان( من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف عام 2016.

وحســب التقرير، لم تقدم الحكومة معلومات كافية بشأن الهدم، بخلاف المزاعم في وسائل الإعلام بأن عمليات الإخلاء والهدم كانت ضرورية للأمن في القتال طويل الأمد مع جماعة «ولاية سيناء» المسلحة، وهي جماعة محلية مرتبطة بتنظيم «الدولة الإســامية» ومســؤولة عن هجمات ضــد أهداف عسكرية ومدنيين.

«عقلية رسمية مسيئة»

جو ستورك، نائب مدير الشــرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة قال: «على مدى الســنوات الســبع الماضية طرد الجيش المصري في شمال سيناء بشكل غير قانوني عشرات آلاف السكان، ودمر منازلهم ومزارعهم وسُبل معاشهم.»

وزاد: «تعكــس عمليــات الهدم والإخلاء عقلية رســمية مسيئة لا تهتم بعافية وسلامة سكان سيناء، وهو أمر أساسي لأمــن المنطقــة واســتقرار­ها». وطالب الســلطات المصرية بـ«إنهــاء عمليات الإخــاء والهدم التعســفية، والتعجيل بالتعويض العادل والشــفاف لكل شخص مستحق، وتقديم ضمانات بأن الســكان المهجرين يمكنهم العودة إلى ديارهم في أقرب وقت، وفور أن يكون ذلك ممكنا.»

إنشاء منطقة عازلة

وتبعاً للتقرير، منذ أواخر عام 2017 هدم الجيش ممتلكات لإنشــاء منطقة عازلة في مدينة العريش واســتكمال منطقة أخــرى في رفح، كما دمــر مئات المنازل خــارج هذه المناطق العازلــة، واســتمرت أغلــب عمليــات الهــدم دون تحديد إحداثيات المناطق المراد هدمها رســميا، ودون إبداء أسباب تفصيلية محددة، ودون وضع عملية تعويض عادلة. غالبية العائلات التــي أُجليت منذ أواخر 2017 وكذلك المئات ـ وعلى الأرجح الآلاف ـ من العائلات التي هُدمت ممتلكاتها منذ 2013 لــم تحصل بعد على تعويض، ولم تقــدم الحكومة أي خطط واضحة حول موعد عودة الســكان المهجرين إلى ديارهم، أو تشير إلى ما إذا كانت لديها النية في ذلك.

ووثقــت «رايتس ووتش » فــي 2015 و2018 عمليات هدم واسعة للمنازل في شــمال سيناء بدأت من 2013 حتى أوائل 2018 كان الجيش يجلي بشــكل أساســي قاطنــي المناطق الســكنية في مدينــة رفح وحولهــا، على الحــدود مع غزة وإسرائيل.

وتناول التقرير عشــرات صور الأقمــار الصناعية عالية الدقة المتسلسلة زمنيا، التقطت بين 4 ديسمبر/ كانون الأول 2017 و1 يوليو/تمــوز 2020 وتبين أنه خلال تلك الفترة هدم الجيش حوالى 4 آلاف مبنى في مدينــة العريش ومحيطها، بشــكل رئيســي لبناء منطقة عازلة تحيط بمطــار العريش جنــوب المدينة، الــذي كان مدنيــا، ويســتخدم منذ 2013 لأغراض عسكرية.

ووفــق المنظمــة تظهر صــور حديثة للأقمــار الصناعية التقطت في ديســمبر/كانون الأول 2020 اســتمرار عمليات الهــدم في منطقة رفــح. ويبدو أن معظم المبانــي المهدمة في العريش كانت منــازل أو مباني تجارية، ودُمر حوالى 3.500

منها في عــام 2018 وحده، بعد أن قــال الرئيس عبد الفتاح السيسي إنه سيستخدم «عنفا شديدا وقوة غاشمة حقيقية» في سيناء بعد هجوم مســلح على المطار في ديسمبر/ كانون الأول 2017. فبعدها صعد الجيش عملياته، بما في ذلك فرض قيود صارمة علــى الحركة دفعت بآلاف الســكان إلى حافة أزمة إنسانية بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2018. وفي وقت سابق، ربما منذ 2014، هدم الجيش حوالى 1.500 مبنى آخر في العريش.

وأظهر تحليل «رايتس ووتــش» لصور الأقمار الصناعية أن مــن بين حوالى 5 ألاف و500 مبنى هُــدم في العريش منذ 2014، كان هنــاك أكثر من ألفي مبنى خــارج النطاق الأمني المحيط في المطار.

ونقلت المنظمة عن شــهود عيان قولهــم إن الجيش يهدم منــازل أعضاء مشــتبه بهم فــي «ولاية ســيناء» أو منازل أقاربهم.

