Al-Quds Al-Arabi

متى تلجأ إسرائيل إلى «بدالة» الأسد لتفعيل الخط الساخن بينها وبين روسيا؟

بعد عقد من «الربيع السوري» ولتنحية إيران وتركيا جانباً...

- إسحق ليفانون

بعد وقــت قصير من نشــوب التمرد في درعا جنوبي سوريا قبل عشر سنوات، تنبأت الاستخبارا­ت غربية برحيل الرئيس بشار الأسد من كرســي الحكم في غضون فترة زمنيــة قصيرة. وأعطى مســؤولون كبار في إســرائيل بضعة أسابيع في أقصى الأحوال إلى أن يجتمع أمتعته ويسافر إلى طهران لقضاء ما تبقى له من عمر. بعد عقد من هذه النبوءات، لا يزال الأســد معنا حياً يرزق.

الكثير من الدروس يمكن اســتخلاصه­ا مما سمي الربيع العربي السوري. كان هنا إخفاق اســتخباري لم يقــدر الوضع على نحو سليم. وثمة استخبارات تحلل الوضع وفقاً للتطورات علــى الأرض تميل تفويت التقدير الدقيق. بالمقابل، فإن استخبارات تحلل التيارات التحــت أرضية تميل لفهم الواقع بشــكل أفضــل. إن فشــل الرئيس أوبامــا في اســتعراض القــوة والتصميم تجاه استخدام الأســد للسلاح الكيميائي، حسب الشــهادات والتقارير المختلفة، فتح كوة واســعة لدخول روســيا إلى الساحة الســورية. موســكو، التي تطلعــت دوماً للوصول إلــى «المياه الدافئــة» في البحر المتوســط، رأت الطريــق أمامهــا معبدة. وينشأ انطباع بأنها لا تعتزم المغادرة قريباً.

قــررت إســرائيل الإبقاء على مســافة عما يحصل لدى الجــارة، ولكن ليس لزمن طويل. فالدافــع الإنســاني أدى بها لمد يد المســاعدة الطبيــة الســخية للمحتاجين الســوريين الذين قاتلوا ضد الأســد. وثمة درس آخــر وهو تعــزز قوة «حــزب ا»لله في لبنان وتموضع إيران في ســوريا. وقد جلبنا هذا إلى مواجهة عســكرية مباشــرة

مع ســوريا وإيران و«حزب الله». وهناك درس آخر وهو أن الأسرة الدولية ترى في الأسد الحل، وليس المشكلة. فقد سلمت بأن المطالبة برحيله ليســت واقعية. عقد على التمــرد ونحن في وضع أســوأ مما كان. لا يبدو أن حلاً ما في الأفق، وإمكانية الأعمال العدائية كبيرة. يســيطر الأسد اليوم على ثلثــي بلاده بعــد أن صد أعــداءه بمعونة «حزب الله» وإيــران والروس، وهو مدين لهــم، ولا حل للأزمة من دونهــم. لقد تنازل الأســد عملياً عن الســيطرة على الحدود الســورية. وقرابة 20 فــي المئة من الحدود البريــة والبحرية تســيطر عليهــا جهات أجنبية. رغم هذا، فإن ســيطرة الأسد على باقي ســوريا تتيح له البقاء لفترة طويلة. لقد نشأت مناطق نفوذ بحكم الأمر الواقع، واســتقرار نســبي بحكــم الأمــر الواقع،

ووجود أجنبــي على الأراضي الســورية بحكم الأمــر الواقع، وانعــدام حل للأزمة بحكم الأمر الواقع.

بخلاف كل باقي اللاعبين، فإن لإسرائيل اعتبــارات خاصــة. وباســتثنا­ء الوجود الروســي، فإن كل باقي اللاعبين في سوريا معادون لإســرائيل. وعليه، فإن ســلوكها يجــب أن يكون خاصاً؛ هجمات عســكرية فقط. مــع إمكانية دبلوماســي­ة في قنوات هادئة. موســكو هي الأفضل في ذلك، فهي لا تريد إيــران و»حزب اللــه» أو تركيا في ســوريا، إنما تريد أن تكون وحيدة هناك. مــن العجيــب أن نــرى كم هــي المصلحة الروســية تتطابق والمصلحة الإسرائيلي­ة. الخط الســاخن بين القدس وموسكو قائم. فهيا نستخدمه.

معاريف 2021/3/17

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom