Al-Quds Al-Arabi

المغرب: تواصل الاحتجاج على اعتماد العنف في تفريق المدرسين المطالبين بالإدماج في الوظيفة العمومية

- الرباط ـ «القدس العربي»:

احتجت هيئات سياسية ومدنية مغربية على تعنيف المدرّســن المتظاهريـ­ـن فــي الربــاط خــال مطالبتهــم بالإدمــاج فــي الوظيفــة العموميــة. وأكــدت أنــه مــن الضروري اعتماد الحوار معهم عوض اســتعمال القوة بشكل مفرط من أجل منعهم من تنظيم وقفتهم السلمية.

واحتــج حقوقيــون ونشــطاء فــي مواقــع التواصل الاجتماعــ­ي على العنــف الذي مورس فــي حق عدد من نســاء ورجال التعليم، أثناء فض تجمعاتهم في شوارع الربــاط، لا ســيما مشــاركة عــدد مــن أعوان الســلطة، وأشخاص بلباس مدني في العملية.

وطالــب حــزب "التقــدم والاشــترا­كية" المعــارض، أول أمــس الخميــس، بعقــد اجتمــاع للجنــة الداخليــة والجماعــا­ت الترابيــة والســكنى وسياســة المدينــة، فــي أقرب الآجــال، بحضور عبــد الوافي لفتيــت، وزير الداخلية، لمناقشة قضية "تعنيف المدرسين". ويأتي ذلك بعــد أن وجهت عائشــة لبلق، رئيس المجموعــة النيابية للحــزب المذكــور في مجلس النــواب، طلبــاً مكتوباً إلى رئيس لجنة الداخلية.

في ســياق متصل، أعلنــت الســلطات القضائية في الرباط عن توقيف شخص ظهر في مقاطع فيديو بلباس مدنــي، وهــو يعنّف المدرســن المتظاهرين فــي الرباط، الأربعــاء المنصــرم. وكان الادعــاء العــام فــي محكمــة العاصمة قــد أصدر أمراً بإجراء بحث مــن أجل اعتقال المشــتبه فيه على ذمــة التحقيق وتحديــد التهم الموجهة إليه والعقوبات المترتبة عن ذلك.

وكانــت أعداد غفيرة من المدرســن قــد توافدت على الرباط من مدن مختلفة، اســتجابة للنــداء الذي أطلقته "التنســيقي­ة الوطنيــة للمدرســن الذيــن فــرض عليهم التعاقــد"، للاحتجــاج، خــال اليومين الماضيــن، لكن ســلطات العاصمة قررت منع التظاهــرة بالقوة؛ ما نتج عنــه احتــكاكات عنيفــة، وإصابــات عدة فــي صفوف المحتجين. وتداول نشــطاء مواقع التواصل الاجتماعي أشــرطة فيديــو توثــق مشــاركة مدنيــن فــي تفريــق مظاهرات الأساتذة المتعاقدين.

وعبّر مصطفــى الرميد، وزير الدولــة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، عن إدانته لمشاركة أحد المدنيين في تفريق مظاهرات المدرسين المتعاقدين، وهي العمل الذي أثار إدانة واســعة في الأوساط الحقوقية، بعد تداول صور، ومقاطع فيديو بشأنها.

وقــال نبيــل بنعبــد اللــه، أمين عــام حــزب "التقدم والاشــترا­كية" المعارض، إن حزبه يتابــع باهتمام بالغ وبقلق كبيــر الحركة المطلبيــة التي ينظمها المدرســون المتعاقدون وفئات تعليمية أخرى.

ودعا في فيديو نشــره على فيســبوك الحكومة إلى اعتمــاد الحوار الجدي مــع المدرســن المتعاقدين، وأن تجد حلولاً لهذه الفئة التعليمية الأساسية لنجاح مسار الإصلاح التعليمي الناجح. وأكد أن الإصلاح التعليمي لا يمكــن أن ينجح دون انخــراط الموارد البشــرية لهذا القطاع، مضيفاً: "عوض ذلك مع الأســف رأينا مشاهد وممارســات العنــف والهجــوم علــى المتظاهريـ­ـن مع الأســاتذة". وشــدد على أن التعنيف لا يمت بصلة لأي روح ديمقراطيــ­ة، ولا للحــوار الــذي يجــب أن تنهجــه الحكومة مع المعنيين بموضــوع التعاقد. وجدد تأكيده على أنه لا وجود لطريق آخر لحل هذا الملف غير الحوار، مؤكداً على ضــرورة احترام كرامة النــاس عند مقاربة جميع المطالب الاجتماعية المعبر عنها، على أســاس أن يمتثل الجميع للقانون وللضوابط ذات الصلة.