700 كوخ

وزاد التقرير: كما دمر الجيش بين ديســمبر/ كانون الأول 2017 ويوليــو/ تموز 2020 نحو 700 كوخ )عِشّــة أو ســكن مؤقت( داخل منطقــة العريش العازلة، وعشــرات الأكواخ خارجها.

وتابــع: وجد تحليل صــور الأقمــار الصناعية الأخرى المســجلة بين أغســطس/ آب 2013 وأغســطس/ آب 2020 بالإضافة إلى شــهادة الأهالي، أن جميــع الأراضي الزراعية تقريبا داخــل المنطقة العازلــة حول المطــار، حوالى 1.800 هكتار، جُرفت، بالإضافة إلى 800 هكتار من الأراضي الزراعية في مدينة العريــش وما حولها، معظمها بين أغســطس/آب 2016 وأغسطس/آب 2019. وبناء على تحليل الصور، جرف الجيش أيضــا 3.500 هكتار من الأراضــي الزراعية في رفح ومحيطها، خاصة بين أغســطس/آب 2016 وأغســطس/آب .2019

وأوضح التقريــر أن عمليات الهدم التــي نفذها الجيش المصري في ســيناء بدأت مع اشــتداد الصراع أواخر 2013 وتصاعــده في أكتوبر/ تشــرين الأول 2014، عندما أصدرت الحكومة قــرارا بإخلاء الســكان مــن منطقة عازلــة تبلغ مســاحتها 79 كيلومترا مربعا، شــملت مدينة رفح بأكملها، حيث كان يعيش أكثر من 70 ألف شخص، ونص القرار وقتها على أنه يجب إخلاء وعزل تلك المنطقة، لكنه لم يذكر أسبابا أو يتطرق إلى عمليات الهدم.

نزوح 100 ألف شخص

وقدرت «رايتس ووتش» أن أكثر من 100 ألف من ســكان شمال سيناء البالغ عددهم 450 ألفا نزحوا أو غادروا المنطقة منذ 2013 نتيجة هدم المنازل وهروبا من القتال المتصاعد.

وزاد التقرير: لا يزال بعض العائلات النازحة موجودا في شمال سيناء، ونزحت أكثر من مرة، ولجأ آخرون إلى أماكن أخرى في مصر، وفي كثير من الحالات دون مساعدة تذكر من الحكومة في العثور على سكن أو وظائف بديلة.

ولفت إلى قاعدة بيانات رســمية مسربة تتضمن قائمة بـ 10.468 أســرة )حوالى 41 ألف فرد( نزحت من رفح والشيخ زويد المجاورة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2018 وبقيت داخل سيناء، معظمها في العريش وبئر العبد.

تصريحات متناقضة

وحســب التقريــر، كانــت التصريحات الرســمية حول المناطق التي ســيتم إخلاؤها مــن الســكان متناقضة، مما يعكس العشوائية، والتعســف، وغياب التواصل المناسب. مثلا، زعمت الحكومة في بيان رسمي نادر في سبتمبر/أيلول 2015 أن عمليات إخلاء رفح كانت لحماية أرواح المدنيين، لكن المســؤولي­ن لم يكرروا مثل هذه الادعاءات في وقت ســابق، عندما كان الســبب المعلن يركــز على تدميــر الأنفاق. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 قال السيسي مرة أخرى إن إخلاء رفح كان يهدف إلى التخلص من الأنفاق.

وبينــت المنظمة أن تمدد عمليات الإخلاء والهدم واســعة النطاق غربي رفح، بالتوازي مع قيام المســلحين بتوســيع معاقلهم، يعكس التفســير الفضفاض للأمن ـ كمبرر للتهجير والهــدم ـ الذي يتبعه الجيش المصــري والذي يتعارض مع القيود التي تفرضها قوانين الحرب، وهكذا تبرر قوات الأمن عمليات الإخلاء والهدم واسعة النطاق في القرى والبلدات، التي يواجه فيها الجيش هجمات الجماعات المســلحة بشكل متكــرر دون الالتــزام بقيــود القانون الدولــي فيما يتعلق بوجود «ضرورة عســكرية حتمية» وشــمل ذلك هدم مئات المنازل خارج المنطقة العازلة المعلنة في رفح والشــيخ زويد دون إبداء الأسباب.

ولفتت التقرير إلــى أن الحكومة المصريــة ترفض الرأي القائل إن الوضع في شمالي ســيناء يرقى إلى صراع مسلح يخضع لقوانين الحرب، رغم أن الدلائل تشــير إلى ذلك. ومع ذلك، فــإن القانون الدولي لحقوق الإنســان يُطبق في كافة الأوقات، في الســلم أو الحرب، ويضمن الحماية القوية من الإخلاء، والتشريد، ونزع الملكية بشكل قسري.

 ??  ?? قوات مصرية في سيناء
قوات مصرية في سيناء

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom