تساؤلات عن الرسائل التي تحملها مناورات عسكرية موريتانية تختتم اليوم
هل لها علاقة بطبول الحرب التي تدقها جبهة بوليساريو منذ أشهر؟
تكثــر التســاؤلات بــن عــدد مــن مراقبــي الشــأن المغاربــي، هــذه الأيــام، عــن الرســائل التــي تحملهــا المناورات العسكرية الموسعة التي ينهيها اليوم الجيش الموريتانــي في منطقة تيرس زمــور، المحاذية للصحراء الغربية.
فهل هــي إظهار للقوة العســكرية وللمهارات الفائقة ولتنــوع وحداثة التجهيزات والمعدات العســكرية التي استطاعت موريتانيا اكتسابها في السنوات الأخيرة؟
أم هــي رســالة موجهــة للمغاربــة وللجزائريــن والصحراويــن بــأن يأخــذوا حذرهــم: فموريتانيا لم تعــد الحلقة الضعيفــة في مثلث الصــراع المغاربي على الصحــراء، بل إنهــا أصبحت القــوة التي يحســب لها حســابها في الحرب إذا هي فرضت، وفي السلم إذا ما تقرر ووجب؟
ومع الإجماع على أن هــذه المناورات تحمل في طيها كل مــا ذكر، فإن مراقبي الشــأن المغاربــي يربطون في تحليلاتهــم بــن هــذه المنــاورات وطبول الحــرب التي تدقها جبهة بوليساريو منذ أشهر.
وأعلــن الجيش الموريتاني أن "مناورته العســكرية ستنفذ تحت اســم "زمور2"، في إطار تعزيز القدرات الدفاعيــة والهجوميــة للجيــش الوطنــي ومواءمــة وســائله البشــرية والمادية، بمــا يمكنها مــن مواكبة التطــورات المتســارعة التي تشــهدها أنمــاط القتال ووســائل الحرب، كمــا توفر فرصــة لتنفيذ وتطبيق مختلف أســاليب القتــال النمطية والــا نمطية، بغية الرفــع مــن مســتوى التنســيق والأداء بــن القوات الجوية والوحدات البرية".
"وتهدف "زمــور2" بالإضافة إلى ذلك، حســب بيان الجيــش الموريتاني، إلى الرفع من المســتوى العملياتي للقوات البرية والجوية وتعزيز قدرات القادة في مجال التخطيط والحصول على تقييم دقيق حول مدى تنفيذ المهام".
"إن نجاح الجيش الوطني في حماية الحوزة الترابية
للوطــن، وقدرته علــى تحييد خطر جماعــات الجريمة المنظمة، يحتم عليه باســتمرار تطويــر قدراته الردعية والرفــع مــن الجاهزيــة للتعامــل مــع مختلــف أنواع التهديد".
ويرى موقع "خبر المغرب" المتخصص في بث أخبار المغرب، أن" مناورات موريتانيا العسكرية مهمة لوضع حــد لمغامــرات البوليســاريو: فالتحــدي الأمني الذي تفرضه جبهة البوليســاريو اليائســة هو السبب وراء هذه المناورات".
وأضاف الموقــع: "إن اختيار المنطقة التي ســتجرى فيها هذه المناورات ليس مجرد صدفة، لأن الأمر يتعلق
بالحــدود مــع الجزائــر والمنطقــة العازلــة للصحراء، فــي المنطقة الشــمالية الغربية من تيــرس زمور، حيث مناجم مهمة للحديد. وبصــرف النظر عن هذا الجانب الاقتصادي الاســتراتيجي، فإن الســياق الذي تجري فيه هذه المناورات يرتبط بشــكل جلــي بنقطة التحول الحاســمة التي اتخذتها قضية الصحــراء منذ خريف عام 2020، بالتدخل العسكري للقوات المسلحة الملكية فــي معبــر الكركرات، ثــم اعتــراف الولايــات المتحدة بمغربيــة الصحــراء، وهو وضــع جعل البوليســاريو تشكل تهديداً حقيقياً لمصالح موريتانيا".
وربــط بخــاري محمــد مؤمل، وهــو عقيــد متقاعد
فــي الجيــش الموريتانــي، بــن هــذه المنــاورات ومــا شــهدته المنطقة من تطورات قبل أشــهر إثر قيام جبهة بوليســاريو بإغلاق معبر الكركــرات الحدودي وقيام الجيش المغربي بإعادة فتحه بالقوة.
وأكد إســماعيل يعقوب، الخبير الموريتاني المختص في الشــأن المغاربي، أن "مناورة مارس 2021 )زمور2) هي أهم تمرين عســكري في تاريخ الجيش الموريتاني، وأهــم ما فيه أنــه ينفذ بالذخيرة الحية وســتتمثل فيه سلسلة القيادة من رأسها إلى نهايتها".
وقال: "لأول مرة يجري اســتخدام معظم تشكيلات الأجهــزة الإلكترونيــة المتوفــرة عنــد جيــوش العالم؛ خصوصــاً مواءمــة الإشــارة القادمــة مــن الجــو إلى الأرض وسرعة قراءتها والتجاوب معها".
وأضــاف الخبير: "جيــوش اليوم لم تعــد كجيوش الأمس، ومحددات النصر في المعركة تغيرت بتســارع؛ حتى صار لواء من الطيران المسير أهم من عشرة ألوية من المشاة وسربين من الطائرات المقاتلة".
وزاد: "إن اعتمــد الجيــش الموريتاني مســتقبلاً على التكنولوجيــا وحملــة العلم وزاد من كفــاءات العنصر البشري؛ وغير من مناهج الأكاديميات الحربية بشكل جذري؛ حتى تتحول دروس فنون القتال عبر الأشجار إلى دروس صناعة المناظير الليلية وأجهزة الاستشعار الحــراري، فــإن العقــد القادم ســيكون عقــد الجندي الموريتاني المتعلم والمهني والقوي والمنافس".
واعتبــر المــدون الموريتاني النشــط محمــد يعقوب، أن "حالة الاســتنفار الناجمة عن المناورات العســكرية الحاليــة مكلفة وكفيلــة بإنهاك البلاد اذا ما اســتمرت لوقــت طويل: فما الــذي يرغم نظام غزوانــي على هذا التصعيــد فــي ظــروف الجائحــة وتدنــي المؤشــرات الاقتصادية، والاحتقان الداخلي؟".
وقــال: "الــكل يعــرف أن هنــاك حربــاً قادمــة بين الـــمغرب وجبهة بوليساريو، والجزائر بصفتها طرفاً داعمــاً، هــذه الحرب اســتعدت لها الجزائــر في العلن حيث قامــت بإعادة هيكلــة شـــاملة لقواتها وتحولت إلى طريقة المناطق الـــعسكرية، وتم بنــاء قبة حديدية افـــتراضية على عمــوم الـــجزائر عن طريــق منظومة S400، كما تم وضع قـــمر صناعي عـــسكري روســي تحت إشـراف الـجيش الجزائري".
"خـــاصة القــول، يضيــف محمــد يعقــوب، أن الـــمناورات هــي رســالة سياســية أكثر منها عـــملية عســكرية، وهنــاك تحالــف غير معلــن بــن موريتانيا والمغرب بهدف إجهاض أي محاولات جزائرية لفرض معادلة جديدة في المنطقة".
وأضــاف: "موريتانيــا ترفــض اشـــتعال الجبهــة الـــشمالية نتيجة لوجود شركة "اسنيم" المختصة في تصديــر خامات الحديــد ومدينــة نواذيبــو العاصمة الاقتصاديــة، علــى خــط التمــاس، فهــذان الرافــدان يشكلان 65٪ من الدخل القومي للبلد".