وعبّــر قطــاع التربية والتكويــن في جماعــة "العدل والإحســان" المحظورة من طرف الســلطات عن موقفه مــن الموضوع، حيث قــال إن الرهان على كســر الإرادة النضاليــة وتشــتيت الصــف التعليمي، لــن يفضي إلا إلــى مزيد مــن الاحتقان وتــردي الأوضــاع التعليمية، ولــن يزيد المناضلــن إلا إصراراً على انتــزاع حقوقهم المســلوبة، وإيماناً بضــرورة الالتحــام الكامل لتحقيق المطالب كاملة.

وأعرب فــي بيان تضامنــي عن غضبه من "بشــاعة مظاهر التنكيل والتعنيف وأشــكال الإهانات والإذلال التي تعرض لها ثلة من رجال ونســاء التربية والتعليم بمختلف فئاتهم، على إثر تنزيلهم لبرنامجهم النضالي المشــروع، وخوضهم لأشــكال احتجاجية ســلمية في مدينة الرباط". وأدان الاستمرار في الاستهانة بالحراك التعليمي والتمادي في سياســات الترهيب والمماطلة، وتكثيف أســاليب التعنيف والتنكيــل والإهانة، والتي وصلت حد التحرش الجنسي بالمدرسات.

وأكــدت "العــدل والإحســان" رفضهــا للتوظيــف الجهــوي، مطالبــة بإدمــاج المدرســن الذيــن فُــرض عليهم التعاقد بســلك الوظيفة العموميــة، مع تحميلها الدولــة وأجهزتهــا ومؤسســاته­ا المســؤولي­ة الكاملة عن الأوضــاع الكارثية التي يتخبط فيهــا قطاع التربية والتعليم. وشــدد البيــان على "رفض المقاربــة القمعية وسياســات الالتفــاف والمماطلــ­ة في معالجــة الملفات المطلبيــة العالقــة"، داعيــاً النقابــات والتنســيق­يات التعليميــ­ة لتأســيس "جبهة موحــدة لتحقيــق مطالب الشغيلة التعليمية".

كمــا طالــب المكتب السياســي "للحزب الاشــتراك­ي الموحد" بفتح تحقيق "مســؤول" حول الاعتداءات على المدرســن والممارسات غير المســبوقة كإخراج المعنيين من الفنادق التي حجزوها وإبعادهم، وكذا "السلوكات الرعنــاء لبعــض عناصــر الأمــن المتمثلة فــي التحرش اللفظي والجسدي على المدرّســات، وذلك لضمان عدم إفــات الجناة من العقاب وعدم تكــرار ما جرى". وعبر الحزب، فــي بيــان له، عــن "إدانتــه الشــديدة لمواجهة المسيرة السلمية للأساتذة بالعنف والقمع وبممارسات سلطوية غير مسبوقة خارجة عن القانون".

واعتبر البيان الذي أورده موقع "الأول" أن السلطات قامــت بممارســات "غيــر مســبوقة"، مثل "منع بعض المدرســن من الســفر، واعتقال آخريــن، وإخراج عديد منهــم مــن غــرف حجزوهــا ليلــة وقفتهــم النضالية، وإخراجهــم منهــا وإبعادهــم وتوقيــف المدرســن في كل الطــرق المؤدية للرباط، وإغــاق كل المنافذ لوصول المحتجين لمكان انطلاق المسيرة بهدف إفشالها".

واســتطرد قائلاً إن الحكومة اختــارت إلغاء الحركة النقابية المناضلة، ولجأت إلى "الحظــر العملي عليها"، وهو "إعلان صريح لغياب وتغييب أي إرادة سياســية لــزرع بــذرة الثقة بين الدولــة والمجتمع، لتفــادي تفجر الأوضــاع، مما ســيبقي على خيــار وحيــد هو خوض المعــارك والنضــالا­ت دفاعــاً عــن الحقــوق والحريات ومواصلة حراكه وبكل دينامياته".

وشدد المصدر نفســه على ضرورة القطع مع وصفه بـ"أســلوب القمــع"، وتأمــن "خطــوة حقيقيــة للحوار والاســتجا­بة للمطالب المشــروعة، دفاعاً عن المدرسين وعــن التعليــم العمومي، للتقدم نحــو إحداث مصالحة تاريخيــة مــع الجهــات المهمشــة والفئــات المقصيــة، منطلقها المبدئي إطلاق ســراح معتقلي الحراك الشعبي بالريــف وكل المعتقلــن السياســيي­ن والصحافيــ­ن والمدونــن وطــي صفحــة انتهــاكات حقوق الإنســان وإصــاح المدرســة العموميــة وتوظيف المدرســن في إطــار الوظيفة العموميــة". واعتبر أن "الســبيل الوحيد للنهوض بقطــاع التعليــم والتربية الوطنيــة ودمقرطة القطــاع هو توحيــد نضــالات جميع الفاعلــن المعنيين وربطهــا بنضالات الشــعب المغربي من أجــل دمقرطة الدولة والمجتمع".

 ??  ?? جانب من تظاهرة للمعلمين في المغرب )أرشيفية(
جانب من تظاهرة للمعلمين في المغرب )أرشيفية(

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom