Al-Quds Al-Arabi

كيف سيردّ بوتين على هجوم بايدن؟

-

■ بالتوازي مع صدور تقرير اســتخبارا­تي أمريكي يؤكد تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيــرة، وبدء عقوبات أمريكية جديدة على موســكو اليوم، قــام الرئيس الأمريكي جو بايــدن بتصعيد غير مســبوق تجاه نظيره الروســي فلاديمير بوتين، حيث وصفه بالقاتل مهددا بأن الرئيس الروســي «ســيدفع ثمن تدخله في الانتخابات.»

بعد صــدور تصريــح عــن الكرملــن بأنه يتحــوّط من عقوبــات أمريكيــة محتملة، جــاء ردّ فعل قــويّ من رئيس مجلس الدوما الروسي اعتبر مهاجمة بايدن لبوتين إهانة للمواطنين الروس وبأنها «هستيريا ناجمة عن العجز.»

متابعــة أفعــال بوتين منــذ تولّيه الحكم عــام 2000 تكشــف أن الرئيس الروسي ســيعتبر هذا التوصيف تحدّيا شخصيا له، مما سيدفعه للتحرك، ليس بالطرق الدبلوماسـ­ـية المتعارف عليها فحســب، أو باستخدام طرق «الحرب البــاردة» وخبرات المخابرات الروســيّة اللاحقــة، مــن التجســس التقليــدي والاســتهد­اف الالكترونـ­ـي وإدارة عمليــات القرصنــة الموجهــة سياســيا، وباغتيــال المعارضين الروس فــي الخارج، بل أيضا بالاســتمر­ار، من دون هوادة، في التدخّل في الانتخابات الأمريكية وغير الأمريكية.

المتوقع، حســب المنظور المعتاد لبوتين هو إثبات أنه لا يقبل تلقّي صفعة علــى الخد من دون رد، وتأكيد أن العقوبات لا تنفع مع روسيا، أكبر دول العالم مساحة، والدولــة التي تمتلــك الفيتو في الأمم المتحــدة، والتي تتحــرّك عبــر العالــم عبر صفقــات ســاحها ووجود مرتزقتهــا من «شــركة فاغنــر» كما أنها ســتردّ أيضا في الداخل الروســي، باســتمرار­ها في التضييق على شبكات المجتمع المدني ومواجهة أي حركات معارضة سياســية، والــذي كان آخــر أمثلتــه اعتقال أليكســي نافالنــي منذ وصولــه عائدا إلى موســكو، ومحاكمته والزج به في واحد من أسوأ السجون الروسية.

إحــدى أهــم أشــكال التــوازن والتهديــد التــي يســتخدمها بوتين لإظهار جبروت بلاده هي الســاح النووي، فروســيا لديها أكبر مخزون في العالم، حيث يقدّر عدد أســلحتها النووية بســبعة آلاف سلاح، في مقابل 6780 ســاحا نوويا أمريكيا، وجدير بالذكر أن موســكو علّقت التزامها باتفاقية الصواريخ المتوسطة القادرة على حمل رؤوس نووية، بعد إعلان واشــنطن نيتها نشر هذه الصواريخ في آسيا والمحيط الهادي.

مــن اللافت للنظــر، في هذا الســياق، صــدور قرار عن رئيس الــوزراء بريطانيا )أوثق حلفاء واشــنطن( الثلاثــاء الماضــي، برفــع ســقف الــرؤوس الحربيــة النووية التي تمتلكها بلاده بنســبة 40٪، وقد جاء في تبرير القرار إنه يســتند إلى «مجموعة مــن التهديدات التكنولوجي­ــة والعقائدية المتزايدة، وجاءت أول ردود الفعل الدولية من الخارجية الروســية التي اعلن نائب وزيرهــا إن قــرار لنــدن «هدام مــن وجهة نظــر تعزيز الاستقرار العالمي» والمقصود الفعلي من هذا القول إنه سيشكل تهديدا لتوازن الرعب بين موسكو وواشنطن.

لا تنفصــل هــذه التصريحــا­ت والقــرارا­ت وردود الفعــل إذن علــى أمريكا وروســيا، فهي تفسّــر أيضاً مجموعــة مــن الأحــداث التــي تجــري حاليــا، ومنها تصريح وزير الدفاع الأمريكي الجديد لويد أوستن إنه في حين كانت الولايات المتحدة منشغلة بالتركيز على قضايا الشــرق الأوســط )المقصود طبعا أفغانســتا­ن والعــراق... وســوريا إلــى حد أقــل) «قامــت الصين بتحديث جيشها».

ذكر «الشــرق الأوســط» في هــذا الســياق، يعني، علــى الأغلب، أن إدارة بايدن ستســتكمل المبادرة التي بدأهــا بــاراك أوبامــا بالتركيز على الصين وروســيا، وأن قضايا العرب، باعتبارهم جزءا من ذلك «الشــرق الأوســط» ســتحظى بأهميــة أقــل، فيمــا الجبابــرة يتصارعون.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom